أفتتاحيه العدد / زينب (عليها السلام) وصدمة الوعي الجمعي
للقارئ عن حياة السيدة زينب (عليها السلام) أن يسأل أيُّ همّة وعزم تنطوي عليها نفسها؟!، وأيّ فرادة في الأسلوب والفصاحة والتجلي في أصعب المواقف وأكثرها ندرة في التاريخ.
أرى كثيراً من الأوصاف التي وسموها بها المريدون لمدرستها الرافدة لكل معاني الإباء والعزة والشجاعة، وآخرها المعرفة التي قصدت أن أجعلها أخيرة، كيما أفصل فيها القول مع أن المقام يضيق للتفصيل في معرفة ظاهرة وخفية فالمعرفة الظاهرة هي المؤازرة بالقول والفعل لأخيها أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، ويظهر ذلك من خلال اللغة الحجاجية التي تسعى لترسيخ الحق بعد أن مرق عنه أقوام من الذين يحملون صبغة الإسلام، ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم.
وقد نجحت تلك اللغة الحجاجية في إحداث صدمة في الوعي الجمعي الغافل عن تقصي الحقيقة في ظل الآلة الإعلامية الغاشمة لمؤسسة السلطة الأموية آنذاك.
أما الجانب الخفي من المعرفة فيتجلى في موقفها العجيب حينما كانت بقرب جسد أخيها الشهيد الحسين (عليه السلام)، مع محبتها العميقة له وحزنها الشديد على فراقه، لكنها تحدثت بحديث يشير إلى معرفتها بالحكمة الغائية من هذا الركب الحسيني الوحيد في تاريخ الإنسانية؛ حينما قالت موجهة خطابها للخالق عزّ وجلّ ((اللهم تقبل منّا هذا القربان))، ففي هذه الكلمة تتجلى كل معاني المعرفة لهذه المرأة الطاهرة العارفة سليلة الدوحة العلوية الفاطمية.