حكاية الطفلة أسيل

30-12-2018
طارق الغانمي
حكاية الطفلة أسيل
مع المولى أبي الفضل العبّاس عليه السلام ورحلة الشفاء الرباني طفلة بعمر رقية بنت الإمام الحسين عليها السلام في سنواتها الأربع، روحها ترسو على شاطئ العشق الحسيني، بغية نيل المطالب من طريق المعجزات... إنها أسيل السيد، طفلة لبنانية من بنت جبيل، أتت تسير على دربٍ لم يقدر لرقية عليها السلام التي خطفتها المنية في خربة الشام أن تعاود المسير عليه في رحلة العودة. كانت واحدة من بين الزائرين الوافدين سيراً إلى كربلاء في هذا العام، لكنها لم تسرِ على قدميها، بل كانت محمولة على الأكتاف تارة، وعلى عربة تارة أخرى؛ بسبب الشلل الدماغي الولادي التام.وبعد أن عجز الأطباء عن مداواة قدميها ويديها المشلولتين، باتت زيارة الحبيب الطبيب أكثر إلحاحاً، فما يُرجى منه لا يُدرك من أحد غيره، هن أيامٌ ثلاثة قضتها على طريق (يا حسين) نحو كربلاء القدس في زيارة الأربعين 1438هـ، حيث كانت برفقة والدتها، ومجموعة من الأهل والأقارب، متعاطفين مع أسيل على الأمل والرجاء واليقين بنيل الشفاء، أمنيةٌ معقودة على حبّ رقية عليها السلام وجودها، والذبيح وكرمه، وقمر بات قاضياً للحوائج، ولا ترد عنده يد سائل.
أتت ليلة الأربعين، وأضاءت الروح، وأسرج البوح، وأوقدت قناديل الأمل، وقفت أسيل أمام قبة الحبيب المرتجى مبتسمة كأنها تقول شيئاً ما سيحدث، حتى قلوب المرافقين تنبئهم بأن أمراً عظيماً حدث في ابتسامتها، وبعد أن دخلوا في طواف الوجد، رفعت الطفلة أسيل يدها المشلولة لترد السلام لصاحب المقام الرفيع أبي عبد الله الحسين عليه السلام .
الجمع توجه إلى مقام قمر بني هاشم عليه السلام ، ومقتضى الأدب هو رد التحية؛ ولأنها طفلة كرقية وخولة عليهما السلام , أبى العباس عليه السلام إلا أن يرد التحية بأفضل منها ولكن كيف؟! فبعد ما كانت لم تحرك أي عضو في جسمها، ها هي ترفع يدها المشلولة ملوحة بسلام على صاحب الجود عليه السلام ، وهنا دخلت معجزة السماء ولأول مرة منذ ربيع ولادتها تقوم بهذه الحركة، أطلقت الأصوات والآهات بالتكبيرات والصلوات والتسبيحات من شفاه المرافقين لأسيل خلال رحلتها المكوكية التي تكللت بالشفاء الرباني ببركات أهل البيت عليهم السلام ، وهذا ما جرى معها في كربلاء.
أسيل بدأت تسير رويداً رويداً داخل مقام قمر العشيرة عليه السلام ، ولكن هذه المرة لم تستعن بالعربة، بل مشت بعض الخطوات على قدميها المشلولتين لأول مرة في حياتها، لتحصل على الشفاء الممهور بعشق الحسين وجود صاحب الراية عليهما السلام .
لله الحمد، شفيت أسيل وكأن حال لسانها يردد: للحوائج ربٌّ بالفضلِ يقضيها، فإذا ما ناديتَ يا عباس قُضيت.. حبلُ الشفاء بيدِ الله، وها أنا بباب الكفيل قد شُفيت.. لتبقى هذه الحكاية من حكايات باب الحوائج العباس عليه السلام الذين منّ الله تعالى على الكثير من الناس بالشفاء والمعجزات في مقامه الشريف، بعد الإيمان بقدرة الله (عز وجل) لقضاء الحوائج والشفاعة بأصحاب المقامات الرفيعة.