المرجعية الدينية العليا تؤكد على ضرورة الالتزام بالقواعد الأخلاقية ‏بين مكونات المجتمع

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعية الدينية العليا تؤكد على ضرورة الالتزام بالقواعد الأخلاقية ‏بين مكونات المجتمع والابتعاد عن الأفكار التي تولد التباعد فيما ‏بينهم وتحذر من التعصب السياسي وتسقيط الآخرين..‏أكدت المرجعية الدينية العليا على ضرورة الالتزام بالقواعد ‏الاخلاقية التي دعا اليها الاسلام بين مكونات المجتمع في المعاشرة ‏بين المؤمنين والابتعاد عن الأفكار التي تولد التباعد فيما بينهم، ولو ‏لم يلتزم المؤمنون بهذه القواعد الاخلاقية، ولم يراعوا أداء حقوق ‏الاخوة بعضهم الى البعض، قد ينزلق المجتمع الى مهاوٍ كثيرة. كما ‏حذرت في احد مفاصل هذه الخطبة من التعصب السياسي وتسقيط ‏الآخرين؛ وإذ إن صاحب هذا التعصب يعتقد أن أفكاره السياسية هي ‏الأصلح والأفضل، وان منهاجه السياسي هو الاقدر على تحقيق ‏مصالح البلد وان غيره دونه في ذلك، حينئذ تبتلى الأمّة والشعب ‏بمثل هذا النوع من التعصب الذي يحمل مخاطر كثيرة. ‏‏ جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة التي أقيمت في الصحن ‏الحسيني الشريف اليوم (24 ربيع الآخر) الموافق (12كانون الاول 2018م) والتي ‏كانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) وهذا نصها:‏
ايها الاخوة والاخوات ما زلنا في منظومة القواعد الاخلاقية والاجتماعية التي دعا ‏اليها الاسلام في المعاشرة بين المؤمنين، وسبق ان بينا في خطب سابقة ان الاسلام ‏حرص على اقامة علاقات وروابط ايجابية ومتينة؛ لما في ذلك من تحقيق مصالح ‏كثيرة للمجتمع، منها ان المجتمع لو التزم بهذه القواعد الاخلاقية والاجتماعية سيكون ‏متماسكاً قوياً يحتوي على الامن الاجتماعي والاخلاقي، قادرا على ان يواجه التحديات ‏والمشاكل والمصاعب، سواء كانت داخلية ام خارجية.‏
‏ والآن نذكر ما هي المخاطر التي تهدد سلامة المنظومة الاجتماعية وتؤدي الى ‏تمزيق المجتمع وتفريقه وحصول العداء والكراهية والبغضاء والتقاطع والهجران ‏والتباعد بين افراده بعضهم مع البعض الاخر، مما يؤدي الى أضعافه، وعدم قدرته ‏على مواجهة التحديات والمشاكل.‏
‏ هناك تسعة مخاطر ربما لا يسع الوقت لذكرها نذكر واحدة منها؛ لأهميتها وكونها ‏هي الأخطر، خصوصا على مستوى الشعوب والأوطان والمجتمعات ليس في داخل ‏العراق فحسب، بل في داخل العراق وخارجه وعلى جميع المستويات الاجتماعية ‏والاقتصادية والثقافية، ألا وهو النظرة الفوقية للآخرين والاستعلاء عليهم.‏
ان هذا الانسان او المجتمع او اصحاب المذهب او اصحاب الفكر ينظرون لأنفسهم ‏على انهم افضل من الاخرين، وانهم أعلى مرتبة منهم، فلرب سائل يسأل: من اين ‏تنشـأ هذه النظرة الفوقية للنفس وللمجموعة ولكل كيان والنظرة الدونية للآخرين؟ ‏وهذه النظرة تؤدي الى التكبّر والاستعلاء والتعدّي على الاخرين وقتلهم والتنكيل ‏بهم، وهي من اخطر ما يكون على المجتمعات. ‏
‏ إن منشأ هذه النظرة مجموعة انواع من التعصّب وعلى رأسها التعصّب الديني او ‏المذهبي، فمن المعلوم أن هناك اختلافاً في العقائد الدينية والمذهبية، وبعض اصحاب ‏هذه الديانات او المذاهب يعتقد بأنه هو الأفضل، وهو الأقوم وهو الأصلح، ولا توجد ‏مشكلة لصاحب الحق في ذلك، ولكن لو كان يعتقد بأنه الاصلح والأفضل وهو ليس ‏كذلك وهنا تكمن الخطورة الأولى، والأمر الآخر ما طريقة التعامل مع اصحاب ‏الديانات والمذاهب الاخرى على ضوء نظرته الفوقية والدونية للآخرين هنا تكمن ‏الخطورة، حينئذ سيشعر بأن الاخرين ليسوا هم الافضل، وهو يمتلك حق البقاء حتى ‏يصلح به المجتمع والمجتمعات الاخرى، والآخرون ليسوا كذلك، فهم أصحاب ضلال ‏وباطل ويشكلون خطراً عليه وعلى بقية اصحابه في ضوء هذه النظرة، فيستعمل ربما ‏اسلوب العنف مع الاخرين ويحاول تصفيتهم والتنكيل بهم او غير ذلك من الاساليب ‏التي تهدد السلم الاجتماعي.‏
كيف نعالج هذه القضية؟
القرآن الكريم والأحاديث الشريفة تبين ان هناك اختلافاً في الديانات والمذاهب ‏المتعددة وهذا الاختلاف هو أمر واقع لا مجال لتغييره الى يوم القيامة.. لكن لا يُساء ‏فهم هذه العبارة من قبل البعض..‏
هل يعني هذا الكلام ان اصحاب الدين الحق والمذهب الحق لا يدعون الى أحقيتهم ‏والى دين الحق ومذهب الحق ولا يدعون الناس ويبينون لهم أحقية هذا الدين ‏والمذهب؟! كلا..‏
نعم هم عليهم ان يبينوا هذا الحق ولكن بالدليل والحجة والبرهان وليس بأسلوب ‏الاهانة الازدراء والاحتقار للآخرين، والتسقيط لهم ولرموزهم، المشكلة هنا ان ‏صاحب الحق -احياناً- لا يطرح قضيته الحق بالدليل والبرهان والحجة والاسلوب ‏الذي فيه احترام للآخرين ومن خلاله يدخل الى قلوبهم.. بل قد يستخدم اسلوب التحقير ‏والازدراء من الاخرين ولمذهبهم ولرموزهم وهذا الذي يهدد السلم الاجتماعي ويولّد ‏الكراهية والحقد.‏
نسأل الله تعالى ان يوفقنا ان شاء الله تعالى لما يحب ويرضى انه سميع مجيب، والحمد ‏لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.‏