المرجعية الدينية العليا تشبه المقاتلين الذين رسموا النصر للبلاد

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعية الدينية العليا
تشبه المقاتلين الذين رسموا النصر للبلاد ‏
بأنهم كانوا كأصحاب الحسين عليه السلام أمثولة في البصيرة ‏أعرض عليكم موضوعاً تطرقت اليه بعض الآيات الشريفة منها ‏الآية (104) من سورة الانعام إذ قال الله تبارك وتعالى: "قَدْ جَاءكُم ‏بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم ‏بِحَفِيظٍ". البصيرة في القلب كالبصر في العين، كما أن العين تبصر، ‏تدرك، ترى، كذلك القلب يفعل ذلك، والعقل كذلك، قد يكون الانسان ‏بصيراً يرى بعينه، لكن قلبه أعمى، ولعل الكثير قد سلب نعمة ‏البصر، لكنه يتمتع ببصيرة في قلبه، وقد ينتفي الاثنان، وقد يجتمعان ‏وهو عين المطلب.‏البصيرة هي الفطنة التي يحتاجها الانسان لمعرفة الأمور وبواطنها، اتحدث بالمقدار ‏العرفي، فالمسألة ليست في عالم الغيب، هناك انسان فطن دائماً ويتحرك على بصيرة ‏من أمره فلا يرفع قدماً إلا ويضعها في موطن صلب، فهو يعرف كيف يتصرف، ‏والأمثلة على أهل البصائر كثيرة والأمثلة على نظرائهم كثيرة، بعضها أمثال قديمة ‏وبعضها معاصرة.‏
‏ إن الانسان اذا فقد بصيرته يبدأ يتخبط كحاطب ليل لا يرى شيئاً من تعبه اطلاقاً؛ لأنه ‏فقد البصيرة والتأمل والدقة والفطنة والذكاء، القرآن الكريم يقول: "قد جاءكم بصائر ‏من ربكم" فعليكم ان تستغلوها، كأن تكون هذه البصائر متمثلة بالأنبياء أو علامات ‏علماء أو اشارات، بالنتيجة لابد ان نستغل هذه البصائر، "فمن ابصر فلنفسه" هذا ‏الناتج الذي يحصل من خلال اتخاذ البصيرة سيرجع بالمؤشرات الايجابية الى البصير ‏نفسه قال تعالى: "ومن عمي فعليها" الله تبارك وتعالى لا يلجئنا الى الفعل حتى لا ‏يكون جبراً، ولكي تبقى المسؤولية بعهدتنا، البصيرة يحتاجها السياسي، المبحث ليس ‏سياسياً، انا اتكلم بشكل عام، البصيرة يحتاجها الاقتصادي والاجتماعي والمعتقد.‏
‏ سيد الشهداء عليه السلام عندما كان يقاتل في كربلاء (واقعة الطف) كان الطرف ‏المقابل يستنجد قائلاً: ارسلوا لنا اتباعاً، اصحاب الحسين يقاتلون بشراسة، الطرف ‏المقابل لا ينثني، نرسل العدة ونرسل المدد وهؤلاء يفنون، عدد القتلى في كربلاء لا ‏يحصيها بعض ارباب المقاتل؛ لأنهم يقاتلون اهل البصائر.‏
الانسان الذي عنده بصيرة لا يخشى شيئاً حتى وان لم ينتصر، اصحاب الحسين عمليا ‏كلهم استشهدوا، معنى البصيرة ان الشخص لديه وضوح، ويفعل بحسب ما عنده، ‏السياسي -قلت الخطبة ليست سياسية- اذا لم تكن عنده بصيرة سيتعب الناس ويتعب ‏البلد، الاقتصادي اذا لم تكن عنده بصيرة سيجعل الاقتصاد مدمراً، المواقع المهمة ‏تحتاج الى كفاءات عندها بصيرة، تكلمنا قبل سنوات عن عهد مالك الاشتر، من استفاد ‏منه؟ او بتعبير أدق: كم مستفيداً منه؟ مع ان هذا العهد يعطيك طريقاً واضحاً لا لبس ‏فيه، صحيح أنه يتحدث عن موقع سياسي؛ كون ان مالكاً على أمل ان يكون والياً على ‏مصر، لكن بعض الكلمات التي فيه يستفيد منها في اي موقع، عندما يبعث العيون ‏ويتعامل مع الناس لا يكون عليهم سبعاً ضاريا، الانسان الذي يكون عنده بصيرة ‏يعرف كيف يتصرف.‏
‏ ولذا اخواني تعرفون البصيرة في قتال اصحاب الامام الحسين عليه السلام مع ‏سيدهم الحسين، فكانوا امثولة في البصيرة فلم يتخلَّ اي احد منهم عن القتال، وبحمد ‏الله تعالى انا تكلمت سابقاً حول بعض ما شاهدناه من اعزتنا وابنائنا واحبتنا المقاتلين ‏الاعزة الذين نقبّل جبهاتهم اينما كانوا، هذه الجبهة التي تسجد لله وتخضع لله، هذه ‏الجبهة التي وقفت شامخة وتصد رصاص الغدر ورصاص الدواعش ووقفت تحمي ‏البلاد، ايهما اكثر بصيرة هل هو هذا الشاب المملوء عطاء والمملوء قوة أم ذلك الذي ‏لا اجعله تحت عنوان افضل الذي يحاول ان يمتص قوت الناس؟! من الاولى أن نقف ‏للمجاهد اجلالاً ونحترمه ونعطيه، بعض الالفاظ مع بعض الناس تكون قليلة في ‏حقهم، لكن القرآن يقول عنهم "هم كالأنعام بل اضل"، وهذا افضل تعبير للذي يمتص ‏قوت الناس ويسرقهم ويتعجرف ويتكبر عليهم، وأما هؤلاء الفتية اهل البصائر، الذين ‏لقنوا نظراءهم دروساً لا تنسى، من بقي منهم سيتذكر انه في السنين الفلانية قد شاهد ‏انصاراً اوفياء وأبطالاً لم يفت عضدهم اي شيء، نعم هؤلاء كانوا على بصيرة ‏يعرفون ماذا يفعلون، لابد ان نكون اهل بصيرة جزاءً ووفاءً لهم، ونهتم بهم ‏ونرعاهم، لا ان نعتبره تاريخاً مضى ونقلب لهم ظهر المجن، فهم اعطونا كل شيء.‏
‏ سائلين الله تعالى ان يغفر لهم ولكم وان يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين جميعا من كل ‏سوء، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين ‏الطاهرين.‏