المرجعية الدينية العليا ‎ ‎تحذر من تداعيات تنازل الأمة عن مبادئها

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعية الدينية العليا
‎ ‎تحذر من تداعيات تنازل الأمة عن مبادئها...‏‏ حذرت المرجعية الدينية العليا من تداعيات تنازل الأمة عن مبادئها، ‏حيث بيننا القرآن ‏الكريم كتاب هداية وحكمة، ينبّه وعلينا ان نستفيد، ‏وأخطر ما في الامر عندما تتعرض بعض المبادئ والقيم الى تنازل ‏من أمّة، ولا ‏أحد ينبه، وإذا كانت الأمة هي التي تتنازل، ولا أحد ‏يوضح لها وينبهها، فماذا سيكون الجزاء؟ اما جزاء الدنيا كما في أمة ‏نوح والعياذ ‏بالله او جزاء الاخرة وهو أخطر واشد وأصعب ولا ‏حجة لنا ولا مهرب منه.‏جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة ‏‏(19 ربيع الأول 1439هـ) ‏الموافق (8 كانون الأول 2017م) والتي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف، ‏وكانت بإمامة سماحة ‏السيد أحمد الصافي (دام عزّه) وهذا نصها:‏
من جملة ما يتعرض له القرآن الكريم بعض الصور التي تمر على بني آدم كفرد ‏وأمة، فهناك مشاكل فردية كعصيان الانسان الله ‏سبحانه وتعالى، فيجازى على ذلك، ‏وهناك مشاكل تخص الأمة أجمعها، ويلاحظ فيها عنوان الأمة أو مجموعة أو ‏المجتمع،
هناك أمور اهتم بها الله تبارك وتعالى اهتماماً بالغاً، وأعطاها أهمية عظمى، وهذه ‏الأهمية العظمى تتناسب في حال خذلان هذا الأمر، ‏وأمر البشر بها، فإذا لم يحدث ما ‏اراده الله تعالى، فيرتب سبحانه أثر العمل تارة على البشر، وتارة يعطي صورة ‏مخوفة لما سيؤول ‏اليه البشر جراء تركهم ما أمرهم به سبحانه وتعالى.‏
‏ بعض المسائل أراد الله تعالى من الأمة بما هي أمة أن تلتفت اليها، ومعنى ذلك انه ‏اذا كان هناك من ينبه ويدعو ويشير وينصح ‏ويبيِّن أن على الأمة أن تلتفت؛ لأن هذه ‏الأمور، اذا لم تتحقق فيها الاستجابة التامة، فمن الممكن -والعياذ بالله- أن ينزل البلاء ‏فيكون ‏بلاء عاماً.‏
‏ نحن الآن -معاشر المسلمين جميعاً- نقدس الانبياء، ونمر على اعاظم الأنبياء في ‏القرآن الكريم مثلما نمر على نوح‎ ‎‏ عليه السلام، ‏فقصة نوح فيها اكثر من مدلول، ‏فهو نبي كبقية الانبياء، وكما ان الأنبياء دعوا قومهم، دعا نوح قومه، فالقرآن الكريم ‏لا يتحدث عن ‏التفاصيل، لكن يتحدث عن قضية لم تحصل في بقية الأمم، وحصلت مع ‏نوح‎ ‎‏ عليه السلام‎ ‎أمور، فالذين لم يتبعوا نوحاً لم يرجعوا الى ‏عقلهم ويسألوا انفسهم، ‏فبالعكس كانوا يسفهون اتباعه، كما قال تعالى: "وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا ‏بَادِيَ الرَّأْيِ" وبالنتيجة ‏التعريض بنبي الله نوح أي ان: نوح ليس له قيمة، كما جعلوا ‏اصابعهم في آذانهم استهزاء وعدم إعطاء نوح مجالاً لأن يتكلم معهم، ‏وهذا تصرف ‏ليس فرديا من قوم نوح، بل هو تصرف جماعي، فلم يقل القرآن أن هناك واحدا من ‏القوم جعل اصبعه في اذنيه، وانما ‏يقول: "يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ" وكذلك الذين ‏اتهموا من اتبعه أيضا ليس شخصا واحدا، قال: الذين اتبعوه، واصبح نوح مع الذين ‏‏اتبعوه في حالة اشبه بحالة الغربة، فيتكلم ولا يسمعون وينادي فلا يفقهون، الى ان علم ‏نوح‎ ‎‏ عليه السلام‎ ‎أن هؤلاء لا يوجد فيهم إلا ‏من يكون كافرا او يلد فاجرا كفارا، ‏فهؤلاء حتى في اصلابهم لا يخرج منهم خير، فدعا عليهم نوح فقضي على الامة ‏تماما حتى ابنه ‏الذي لم يكن من الناجين لم يسمع ولم يصغ اليه، والله انجى نوحا ومن ‏معه.‏
ومن المعلوم أن نبي الله نوحاً قد لبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما، ومعنى ذلك أن ‏الأجيال قد تبدلت وأن دعوته لم تقتصر على ‏جيل معين، وعلى اختلاف الأجيال لم ‏يكن فيهم من يستمع إليه الا القليل، وكانوا لا يلدون الا كفارا فجارا، فخذلت الأمة ‏نبيها على ‏تعاقب الأجيال، فبالنتيجة عاقبهم الله سبحانه وتعالى ولم ينج منهم أحد، إلا ‏من كان مع نوح‎ ‎‏ عليه السلام‎ ‎في السفينة.‏
اخواني القرآن الكريم كتاب هداية وحكمة ينبّه وعلينا ان نستفيد منه، واخطر ما في ‏الامر عندما تتعرض بعض المبادئ والقيم الى ‏تنازل من امّة، ولا أحد ينبه، واذا ‏كانت الأمة هي التي تتنازل، ولا احد يوضح لها وينبهها، فسيكون الجزاء اما جزاء ‏الدنيا كما في ‏أمة نوح والعياذ بالله او جزاء الاخرة وهو اخطر واشد واصعب ولا ‏حجة لنا ولا مهرب منه. ‏
نسأل الله سبحانه وتعالى بمن نلوذ بجواره وهو سيد الشهداء سبط النبي المصطفى‎ ‎صلى الله عليه وآله وسلم ‏‎ ‎ان يمنّ علينا وعليكم بكل خير وان يعجل ‏بالنصر المؤزر لأبنائنا وقواتنا على ‏اعدائهم ويرينا في ابنائنا والبلد كل خير ويرينا في اعدائنا كل ذلة وهوان.‏