المرجعية الدينية العليا: نأمل أن يكون التغيير في بعض القيادات العسكرية خطوةً في سبيل إصلاح المنظومة العسكرية والأمنية في البلد

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
أشادت المرجعيةُ الدينيةُ العُليا بالانفتاح على دول الجوار وتغيير بعض القيادات العسكرية الذي أُعلن عنه مؤخّراً، مؤكّدةً على محاربة الفساد بصورةٍ حقيقية بعيداً عن المحسوبيات، واعتماد معايير الكفاءة والنزاهة والإخلاص في الخدمة، وأن يترفّع الفرقاء السياسيّون عن مصالحهم الخاصة، ومشدّدةً على تكليف لجان يتمتّع أعضاؤها بالحسّ الوطني، والتفهّم لمطالب الناس من جميع الشرائح والمكوّنات لحلّها، ورفع ما يقع من الظلم والحيف عليهم.
كما دعت المرجعية الى الإسراع بإقرار موازنة عام (2015م) وتدارك ما حصل من تأخير ومماطلة في عام (2014)، فالمطلوب من الفرقاء السياسيّين المعنيّين التوافق على مواد الميزانية الجديدة، وإبداء المرونة الضرورية، وتقدير ما تمرّ به البلاد من ظروف صعبة.
جاء هذا في خطبة الجمعة الثانية (20محرم 1436هـ) الموافق لـ(14تشرين الثاني 2014م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف والتي كانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه).
وجاء فيها:
إنّ ما شهدته الساحة في الأسابيع الأخيرة من تحرّك خارجي لمسؤولين في الدولة العراقية، ضمّ مختلف الفرقاء السياسيّين بهدف الانفتاح على دول الجوار، وفتح صفحة جديدة من علاقات التفاهم والتعاون بين العراق وهذه الدول، يمثل خطوة صحيحة نأمل أن تلقى تجاوباً مناسباً منها، فتتعاضد الجهود من أجل حلّ المشاكل التي يعاني منها العراق والمنطقة بشكلٍ عام.
كما نأمل أن يكون التغيير في بعض القيادات العسكرية الذي أُعلن عنه مؤخّراً خطوةً في سبيل إصلاح المنظومة العسكرية والأمنية في البلد، وهنا نودّ بيان ما يلي:
النقطة الأولى: لقد بات من الواضح لدى جميع المسؤولين وكثير من المواطنين ما هي الأسباب التي أدّت الى الانهيار الكبير في المؤسسات العسكرية والأمنية، والذي كان مدخلاً لتمكّن عصابات داعش من السيطرة على مناطق واسعة من العراق.
إنّ من جملة هذه الأسباب المهمة التي تحتاج الى إرادة جادة والى تحرّك عاجل من قبل المسؤولين المعنيين، هو الفساد المالي والإداري المستشري في أغلب مؤسسات الدولة، وهذا لا يمكن معالجته إلّا إذا تعاون القادة من مختلف الفرقاء السياسيّين في محاربة الفساد بصورةٍ حقيقية بعيداً عن المحسوبيات.
ولابدّ أن يبدأ ذلك على مستوى القيادات والمواقع الرفيعة لدى الكتل السياسية ومن يمثّلهم في المواقع التشريعية والتنفيذية، وينبغي للقيادات العليا لجميع الكتل الذين بيدهم زمام الأمور وأساسياتها أن يشخّصوا مواطن الفساد في كتلهم والمحسوبين عليهم، وأن يكونوا على يقظة ووعي وحذر من وجود عناوين خادعة تغطّي عدداً من عمليات الفساد المؤثرة وعلى مستويات عليا في مَنْ يمثّلهم في السلطة التشريعية والتنفيذية.
إنّ مشكلة الفساد المالي الحكومي مشكلة مزمنة في هذا البلد، ولابدّ أن تتضافر الجهود لمكافحتها، فإنّه إن بقي الفساد بمستوياته الراهنة فلا يُرتجى مستقبلٌ زاهرٌ للعراقيين.
النقطة الثانية: إنّ البناء المهني لمؤسّسات الدولة يحتاج الى الإصلاح في مختلف المستويات، فإنّ اعتماد الولاء للحزب أو الكتلة وجعله هو المعيار في اختيار المسؤولين بذريعة أنّ الولاء هو الذي يضمن سلامة الأداء كما تراه الكتلة أو الحزب، والإهمال الواضح لاعتماد معايير الكفاءة والنزاهة والإخلاص في الخدمة والشجاعة والجرأة في اتّخاذ القرارات من الأسباب الأساسية لفشل كثير من مؤسسات الدولة في أداء مهامّها. إنّ البلد بحاجةٍ الى أن يتحلّى القادة السياسيون بالشجاعة والجرأة والإقدام على اتّخاذ قرارات حاسمة في هذا المجال، وعدم القبول بتبوّء أي شخص لأي موقع إذا لم يكن مؤهّلاً له تماماً، حتى لو كان يدين بالولاء التامّ لهم أو لأحزابهم أو كتلهم.
النقطة الثالثة: لقد أثبتت السنوات الماضية أنّ اختلاف الفرقاء السياسيّين وعدم الانسجام والتفاهم فيما بينهم قد أضرّ بالعراق وشعبه كثيراً، وفي المقابل فإنّ تحرّكهم سواءً كان على مستوى الداخل أو الخارج كفريق واحد يحمل جميعهم همَّ العراق ومصالحه، هو الذي يُعطي لهم قوة ووزناً واحتراماً لدى الآخرين.
النقطة الرابعة: من العوامل المهمّة لتجاوب المواطنين مع الحكومة ودعمهم لها واستقرار الأوضاع العامة هو تفقّد مظالم العباد ومطالبهم المشروعة، والاستجابة لها بحسب الإمكانات، فلابدّ من تكليف لجان يتمتّع أعضاؤها بالحسّ الوطني والتفهّم لمطالب الناس من جميع الشرائح والمكوّنات لحلّها.
وبهذه المناسبة نشير الى ما يُعانيه طلاب الجامعات من النازحين في أمر استضافتهم في جامعات أخرى، فإنّ هناك حاجة ماسة الى تسهيل إجراءات الاستضافة لئلّا تفوتهم هذه السنة الدراسية، وأيضاً يشتكي الكثير من أحبّتنا الطلاب الذين حازوا على معدّلات عالية جداً كدرجة (97%) أو (96%)، ومع ذلك لم يتمّ قبولهم فيما يرغبون فيه من الكلّيات: ككلية الطب؛ بسبب عدم توفّر المقاعد الكافية، فالمطلوب من وزارة التعليم العالي أن تبذل كلّ ما يمكن في وسعها لتحقيق ما يستحقّه هؤلاء من القبول في تلك الكليات.
في الختام أسأل الله تعالى أن يوفّقنا لمراضيه، وأن يوفّق الجميع لما فيه رضاه إنّه سميع مجيب والحمد لله ربّ العالمين.