المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تدعو الى احترام الأنظمة والقوانين، والحفاظ ‏على الأموال العامّة،

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تدعو الى احترام الأنظمة والقوانين، والحفاظ ‏على الأموال العامّة، وتحثّ المواطنين على الالتزام بالحسّ ‏الوطنيّ ‏والشعور بالمسؤوليّة..‏
‏ دعت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا على لسان ممثّلها سماحة الشيخ عبد ‏المهدي الكربلائي (دام عزّه) الى احترام الأنظمة والقوانين والحفاظ ‏‏على الأموال العامّة وحثّت المواطنين على الالتزام بالحسّ الوطنيّ ‏والشعور بالمسؤوليّة، وعادةً هذه المقوّمات تجلب التعايش والسعادة ‏‏والاستقرار والتقدّم للمجتمع، وأنّه من خلال الالتزام بها سيعمّ الخير ‏على الجميع، وإن عدم الالتزام بها سيجلب الضرر على الجميع.‏
جاء ذلك في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (16ذي الحجّة 1438هـ) الموافق لـ(8 ‏أيلول 2017م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ ‏الشريف، والتي كانت بإمامة الشيخ ‏الكربلائي(دام عزه) الذي بيّن أهمّ تلك المبادئ والمقوّمات وهي:‏
أوّلاً: الحسّ الوطنيّ والشعور بالمسؤولية كلٌّ بحسب اختصاصه وطبيعة عمله تجاه ‏الآخرين، مع قطع النظر أن الدولة تؤدّي حقوق ‏المواطنين وتفي بالتزاماتها، فإن ‏الحديث عن المواطنة بما هي التزام تجاه أبناء الوطن تستدعي مجموعة من الصفات، ‏منها الإخلاص ‏والتفاني والدفاع عن الوطن وحمايته وأداء الواجبات تجاه الآخرين، ‏كما ورد في الحديث الشريف: (كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن ‏رعيّته)، إذ لا يقول ‏القائل إن الدولة لا تؤدّي الكثير من التزاماتها، بل الحديث عن التزام المواطن سواءً ‏أكان مسؤولاً أو طبيباً أو ‏مهندساً أو غير ذلك تجاه وطنه وبقيّة المواطنين، وليس من ‏الصحيح أن يتهرّب بعض المواطنين من الالتزام بهذه المبادئ بحجّة أن ‏الدولة لم تقدّم ‏له شيئاً.‏
ثانياً: اكتساب ثقافة المواطنة الصالحة، ونعني بها الوعي لما يتطلّبه حبّ الوطن من ‏تفانٍ وإخلاص في خدمته وأداء ما عليه من مهامّ ‏ووظائف بإتقانٍ وحبٍّ للخدمة بذاتها، ‏مع قطع النظر بأيّ عوامل خارجية، فالموظّف في دوائر الدولة يتفانى في عمله ‏وخدمة ‏مواطنيه، والطبيب كذلك في علاج المرضى، والمهندس في إخلاصه بإنجاز ‏المشاريع، والمدرّس يتفانى في تعليم طلّابه، ويكون ‏حريصاً على بلوغهم الدرجات ‏العُليا من التعلّم، والفلاح في حقل الزراعة، والعامل في حقل البناء، كلٌّ يحرص على ‏الإتقان والاهتمام ‏بالعمل مراعياً ما هو مطلوب في اختصاصه.‏
ثالثاً: احترام الأنظمة والقوانين التي شُرّعت للمصالح العامّة للمجتمع، سواء في مجال ‏الأمن أو التعليم أو الصحة أو المرور أو البيئة ‏أو البلديات، فإن رعايتها، وإن كانت ‏بكلفة ومشقّة، لكنّها تصبّ في مصلحة الجميع، وإن الإخلال بها وعدم رعاية تطبيقها ‏يضرّ ‏الجميع.‏
رابعاً: إنّ من الضروريّ الحفاظ على الأموال العامّة من قبل المسؤول أو الموظّف أو ‏المواطن؛ لأنّها ليست بلا مالك بل هي ملكٌ لكلّ ‏الشعب، ولابُدّ أن تُراعى في ‏التصرّف بها المصلحةُ العامّة ونفع حقوق المجتمع، وإنّ من يمدّ يده الى شيء منها ‏فإنّما هو يسرق من ‏كيس الشعب وهو خصمُه في ذلك، وإن من غير الصحيح أن ‏يتصوّر من يقوم بالاستحواذ أو السرقة من المال العامّ بأنّه سرق من مال ‏الحكومة أو ‏الوزارة أو الدائرة، بل إنه سرق من مال الشعب كلّه وخصيمُه الشعبُ بأجمعه.‏
‏ ولابُدّ من غرس هذا المعنى في نفوس الأبناء منذ الصغر وجعله ثقافةً عامّة ينشأ ‏عليها الصغير ويتقيّد بها الكبير، وإن على كلّ ‏مواطن سواءً أكان موظّفاً في دائرة ‏حكوميّة أو عاملاً في شركة أو كاسباً في السوق أو كان في أيّ موقع آخر يلزمه التقيّد ‏بعدم ‏التصرّف بالأموال العامّة إلّا وفق ما هو مخصّص ومقرّر لها بموجب القانون، ‏وإن الشعب بحاجة الى ثقافة الحفاظ على الأموال ‏العامّة بدءاً من الطفل وحتّى الكبير، ‏ونتمنّى أن يتمّ إدراج تلك الثقافة في المناهج الدراسيّة من الابتدائيّة وحتّى الدراسة ‏الجامعيّة، ‏لخطورة الاستحواذ على الأموال العامّة بغير وجه حقّ وتأثير الفساد في ‏الحياة، وإن السبب وراء جانب من الفساد الماليّ الذي تشهده ‏المؤسّسات الحكوميّة ‏يعود الى عدم العمل بما فيه الكفاية لجعل احترام المال العامّ المسمى بـ(مال الحكومة) ‏ثقافة عامّة في المجتمع، ‏بحيث يستشعر الجميع أن الاستحواذ عليه بغير وجه حقّ إنّما ‏هو سرقة تماماً كالسرقة من الأموال العائدة للأشخاص، بل إنها أسوء ‏وأقبح؛ لأنّ ‏المسروق منه هم عامّة الشعب.‏