إيذاناً ببدء شهر محرم الحرام (1436هـ) وللسنة العاشرة على التوالي العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية تقيمان مراسيم تبديل الراية

30-12-2018
صدى الروضتين خاص
كما هو معتاد من توافد الملايين من الزائرين الكرام بهذه المناسبة الكبيرة التي جرت العادة أن يتم فيها تبديل رايتي قبتي حرم الإمام أبي عبد الله الحسين، وأخيه أبي الفضل العباس عليهما السلام من اللون الأحمر إلى اللون الأسود، إيذاناً ببدء شهر محرم الحرام وللسنة العاشرة على التوالي بعد سقوط اللانظام البائد.
مراسيم إيمانية عظيمة شهدت حضوراً مهيباً من كافة بقاع الأرض، وبمشاركة عدد كبير من الشخصيات الدينية والثقافية والسياسية ملأت الصحنين الشريفين للإمام أبي عبد الله الحسين وأخيه أبي الفضل العباس عليهما السلام وما بينهما.
ابتدأت المراسيم في الصحن الحسيني الشريف بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم للقارئ الحاج (مصطفى الصراف)، أعقبها البدء بتبديل راية الإمام الحسين عليه السلام الحمراء إلى الراية السوداء، يصحبها العديد من الهتافات الولائية، وبوجود فرقة أبواق متخصصة من فوج الحرمين الشريفين، لتتوجه بعدها الحشود إلى حرم المولى أبي الفضل العباس عليه السلام ، ويجري تبديل الراية على غرار ما جرى في العتبة الحسينية المقدسة.
وقد جرت العادة منذ خمس سنوات بأن تُسلّم راية من إحدى محافظات العراق لتُرفع على ضريح المولى أبي الفضل العباس عليه السلام ، فكانت الراية لهذا العام (1436هـ) من محافظة ديالى.
كما شهدت المراسيم في العتبة العباسية المقدسة عدة كلمات كان أولها لرئيس ديوان الوقف الشيعي السيد صالح الحيدري (دام عزه)، أشاد فيها بالدور الإصلاحي الذي لعبه الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه عليهم السلام في نصرة الحق وإعلاء كلمته، مؤكّداً على ضرورة الاستلهام من الدروس والعبر التي رسمها الإمام الحسين عليه السلام عن طريق نهضته التضحوية والإصلاحية المباركة.
كما بيّن المنزلة العظيمة لأبي الفضل العباس عليه السلام وكيف اختاره الإمام الحسين عليه السلام لقيادة جيشه وحمل رايته، لذلك لُقّب بـ(صاحب الراية)، واختاره كذلك لجلب الماء لعياله وأهل بيته عندما قُطِعَ عنهم الماء، وكيف قام بهذا الواجب الإنساني واستحقّ لقب (الساقي).
كما كانت هناك كلمة للأمين العام للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه) والتي ابتدأها بتوجيه السلام للمُرابطين والمدافعين في سبيل الله عن حياض الوطن، وهم يواجهون أعداء الإمام الحسين عليه السلام ، فدخل فيهم حبّه وتشرّب بهم، وأن يتقبّل منهم صالح الأعمال، فإنّ واقعة الطف لازالت قائمة وتُعاد في كلّ يوم، وفيها ينمو منهج الإمام الحسين عليه السلام ، ويخبو منهج أعدائه... ولئن كان (شمرٌ) في الطف فاليوم عاد ألف (شمر)، ولئن كان في الطف (حرملة) فاليوم عاد ألف (حرملة)، ولئن كان في الطفّ (حبيب بين مظاهر) فاليوم عشرة آلاف (حبيب)، ولئن كان في الطف (زهير بن القين) واحد، فاليوم عشرة آلاف (زهير).
مضيفاً: مدرسة الإمام الحسين عليه السلام مدرسة منتجة ومن نتاجاتها أصحابه E وهو القائل بحقّهم: (فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي)، وامتداداً لهذه المدرسة العظيمة والخالدة نجد اليوم على ساحات القتال شخصاً في التسعين من عمره، جعل من حبيب بن مظاهر وزهير بن القين أنموذجاً ومثلاً أعلى. ونجد كذلك طفلاً صغيراً يخفي عمره خوفاً من إرجاعه، ممّن تعلّم هذا الفتى؟ لقد تأسّى حتماً بذلك الطفل الذي وقف بين يدي الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء وأرجعه، ثم رجع الى أمّه منكسراً لتأتي أمّه وتلبسه ثوب الحرب وترجعه اليه عليه السلام ، فمنهج الإمام الحسين عليه السلام هو منهج مرتبط بالسماء، وسلوكه سلوك الأنبياء، فقبّح الله أعداءه وقتلته الذين تلبّسوا بلباس الدين وتجلببوا بجلبابه وأقدموا على قتله، واليوم قد عادوا هؤلاء وتلبّسوا بلباس الدين والخلافة والنفاق وأظهروا عداوتهم للحسين عليه السلام ومحبيه.
مبيناً: شموخ الإمام الحسين عليه السلام باقٍ، وشعلته متّقدة، فهو أعطى كلّ شيء لله فأعطاه الله كلّ شيء، فهو معلّم الأجيال ومربّيها، وعلى كلّ من فقد شهيداً الاقتداء بزينب عليها السلام واستلهام القوة والعزيمة منها.
فهنيئاً لهؤلاء الشهداء الذين ضحّوا بدمائهم من أجل هذا الوطن، فالبركة بكم يا من لبيتم نداء المرجعية وتحمّلتم الصعاب، فأنتم عشاق الحسين عليه السلام ، ولقد كنتم محطةً مهمةً في دعاء كلّ من حضر، وساهم في خدمة زائري الإمام الحسين عليه السلام ، فهم لن ينسوكم بالدعاء، وأنتم حاضرون في وجدانهم وعقولهم، وسيكون النصر حليفكم وبكم يندحرُ أعداء الإمام الحسين عليه السلام .
اختتمت المراسيم بمجلس عزاء بحضور الرادود الكبير (باسم الكربلائي) على أمل دوام هذه الأجواء العقائدية والشعائر الولائية إتباعاً لمذهب أهل البيت عليهم السلام وتبركاً برياضهم الطاهرة، سائلين من الله تعالى أن يرزقنا في الدنيا زيارتهم والآخرة شفعتهم إنه سميع مجيب.