مزج الخبرات والمهارات ينتجُ لوناً خاصاً من النتاج الإبداعي
30-12-2018
علاء سعدون
مزج الخبرات والمهارات ينتجُ لوناً خاصاً من النتاج الإبداعي
قسم الشؤون الفكرية والثقافية
يخرجُ عن النمطية في تدريب وتطوير موارده البشرية تتفق جميع المؤسسات الفاعلة على أن تطوير الموارد البشرية أو ما تسمى القوى العاملة وزيادة مهاراتها خطوة أساس في تنمية المؤسسة، ورفع مستوى الإنتاج والجودة فيها. ولعل وسائل التدريب والتطوير تختلف من مؤسسة لأخرى، وبحسب طبيعة عملها، فقد تعتمد على التدريب الخارجي من خلال زجّ الموظفين في دورات خارج مؤسستهم أو استقطاب بعض المدربين والمحاضرين. كما وتعتمد مؤسسات أخرى على تبادل المهارات والخبرات بين الموظفين ومرؤوسيهم أو أصحاب الخبرة والمهارة بينهم، والأخير هو ما اعتمده قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة ليشرع في إقامة سلسلة من الدورات التطويرية الداخلية المكثفة لعدد كبير من منتسبي شعبه ووحداته المتعددة؛ بالاعتماد على الكفاءات الخبرات المتراكمة لدى العاملين.
تنوعت الدورات بتنوع المهام والنتاج الذي يقدمه القسم بجميع مفاصله الحيوية، منها ما أقيم في مهارات الكتابة الصحفية والإعلامية إلى جانب المهارات اللغوية، وأخرى في فنون التصوير الفوتوغرافي والفيديوي، إضافة للعديد من الدورات التي ستقام في مجالات أخرى: مثل البرمجة والتصميم والإخراج وما إلى ذلك.
الكتابة أولاً..
اهتم قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة بحكم مهامه المتنوعة في كافة مفاصله من مراكز وشعب ووحدات، اهتماماً بالغاً في مجال الكتابة والتأليف وإنتاج الإصدارات المتعددة والمتنوعة.
ولأن العديد من المهام في هذا القسم تلتقي في محور الكتابة، فقد وجهت رئاسة القسم أن تكون الدورة الأولى في مهارات وفنون الكتابة الصحفية والإعلامية وما تلتقي معها في المرتكزات ذاتها من أعمال الكتابة الأخرى، ولهذا فقد تضمنت الدورة العديد العناوين المهمة التي ترمي إلى أساليب حداثوية متقدمة في مجمل فنون ومهارات الكتابة الصحفية، معتمدين بالدرجة الأساس على الخبرة المتراكمة لدى المحاضرين، ورغبة ووعي المشاركين.
استمرت الدورة لثلاثة أيام متتالية، تنوع فيها الطرح المكثف من قبل الأساتذة المحاضرين، مسؤول شعبة الإعلام في العتبة العباسية المقدسة الأستاذ الأديب علي الخباز، ومسؤول مركز الإعلام والثقافة الدولي الأستاذ جسام السعيدي، أمام عدد كبير من المشاركين: كتّاب وصحفيين يعملون في قسم الشؤون الفكرية والثافية.
محاضر الدورة الأستاذ علي الخباز يرى في مفهوم التفاعل المعلوماتي والبحث في حداثوية الاشتغال الإبداعي أنه لا بد من إقامة دورات فنية ليتعايش معها المبدع الجاد، من أجل أن يكون في مقدوره الإرتكاز على ثقافة الوعي، والاحتواء الأسلوبي لواقع التدوين المثقف، فكان عمل الدورة على مستوى المضمون الذي جعل من الصحفي الإعلامي أديباً ما دام له رأي وفكر ويقول كلمته، وبهذا نرى أن الأدب زحف إلى مفردات الإعلام وأعطاها قوة خاصة، ومقدرة على كسب المتلقي بشكل مغاير عن الواقع التقليدي.
كما بين أن هذه الدورة قد تضمنت تقديم بعض المفاهيم الحداثوية من أدبية الصحافة عبر التأريخ، ومهمات الأسلوب المتوغل في جميع المستويات، سعياً إلى إلغاء التوصيات العامة التقليدية التي تجعل من الكتابة عملاً هندسياً لا أكثر.
وأضاف: إن تعزيز الدور التواصلي بين مفهوم الكتابة ومكونات المبدع جعلت جمهور الدورة متفاعلاً مع الكثير من الأفكار المحفزة لعملية التدوين الإبداعي.. نعم كان الحضور مشاركاً في نجاح هذه الدورة التي استطاعت أن تتخلص من نمطية التواجد الشكلي، فلذلك لا بدّ أن نقول إن فكرة اقامة هذه الدورات كانت منتجة وواعية، ولها نتاج مثمر إن شاء الله.
العمود الفقري للكتابة الإبداعية
من المعلوم أن النص الإبداعي يقوم على عدد من العناصر المهمة التي تسهم في تشكيله وإعطائه الهيئة الأخيرة الناضجة والشهية بين يدي المتلقي، ولا شك أن المهارات اللغوية: من نحو وصرف وبلاغة وكذلك ضوابط الرسم الكتابي: من إملاء وعلامات تنقيط وغيرها، هي عناصر وأدوات مهمة وأساسية في تشكيل النص الإبداعي، بل هي عمود فقري، سواء كان في الفنون الصحفية أو الأدبية وتفرعاتها، ولهذا فقد كانت الدورة الثانية في المهارات اللغوية.
حاضر في هذه الدورة كل من الأستاذ علي حبيب العيداني من شعبة المكتبة والأستاذ هاشم الصفار من صحيفة صدى الروضتين، بمشاركة ثلة من الصحفيين والكتّاب العاملين في أصدارات قسم الشؤون الفكرية والثقافية.
من جانبه بيّن الأستاذ علي العيداني قائلاً:
تضمنت الدورة بعض الأبواب والفصول اللغوية المهمة، والتي تسهم في زيادة قدرة العاملين في المجال التدويني والإعلامي في اكتساب المهارات اللغوية اللازمة التي تمكنهم من تجاوز الأخطاء، والخروج بنصوص أنيقة ورصينة.. وقد لاحظنا التفاعل المثمر، وطرح الأسئلة من قبل المشاركين في هذه الدورة.. لذا لا يسعنا إلا أن نشكر القائمين على إقامتها.. متمنين لهم السداد والموفقية.
كما تحدث الأستاذ هاشم الصفار عن أهمية هذه الدورة قائلاً:
إنه لشيء مفرح إقامة دورة المهارات اللغوية، واللقاء بثلة طيبة من الإخوة المدققين والكتاب والعاملين في المجال الاعلامي.. وتبادل المعلومات الصرفية والنحوية، والإجابة عن الاستفسارات والمسائل التي قد تواجههم في عملهم.. استمرت الدورة سبعة أيام كان لها شأن وحضور طيب في الوقوف على قضايا لغوية بطريقة مبسطة، تعتمد الأمثلة والشواهد.. ومراعاة الحركات والمحل الإعرابي.. نشكر العتبة المقدسة والقسم الموقر على رعايتهما لهذه الدورات.. متمنين المزيد من التواصل والاستمرار في إقامة هكذا دورات فاعلة ومنتجة.
محاكاة البصر والبصيرة:
قيل إن الصورة الناجحة هي التي ترينا شيئاً نبصره بالعين مع شيء ندركه بالبصيرة، ولعل تفاعل المصور مع الوسط المحيط به لا يقل درجة عن تفاعل الشاعر وبحثه عن زوايا مناسبة لكتابة النص من أجل التأثير في المتلقي، ولهذا قيل (الصورة بألف كلمة)، بعدما حققت تقدماً منقطع النظير في مجال الإعلام منذ ظهورها أول مرة، فكان لا بد للمؤسسات الفاعلة التي تهتم بمجال الصحافة والإعلام أو الدعاية والإعلان أن تعمل على إستثمارها بشكل مثمر يرفع من مستوى جودتها ونتاجها الإبداعي.
ومن هذا المنطلق، جاءت الدورة الثالثة في مهارات التصوير الفوتوغرافي، تحت اشراف وحدة التصوير الفوتوغرافي في شعبة الكفيل للإنتاج الفني.
"إن من أهم واجبات المصور في مهارة التصوير هو تعلّم المصطلحات وفهم عمل الكاميرا، وضبط أمور التكوين وقراءة المشهد من حيث التعريض واختيار كادر الصورة المناسب وغيرها.."
هذا ما بينه محاضر الدورة المصور سامر خليل الحسيني، مضيفاً:
إن تجربة إنتاج الصورة، هي بمثابة الفن الموازي والمتعاشق مع فن التشكيل والفنون الأخرى: كالسينما والمسرح والشعر، وهي موهبة ليس لها سنّ محدد، وبالامكان تدريب الراغبين عليها وزيادة مهاراتهم، فجاءت هذه الدورة بناء على رغبة العديد من منتسبي قسم الشؤون الفكرية والثقافية في تعلّم مهارات التصوير الفوتوغرافي وتوجيه القسم الموقر، حيث أن مهارة التصوير تعد أداة وعنصراً مهماً في مجال الإعلام، ولذا شارك في هذه الدورة أيضاً عدد من الصحفيين والإعلاميين المهتمين في تعلّم هذه المهارة، ولم يقتصر الأمر على المصورين فقط.
حاضر في هذه الدورة أيضاً مسؤول وحدة التصوير الفوتوغرافي المصور علي السعدي، وقد بيّن كلا المُدَرّبَيْنِ أنهما اعتمدا في محتوى الدورة على منهاج علمي رصين ومعتمد، مع ما لديهم من خبرة وباع طويل في هذه المهنة الفنية، فكان هناك طرح نظري لبعض الموضوعات المهمة لانتاج الصورة والتعامل مع الكاميرا، إضافة لتطبيقات عملية عليها.. خبرة المحاضرين ورغبة المشاركين وتفاعلهم شكّلت نجاحاً مثمراً لهذه الدورة التي استمرت عشرة أيام متتالية.
مستمرة هي الدورات، جاء في مقدمتها هذه الدورات الثلاث، امتزجت جميعها لتشكيل نتاج إبداعي متكامل يخدم الأهداف والمشاريع الفكرية والثقافية التي تتبناها العتبة العباسية المقدسة.. ما كان لله ينمو، تلك هي العتبات المقدسة أخذت تنمو وتزدهر عاماً بعد عام، والله وليّ التوفيق.