المرجعية الدينية العليا تؤكد على أهمية حفظ العلاقة الوطنية المشتركة والتعايش السلمي
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعية الدينية العليا تؤكد على أهمية حفظ العلاقة الوطنية المشتركة والتعايش السلمي وتدعو للابتعاد عما يثير الكراهية والبغضاء وتحذر من تكفير الآخر أكدت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا على لسان ممثّلها سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزّه) على أهمية حفظ العلاقة الوطنية المشتركة والتعايش السلمي، داعية للابتعاد عما يثير الكراهية والبغضاء، فيما حذرت من أن تكفير الآخر، وتأويل النصوص على غير ما هو المراد منها، هي أمور خطيرة أريقت بسببها دماء كثيرة. جاء ذلك في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (4ذي القعدة 1438هـ) الموافق لـ(28 آب 2017م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامة الشيخ الكربلائي، حيث بيّن سماحته قائلاً: نعرض عليكم في الخطبة الثانية - ولأهمية هذا الأمر - كيفية التعايش الثقافي والعقائدي في مجتمع متعدد الانتماءات المذهبية، يعني أن هناك اختلافاً في الجانب الثقافي والفكري، كيف نتعايش ثقافياً وعقائدياً في ظل هذا الاختلاف في مجتمع واحد ووطن واحد، مما يحفظ لنا المصالح الوطنية والمصالح العليا.
واستفهم قائلاً: كيف يطرح هذا الاختلاف الثقافي والعقائدي؟
هل يُطرح لوسائل الاعلام والفضائيات والتواصل الاجتماعي وبقية الوسائل التي من خلالها تُطرح هذه الاختلافات؟
هل يجوز استعمال أسلوب يستفز الآخرين، ويثير فيهم الحساسية المذهبية والطائفية مما يؤدي ربما الى حصول الفتنة والاختلاف والصراع؟
هل يجوز أن يُطرح هذا الاختلاف كوسيلة تعطي الذريعة لأعداء الاسلام؛ لكي يطعنوا في الاسلام، ويثيروا الفتن والقلاقل والصراعات المذهبية في الوطن الواحد وفي العالم الاسلامي؟
ثم استدرك الشيخ الكربلائي: "من المفاهيم التي أولاها الاسلام العناية والرعاية، واهتم بوضع الأسس لها، هو مفهوم التعايش السلمي الذي اعتبره آلية ناجحة لمعالجة مخاطر التنوع في الانتماء المذهبي والديني، وعلى مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية والعقدية".
مضيفاً: "إن من أسس التعايش السلمي هي: الأول: إن المشتركات بين مختلف المذاهب الاسلامية سواء في العقيدة (التوحيد، النبوة، المعاد) أو الدعائم العملية للدين الحنيف من الصلاة والصيام والحج وغيرها.. وبالرغم من وجود اختلافات هنا وهناك، تفرض مستوى من الانسجام الثقافي والحوار المبني على احترام خصوصيات الآخر بشكل يحفظ العلاقة الوطنية المشتركة بين المنتمين لهذا التعدد المذهبي، ويصون المصالح العليا للمسلمين قاطبة، خصوصاً إذا كانوا ضمن الوطن الواحد.
الثاني: الترابط القلبي وانبعاث مشاعر العطف والرحمة والتواد التي فرضها الحديث الشريف: (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم..) فإن هذا الحديث فرض مساحة ومرتبة من التعاطف القلبي المثمر للتحرك الاجتماعي الايجابي نحو الآخر بما يحفظ قوة العلاقة المجتمعية، وعدم تغلب مساحة التقاطع والتهاجر على مساحة التواصل والتقارب الاجتماعي الفاعل.
الثالث: الايمان بأن التعدد الديني والمذهبي أمر واقع لا مناص منه، واقتضته المشيئة الالهية (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة)، فالتعايش السلمي ضرورة يفرضها الواقع وحقائق التاريخ، وينبغي معرفة كيفية التعامل الايجابي البنّاء مع التعددية بما يصون المجتمع المتعدد الانتماءات من الصراع واستخدام العنف، والمطلوب التعامل بعقلانية وواقعية وعدالة مع التعددية.
الرابع: إن من حق صاحب كل فكر أن يدافع عنه، ويحاول اقناع الآخرين به، بإقامة الدليل عليه، واتباع الأسلوب العلمي في اثبات أحقيته من وجهة نظره، ولكن من دون المساس بكرامة من يخالفه في الفكر وجرح مشاعره والإساءة الى مقدساته، بما قد يؤدي الى الاخلال بالتعايش السلمي بين ابناء الوطن الواحد.
فليس المطلوب أن يكفّ أهل الحق عن بيان ما هو الحق ورجالاته، وما هو الباطل ورجالاته، ولكن لابد من اتباع الاسلوب الصحيح في ذلك، والابتعاد عما يثير الكراهية والبغضاء بين الناس.
الخامس: إن من الأمور الخطيرة التي أريقت بسببها الكثير من الدماء البريئة هو تكفير الآخر لمجرد المخالفة في بعض القضايا العقدية، وما يتبع ذلك من تأويل للنصوص على غير ما هو المراد منها، خصوصاً التي حفظت وصانت المجتمع الاسلامي في دماء ابنائه وأعراضهم وأموالهم.
السادس: إن الوعي لما تفرضه المصالح العليا للمسلمين والمصالح الوطنية العامة هي أهم بكثير من المصالح الضيقة (التي يتصورها البعض انها مصالح للمذهب والطائفة)، يستدعي مراعاة الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية للجميع ضمن دائرة حقوق المواطنة التي يتساوى فيها الجميع، والتعايش على قاعدة المبادئ والمصالح المشتركة ودرء مفاسد الاختلاف والشقاق المضرة للجميع.