العتبة الحسينية المقدسة تقيمُ ندوة ‏ علمية حول التلازم بين النبوة والإمامة

30-12-2018
زاهر الخفاجي ‏
العتبة الحسينية المقدسة تقيمُ ندوة ‏
علمية حول التلازم بين النبوة والإمامة
‏ أقامت مؤسسة علوم نهج البلاغة التابعة للعتبة الحسينية المقدسة يوم السبت (13 شوال 1438هـ) الموافق (8 تموز 2017م) الندوة ‏العلمية الاولى الموسومة بـ(النبوة والإمامة في عصر التأسيس ضرورة التلازم ووحدة المسار)، وذلك على قاعة سيد الأوصياء في ‏العتبة المقدسة, وتأتي هذه الندوة التي أقيمت بمشاركة باحثين من اساتذة الجامعات العراقية كخطوة مهمة في ارساء الأسس النظرية ‏لهذه المرحلة، وسد الفجوة المعرفية في المكتبة الاسلامية.استهلت الندوة بكلمة لمؤسسة علوم نهج البلاغة، ألقاها نيابة الشيخ سجاد ‏الربيعي حيث جاء فيها:‏
‏ "يعد أمر التلازم بين النبوة والامامة وفقا لما أفادت به النصوص أمراً حتمياً في التكوين والمسار، فقدم ضرورة عقلية أكدتها الوقائع ‏الحياتية منذ وجود الانسان على الارض والى اخر لحظات الوجود التكليفي للمعقولات.‏
‏ ومثلما كانت الضرورة التشريعية والعقلية تقتضي وجود الخليفة قبل الخليقة، كذا تقتضي هذه الضرورة وحدة المسار في النبوة ‏والامامة، وان اختلفت الرتبة بينهما واختصاص الوحي بالأولى حينا واندماجهما حينا آخر الذي نجده في سيدنا ابراهيم عليه السلام ‏وسيد الخلق محمد صلى الله عليه واله وسلم وانقطاع الوحي بالثانية بعلة الختامية، فلا نبي من بعدي، لكنهما لن يفترقا حتى يردا على ‏سيد النبوة والامامة الحوض يوم القيامة.‏
‏ فمنذ الاعلان الأول عن وحدة المسار بقوله تعالى: ((اني جاعل في الأرض خليفة)) وضرورة التلازم في ((يا آدم أنبئهم بأسمائهم)) ‏الى الاعلان الاخير في وحدة المسار ايضا في قوله تعالى: ((انما انت منذر ولكل قوم هاد)) وضرورة اللازم في قوله تعالى: ((وان لم ‏تفعل فما بلغت رسالتك))، تتضح ملامح المشروع الالهي في اصلاح الحياة في ساحة التكليف الالهي، أي هذه الأرض، فلن يكون ‏الاصلاح بمن وجدوا في انفسهم ذلك مستكنين من حظوة الجلالة والعظمة الوحدانية: ((أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن ‏نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون))، فكان الجواب في اختصاص الصلاح والاصلاح في تلازم النبوة والامامة من ‏آدم الى محمد صلى الله عليه واله وسلم ومنه الى علي وولده الأئمة الأحد عشر عليهم السلام الذين لم تعلمهم الملائكة بأسمائهم: ((قَالَ ‏يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسمَآئِهِم قَالَ أَلَمْ أَقُل لكُم إِنِّي أَعلَمُ غَيبَ السمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَأَعلَمُ مَا تُبدُونَ وَمَا كُنتُم تَكتُمُونَ)).‏
‏ اذن، وحدة التلازم والمسار لا ينفكان في خير امة اخرجت للناس، وهم عترة محمد صلى الله عليه واله وسلم فهم خير امة اخرجت ‏للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر في تصحيح مسار الشريعة واصلاح الحياة، ولأن هذه المرحلة فيها من الاجحاف العلمي ‏بحق النبوة والامامة بفعل ما مرت به السيرة النبوية هدفت مؤسسة علوم نهج البلاغة الى اقامة هذه الندوة العلمية التي اشترك فيها ‏ثمانية من اساتذة الجامعات بأبحاث علمية رصينة سعيا منها الى ارساء الاسس النبوية لهذه المرحلة وسد الفجوة المعرفية في المكتبة ‏الاسلامية".‏
جاءت بعدها كلمة رئيس جامعة ذي قار الأستاذ الدكتور رياض جبر والتي بين فيها:‏
‏"لقد جئنا من الجنوب الجريح الذي يحمل البندقية والقلم، لقد روت دماء ابنائنا ارض العراق، وتعالت صور الشهداء في مدننا وقرانا، ‏ونحن نفخر بهذا الدور العظيم؛ لأننا نقاتل خوارج العصر نيابة عن العالم الاسلامي كله.‏
‏ ونحن في هذا المقام، لقد شرع اساتذتنا من التدريسيين والتدريسيات بكتابة بحوث هذا الموضوع المهم في هذا التلازم الالهي بين ‏النبوة والامامة وسلطوا الضوء في بحوثهم على هذا المفصل المهم في تاريخ العقيدة الاسلامية.‏
‏ نحن بحاجة ماسة أن نوصل هذا الصوت العلمي الموضوعي الرصين القائم على التحقق من الروايات وقراءة هذه الروايات والحجاج ‏الموضوعي العلمي المنطقي؛ لكي نوصل الى الآخر صوتنا والحقيقة التي طمست وشوهت على مدى ازمان طويلة منذ نزول القرآن ‏الكريم على النبي الأمين صلى الله عليه واله وسلم هذا الاسهام الذي نقدمه بتواضع كبير؛ لأننا جزء من بحر من المؤلفات والكتابات ‏والجهود العظيمة التي سبقنا فيها العلماء الاعلام والباحثون الكرام في هذا المضمار.‏
‏ لذلك يقف الباحثون اليوم ليقدموا بين ايديكم هذا المنجز العلمي الذي نتمنى ان شاء الله أن ينال الرضا ويسد فراغاً في المكتبة ‏الاسلامية؛ ليكون نبراساً للباحثين، وليكون مقدمة لبحوث اكبر واعمق ان شاء الله تعالى".‏
لتنطلق بعدها الجلسة البحثية التي كانت برئاسة الاستاذ المساعد الدكتور محمد حسين الطائي والاستاذ المساعد الدكتور فهد نعيمة ‏البيضاني مقررا لها والتي تضمنت القاء ثمانية بحوث رصينة تمحورت جميعها حول امر التلازم بين النبوة والامامة حيث كان ‏البحث الاول للأستاذ للدكتور جواد كاظم النصر الله من جامعة البصرة - كلية الآداب حيث كان بحثه بعنوان (النبوة والامامة في ‏مرحلة التأسيس – دراسة عقدية) تناول فيه الباحث دراسة العلاقة بين النبوة والامامة، ومتى كانت بداية هذه العلاقة من خلال ثلاثة ‏محاور حيث تناول في المحور الاول ما المقصود بالأخوة هنا، هل الأخوة النسبية ام انها الأخوة العقائدية؟ وتناول في المحور الثاني ‏دراسة موقع الإمام علي عليه السلام بوصفه وصياً للنبي صلى الله عليه واله وسلم , فيما تناول في المحور الثالث موقع الإمام علي ‏عليه السلام بوصفه خليفة للنبي صلى الله عليه واله وسلم .‏
اما البحث الثاني فكان للأستاذ الدكتور سراج جابر من جامعة البصرة - كلية التربية حيث كان بحثه بعنوان (الإيحاءات التكاملية ‏لخطي النبوة والإمامة في نهج البلاغة) تناول فيه الباحث دراسة العلاقة التكاملية بين النبوة والإمامة ومرتكزات ذلك التكامل والتي ‏تقوم على وحدة المصدر والمنبع بين النبي محمدصلى الله عليه واله وسلم والإمام علي عليه السلام وكذلك المواكبة والاقتران بينهما ‏والاعداد التربوي الذي جسده النبي في تلك العلاقة وهو اعداد قام على وعي الإمام عليه السلام بالإسلام كدين، ومن ثم مواصلة ‏الرسالة بنفس النشاط.‏
جاء بعده البحث الثالث للأستاذ الدكتور حسين علي الشرهاني من جامعة ذي قار – كلية الآداب حيث كان بحثه بعنوان (المهام غير ‏العسكرية للإمام علي عليه السلام في دولة المدينة - قراءة في فاعليته السياسية والمجتمعية)، حاول من خلاله الباحث رصد المسار ‏التكاملي المتلازم في الاداء بين النبي صلى الله عليه واله وسلم والإمام علي عليه السلام في المرحلة المدنية عبر تسليط الضوء ‏على المهام غير العسكرية التي اضطلع بها الإمام دون غيره من الصحابة.‏
فيما جاء البحث الرابع للأستاذة المساعدة انتصار عدنان العواد من جامعة البصرة – كلية الآداب حيث كان بحثها بعنوان (النبوة ‏والإمامة في مرحلة التأسيس - دراسة في العلاقة الأسرية) تناولت فيه الباحثة مجموعة مضامين اساسية لبيان طبيعة هذه العلاقة يأتي ‏في مقدمتها النسب المتحد فيما بينهما اذ انهما من اصل واحد متصل بشجرة الانبياء، وما امتاز به هذا النسل الطاهر من خصوصيات، ‏ومن ثم انتقل البحث الى بيان ملامح الطريقة التي تعاون بها النبي مع الإمام، وهو يكتنفه وليداً في حجره.‏
جاء بعدها البحث الخامس للأستاذ المساعد شهيد كريم محمد من جامعة ميسان – كلية التربية حيث كان البحث بعنوان (النبوة والإمامة ‏ومسارات التكامل الأدائي – قراءة في حتمية التلازم) تناول فيه الباحث منح المزيد من الاهتمام للمدونة السيرية بعدها المجال الثقافي ‏الاول، عصر التأسيس لصياغة حتمية التلازم ومسارات التكامل الادائية بين النبوة والإمامة.‏
فيما كان البحث السادس للأستاذ المساعد علي رحيم ابو الهيل من جامعة ذي قار – كلية الآداب حيث كان البحث بعنوان (النبوة ‏والإمامة في المدونة السيرية – قراءة في عرض الأحداث ووعي الترابط) حاول فيه الباحث تسليط الضوء على جنبة من الطمس ‏افاضت بها المدونات السيرية، وذلك من خلال عرضها الترابط والتلازم الحاصل بين النبوة والإمامة والتفسيرات الملتوية لذلك ‏الارتباط والتلازم، كما عرض البحث الارادة الالهية التي جاءت واضحة على لسان الرسول صلى الله عليه واله وسلم وهي التي ‏قررها يوم انذار العشيرة بأن نصب امير المؤمنين عليه السلام خليفة له.‏
جاء بعده البحث السابع للأستاذ المساعد علاء حسن اللامي من محافظة ميسان - كلية الإمام الكاظم عليه السلام حيث كان بحثه ‏بعنوان (النبي والإمام علي ومسارات المواجهة في المرحلة المكية دراسة في حادثتي الحصار والمبيت) ركز فيه الباحث على حدثين ‏مهمين الاول حادثة حصار النبي صلى الله عليه واله وسلم في شعب ابي طالب والحادثة الاخرى مبيت الإمام علي عليه السلام ‏على فراش النبي مع الوقوف على دور الإمام من ذلك وما اوكل اليه من مهام عظيمة كانت بحق مشروع انجاح النبوة ومؤازرتها ‏وسط بيئة الشرك وقوة تسلطه في مكة آنذاك.‏
ليكون البحث الاخير للأستاذ المساعد جمعة ثجيل الحمداني من من جامعة ذي قار – كلية الاداب حيث كان بحثه بعنوان (الإمام علي ‏عليه السلام والحضور الحاسم في المعارك الاسلامية الاولى) حيث سلط فيه الباحث الضوء على الحضور العسكري الحاسم للإمام ‏عليه السلام ودوره الفعال الذي اعترف به الخصوم قبل الموالين وكتب التاريخ الاسلامية مليئة بالكلام عن هذه الشجاعة وهذا ‏الايمان المنقطع النظير.‏
هذا وتخلل الندوة العديد من الاسئلة والاستفسارات من قبل الحاضرين قام الباحثون بدورهم بالإجابة عنها وتوضيح ما يلزم توضيحه ‏لتختتم الندوة بتكريم الاساتذة الباحثين والمشاركين فيها.‏
جريدة صدى الروضتين كانت حاضرة في هذه الندوة، واجرت العديد من اللقاءات حيث كان اللقاء الاول مع مدير تحرير مجلة المبين ‏المحكمة الدكتور لواء عبد الحسن عطية الذي تحدث قائلاً:‏
‏ "لقد عملت المؤسسة على التفكير في تبني هذه الندوات لسد الفجوات المعرفية في المكتبة الاسلامية ولرصد الظواهر التي تواجه ‏المجتمع ولا سيما شريحة الشباب ففي هذا العصر كثرت التشكيكات فيما يتعلق بالنبوة والامامة، فاستكتبت قبل ثلاثة اشهر ثمانية من ‏الباحثين، وكانت البحوث متنوعة بمشاركة اساتذة من الجامعات العراقية وكلها في محور واحد هو التلازم بين النبوة والامامة، وان ‏النبي صلى الله عليه واله وسلم هو المنذر للائمة وان الهداة من بعده هم الائمة عليهم السلام بدءاً بأمير المؤمنين عليه السلام ‏وانتهاء بالحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف لذلك حرصت المؤسسة على نشر ملخصات هذه البحوث التي ستنشر بنحو ‏كامل في عدد خاص من مجلة المبين المحكمة بعد اكتمال مناقشتها في هذه الندوة المباركة".‏
من جانبه، بين الشيخ باقر الساعدي مدير مؤسسة وارث الانبياء للدراسات التخصصية التابعة للعتبة الحسينية المقدسة قائلاً:‏
‏ "ان التراث الاسلامي وخصوصا تراث اتباع اهل البيت عليهم السلام تراث واسع وثر وفيه من الكثير من المواضيع، ولم يبحث ‏من قبل الاختصاصيين، فهذه الندوة ولما تحويه من الاخوة اساتذة الجامعات والباحثين لا يخفى انهم يقدمون قراءة جديدة لهذا التراث ‏الاسلامي، ويحققون ويخرجون بنتائج كثيرة قد تكون هي بذرات لتصحيح مسار الكثير من المسائل الدينية التاريخية او العقدية او ‏الاخلاقية فيما يخص علاقة بين النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم بأمير المؤمنين عليه السلام مما يخص الامامة بالنبوة.‏
‏ لذلك جاءت هذه الندوة لإخراج كنوز من هذا التراث العظيم للإسلام الاصيل؛ لأن القراءة الجديدة تخرج بتصحيح لأفكار والخروج من ‏المتبنيات التي يكون الكثير منها خاطئ، فالعمل التحقيقي هو تنظير لتصحيح المسار يبقى التطبيق والاستثمار من قبل الجهات ‏المختصة حيث لا يخفى ان المؤتمرات والندوات هي جهات تنظير وتحقيق وبالتالي تخرج بنتائج ورؤى واضحة لاستثمارها من قبل ‏المعنيين".‏
الباحث الدكتور جمعة الحمداني أستاذ في كلية الاداب جامعة ذي قار بين من جانبه قائلاً:‏
‏"شاركنا في هذه الندوة كونها تعتبر من الندوات المهمة، خصوصا وان هناك روايات كثيرة من المذاهب الاسلامية الاخرى وايضا ‏وجود شوائب في بعض كتب التراث الاسلامي حاولت ان تدس السم في العسل في هذا الموضوع بالخصوص لذلك فدراسة هذا ‏الموضوع بطريقة فكرية معاصرة تتلاءم مع القرآن هي التي دعت الى عقد هذه الندوة؛ لأنها تنور الافكار وتزيل الشوائب الموجودة ‏في القراءات السابقة.. وكثير من الناس بما فيهم اتباع اهل البيت عليهم السلام لم يتوصلوا الى المفهوم الحقيقي للإمامة وتلازمه مع ‏النبوة".‏