الْمَرْجِعِيَّةُ الدِّينِيَّةُ العُلْيَا تُشَدِّدُ عَلَى ضَرُورَةِ التِزَامِ العَشَائِرِ العِرَاقِيَّةِ بِالضَّوَابِطِ ‏وَالقَوَانِي

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
الْمَرْجِعِيَّةُ الدِّينِيَّةُ العُلْيَا تُشَدِّدُ عَلَى ضَرُورَةِ التِزَامِ العَشَائِرِ العِرَاقِيَّةِ بِالضَّوَابِطِ ‏وَالقَوَانِينِ فِي حَلِّ النِّزَاعَاتِ وَالخِلَافَاتِ ‏
وَعَدَمِ اللُّجُوءِ اِلَى العُنْفِ وَالاقْتِتَالِ..‏‏ تناولت المرجعيّةُ الدينيّة العُليا على لسان ممثّلها سماحة الشيخ عبد ‏المهدي ‏الكربلائي(دام عزه) في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة ‏‏(9رجب 1438هـ) الموافق لـ(7نيسان 1438هـ) التي أُقيمت ‏في ‏الصحن الحسينيّ الشريف بإمامته، موضوع النظام العشائريّ ودوره ‏في المجتمع والصفات النبيلة والأخلاق الكريمة ‏للعشائر التي لابُدّ ‏من ترسيخها وتدعيمها، مبيّنةً أنّ العشائر تمثّل جزءً مهمّاً في ‏التركيبة المجتمعيّة في العراق، مبديةً في ‏الوقت نفسه أسفها من ‏بروز ظاهرة شيوع بعض الأعراف والتقاليد والأحكام التي تتنافى ‏مع القواعد الشرعيّة والضوابط ‏القانونيّة، ممّا يشكّل خطورةً في ‏بعض الجوانب الاجتماعيّة، حيث قال سماحته:‏أيّها الإخوة والأخوات أودّ أن أتعرّض الى ‏ما يلي:‏
‏ ممّا لا شكّ فيه أيّها الإخوة والأخوات أنّ للعشيرة ونظامها تقاليدها وأعرافها ‏وأحكامها دوراً مهمّاً في الحياة الاجتماعيّة في ‏العراق ودوراً مهمّاً وفاعلاً لماذا؟ ‏للأسباب التالية:‏
أوّلاً: أنّ كيان العشيرة يمثّل جزءاً أساسيّاً من التركيبة المجتمعيّة في العراق.‏
ثانياً: أنّ لدى العشائر الصفات النبيلة ومحامد الصفات والأخلاق الكريمة، وهذه لابُدّ ‏من ترسيخها وتدعيمها وإفشائها ‏ونشرها في العشيرة، بل في مختلف العشائر وفي ‏المجتمع.‏
ثالثاً: أنّ الكثير من الناس أصبحوا الآن يلجؤون الى العشائر في حلّ مشاكلهم ‏ونزاعاتهم، بل حتّى في قضايا أخرى غير ‏النزاعات والاختلافات يلجؤون أيضاً الى ‏العشائر للقضاء فيها ولحلّها.‏
‏ وفي نفس الوقت وممّا يؤسف له في الفترة الأخيرة، بروز ظاهرة شيوع بعض ‏الأعراف والتقاليد والأحكام التي تتنافى مع ‏القواعد الشرعيّة والضوابط القانونيّة، ممّا ‏يشكّل خطورةً في بعض الجوانب الاجتماعيّة، وتهديد التعايش السلمي بين ‏أفراد ‏المجتمع.‏
‏ لذلك لابدّ لنا أن نرصد ما هي هذه التقاليد والأعراف والأحكام الضارّة والسلبيّة؛ ‏لكي نميّزها عن الأعراف والتقاليد الطيّبة ‏والراقية لدى العشائر، على ضوء ذلك نميّز ‏هذه أعراف ممتازة جدّاً وجيدة تنفع المجتمع نتمسّك بها، وهناك أعراف وتقاليد ‏ضارّة ‏هدّامة نتجنّبها، لذا سأبيّن محاور الحديث عن العشائر ودورها في المجتمع:‏
المحور الأوّل: ما هي الأدوار الإيجابيّة البنّاءة للعشيرة في المجتمع؟ في الواقع تعدّ ‏العشائر في العراق مدرسة للقيم التربويّة ‏النبيلة ومحامد الصفات ومكارم الأخلاق، ‏فنلاحظ في العشائر الكرم والجود والشجاعة والشهامة والدفاع عن المظلوم ‏واسترداد ‏حقّه وإطعام الطعام وإقراء الضيف وحلّ المشاكل والنزاعات بالطرق المقبولة ‏والسلميّة وإحلال السلام بين ‏المتنازعين، هذه محامد الصفات من مكارم الأخلاق ‏والقيم النبيلة. ‏
ومن أهمّ ما تميّزت به العشائر العراقيّة الكريمة هو مساهمتها الفاعلة والمؤثّرة ‏والكبيرة في الدفاع عن العراق، وعن الوطن ‏والعرض والمقدّسات، وتجلّى ذلك ‏واضحاً في الاستجابة الكبيرة للعشائر على ضوء فتوى الوجوب الكفائي للدفاع ‏عن ‏العراق أمام الإرهابيّين، والتاريخ يشهد بثورات العشائر العراقيّة ضدّ الاحتلال ‏الأجنبيّ، كذلك وقوفهم أمام الحكّام ‏الطواغيت والظالمين. ‏
المحور الثاني: ما هي المبادئ الأساسيّة للدور الإصلاحيّ والإيجابيّ للفرد والعشيرة:‏
المبدأ الأوّل للعشائر ولنا نحن جميعاً: عدم تجاوز الحدود الشرعيّة وثوابت أحكام ‏الإسلام. ‏
المبدأ الثاني: رعاية الضوابط القانونيّة، فرعاية الضوابط القانونيّة من المبادئ المهمّة ‏في النزاعات وفي حلّ النزاعات ‏العشائريّة وحلّ الاختلافات والصراعات، سواءً كان ‏في داخل العشائر أو غيرها.‏
المبدأ الثالث: هو أيضاً مبدأٌ مهمّ، وعلينا أن نعتمده في حياتنا وفي حلّ المشاكل بين ‏العشائر هو اعتماد مبدأ التسامح والعفو ‏والتغاضي عن الإساءات من الآخرين، وعدم ‏الانقياد للأهواء الشخصيّة والعصبيّة القبليّة والعصبيّة العشائريّة.‏
‏ الآن إخواني لو نتأمّل في الآيات القرآنيّة والأحاديث الشريفة لا يُحصى كثرةً عددُ ‏الآيات القرآنيّة والأحاديث الشريفة التي ‏حثّت على أن يكون تعاملنا الاجتماعيّ حينما ‏يحصل نزاع أو إساءة من آخر أن نعتمد التسامح والعفو عن الآخرين، لا نعتمد ‏العنف ‏وسيلةً لحلّ المشاكل والنزاعات بل هذا المبدأ من المبادئ الأساسيّة والمهمّة لاستقرار ‏المجتمع، في نفس الوقت حينما ‏يكون هناك اعتماد أسلوب آخر وهو أسلوب القتل ‏والعنف والجراح والتهجير وغير ذلك من الأمور هذه أساليب نهى عنها ‏الإسلام نهياً ‏مغلّظاً ولم يرتضِ بهذه الأمور التي يُغضب الكثير منها الله تعالى، وتؤدّي الى حالة ‏من الظلم ربّما والجور ‏والتقاطع بين أفراد المجتمع، هذا المبدأ مبدأ اجتماعيّ مهمّ لابدّ ‏أن يُعتمد في حلّ النزاعات عند العشائر.‏