المَرْجِعِيَّةُ الدِّيْنِيَّةُ العُلْيَا تُؤَكِّدُ عَلَى ضَرُوْرَةِ الاهْتِمَامِ بِالأَنْظِمَةِ وَالمَعَايِيْرِ
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المَرْجِعِيَّةُ الدِّيْنِيَّةُ العُلْيَا تُؤَكِّدُ عَلَى ضَرُوْرَةِ الاهْتِمَامِ بِالأَنْظِمَةِ وَالمَعَايِيْرِ التِيْ تَنْعَكِسُ إِيْجَابَاً عَلَى الْمُجْتَمَعِ وَتُبَيِّنُ:
الشَّعْبُ الّذِيْ فِيْهِ شُهَدَاءُ شَعْبٌ حَيٌّ لَا يَمُوْتُ.. أكّدت المرجعيّة الدينيّة العُليا على لسان وكيلها سماحة السيّد أحمد الصافي(دام عزّه) في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (16رجب 1438هـ) الموافق لـ(14نيسان 2017م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامته، على ضرورة الاهتمام بالأنظمة والمعايير التي تحثّ على التعاون وتبادل الاحترام وتربية أبنائنا عليها؛ لكونها تنعكس إيجاباً على المجتمع وأبنائه، مبيّنةً: نحن شعبٌ مصدرُ الأخلاق، والشعب العراقيّ شعبٌ حيّ ضحّى وأعطى، والشعبُ الذي فيه شهداءُ شعبٌ لا يموت، ولا زال هذا الشعبُ يعطي الشهيد تلو الشهيد، حيث بيّن سماحته:إخوتي أخواتي أعرض على مسامعكم الكريمة الأمر التالي:
لا شكّ أنّ المجتمعات عموماً تسعى دائماً لتوفير حياةٍ حرّة كريمة، من خلال تنظيم أمورها وفق معايير تُحفظ فيها حياة أفراد المجتمع وأسره حتى تنعكس إيجاباً على عموم المجتمع، والمجتمعات المتحضّرة اليوم هي المجتمعات التي تعطي قيماً حقيقيّة للإنسان بما هو إنسان، طبعاً حديثنا حديثٌ اجتماعيّ يعني أنّه لا يرتبط بجهةٍ سياسيّة أو بموضوعٍ سياسيّ أو ننظر الى مجتمعٍ بعينه، وإنّما نتكلّم عن أمورٍ عامّة قد تنعكس على مجتمعنا، باعتبار أنّنا نريد أن نحصل على حالةٍ مُثلى؛ لأنّ ذلك من حقّنا، وهو أن نعيش في حالةٍ اجتماعيّةٍ وحالةٍ تحضّرية نسعد بها جميعاً وفق معايير تنسجم معنا.
أمير المؤمنين(عليه السلام) عندما كتب العهد لمالك الأشتر جعل هذا المعيار معياراً مهمّاً، عندما عبّر عن الناس أنّهم (...صنفان إمّا أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق)، لم يكرم الأوّل على حساب الثاني ولم يُهن الثاني على حساب الأوّل، وإنّما هذا المعيار مهمّ للتعامل.. لماذا نريد المواطن أن يكون محترماً ولا نسعى جميعاً لزرع هذه الحالة الاحتراميّة!!
أنا عندما أسمع وتسمعون يأتيك فلان وفلان يتحدّث عن مجتمعٍ آخر في مقام الفخر يقول: يحترمون الإنسان بشكلٍ غير طبيعيّ!! أنت في داخلك تتمنّى أن تكون هذه الحالة عندك، لكن لماذا لا تكون؟! مَنْ المسؤول عن عدمها؟! ألسنا أمّة متحضّرة؟! ألسنا أمّة لنا جذورنا ولنا أصالتنا؟! مَنْ المسؤول عن هذا التشتّت؟ ألسنا أمّة فيها شجاعة؟! ألسنا أمّة فيها أبطال؟! ألسنا أمّة فيها فتية من المُمكن أن يبنوا هذا البلد؟!! ستقول: نعم ثمّ نعم ثمّ نعم، إذن أين المشكلة؟!!.
حقيقةً الدولة بمفهومها قطعاً لها التزاماتٌ إزاء بقاء التحضّر على شعبها، ولها انعكاساتٌ سلبيّة لو أساءت ذلك، كلّ القوانين التي تخدم هذه المجتمعات لا تجد لها تطبيقاً، لا يُمكن أن نتحوّل من أمّة مجرّد أن تكتب على الورق بلا أن تجد صدى ذلك على الأرض، لماذا الجار غير محترم؟!! لماذا توضع ضوابط معيّنة ولا يُلتزم بها؟
أنا أتذكّر قبل أيّام قرأتُ أنّ رجلاً في سلك الشرطة من أهل البصرة أرجع أمانةً الى صاحبها بمقدار أكثر من مئتي مليون دينار، كان قد نساها في سيارة الرجل الذي أراد أن يوصله، فرجع الى المنطقة وأعطاه الأمانة، تعلمون أنّ الوضع الطبيعيّ للإنسان أن يُرجع الأمانة الى أصحابها، نعم.. نحن شعبٌ هو مصدر الأخلاق فلابدّ أن نحيا هذه الحياة بشكلٍ حقيقيّ، لا تستنكفوا من الحقّ، يجب أن لا نضعف من أن نحافظ على بلدنا، اليوم البلد بحمد الله تعالى يرفع رأسه بأبنائه الذين يُقاتلون والذين أعطوا صورةً مشرقة، وأمّهات هنّ أسطورة في الصبر والوفاء والعفّة والنجابة والقوّة، هذا شعبٌ يحتاج أن تكتمل الصورة فلابدّ أن يعين أحدنا الآخر، الصورة مكتملة توجد هناك شجاعة وعفّة ووفاء وإقدام فلا يهمّنا إنْ كانت هناك أوضاع سياسيّة في البلد قد حاولت أن تمزّق حالة التحضّر، غير صحيح أن نُنعت بأشياء هي بعيدة عنّا فنحن جرّبنا أنفسنا في مواقع معيّنة وفاز الشعبُ بها، في العطاء وفي الدماء وفي الأعراض والأنفس شعبٌ مدافع وشعبٌ أبيّ، لا نُحاول أن نُطعن بأشياء مقدورٍ عليها!! الجار يستنكف أن ينبّه جاره والشخص يصعب عليه أن يتكلّم مع آخر بحقّ، لا يا إخوان بل نتكلّم وأحدنا يُرشد الآخر وأحدنا يبيّن للآخر، هذه فيها مصلحة شعب.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ على جميع المرضى بالصحّة والعافية وأن يرحم شهداءنا الأبرار وأن يحفظ عوائلهم الكريمة ويكونوا فخراً لنا، وأن يرينا الله تعالى فيهم كلّ خيرٍ ويرينا في أعدائهم كلّ ذلٍّ وهوان بمحمدٍ وآله، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين.