المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تُجدّدُ تحذيرَها من ارتفاع نِسَب الطّلاق في المجتمع

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تُجدّدُ تحذيرَها من ارتفاع نِسَب الطّلاق في المجتمع وتصفُهُ بالأمر المُخيف والمُقلق وتُشدّد على الاهتمامِ بالأُسرة وحمايتها من التفكّك..
جدّدت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا على لسان ممثّلها سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي(دام عزه) في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (28ربيع الثاني 1438هـ) الموافق لـ(27كانون الثاني 2017م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامته، تحذيرَها من ارتفاع نسب حالات الطلاق في المجتمع، واصفةً إيّاه بالأمر المُقلق والمُخيف، مشدّدةً على ضرورة الاهتمام بالأسرة، وحمايتها من التفكّك؛ لكونها تمثّل الأساس في بناء مجتمعٍ سعيدٍ ومستقرّ ومتوازن، حيث قال:
نتعرّض الى نظامٍ قنّنه وشرّعه الإسلام، ويُعدّ الركيزة الأساسيّة في بناء المواطن الصالح وبناء مجتمعٍ سعيدٍ ومستقرّ ومتوازن ألا وهو نظام الأسرة في الإسلام، ونذكر في بيان النظام الأسري في الإسلام أهمّية ودور نظام الأسرة في حياة الفرد والمجتمع.
أيّها الإخوة والأخوات بحسب معطيات الواقع الاجتماعيّ الآن في العراق، من الأهميّة بمكان أن يكون لدينا وعيٌ وإدراك لأهميّة هذا النظام في بناء شخصيّة المواطن الصالح وأهميّته في بناء المجتمع السعيد، خصوصاً أنّ الإحصاءات الأخيرة التي بيّنتها عددٌ من المؤسّسات الرسميّة التي بيّنت ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع، ممّا يهدّد بناء هذا المجتمع.. وهذا في الواقع أمرٌ مقلقٌ ومخيف أنّ هذه النسبة ترتفع بهذا المقدار في هذه السنوات المتعدّدة، وليس في سنة واحدة.
أيّها الإخوة والأخوات.. حينما أدرك أنّ هذا الشاب أو هذه الشابّة بحاجة الى زواج أسهّل أمور الزواج لهما؛ لأنّ هناك خيراً كثيراً سيأتي الى هذا الشاب والشابّة، ولنا كمجتمع من وراء الزواج، حينئذٍ على العائلة من الآباء والأمّهات أن يتساهلوا في أمر الزواج لا يعقّدوا ولا يصعّبوا أمور الزواج على هؤلاء الشباب والشابات، فإبقاء هؤلاء الشباب والشابات بدون زواج فيه مشاكل ومخاطر علينا وعلى مجتمعنا، وبالعكس إذا جمعت بينهما ففيه الكثير من الخير والنفع العظيم لي وللشابين وللمجتمع بصورةٍ عامّة، لذلك ورد في الحديث: (ما بُنِي بناءٌ في الإسلام أحبّ الى الله من التزويج)، لذلك الواحد منكم عليه أن يسعى بكلّ ما لديه من طاقة أن يساهم في هذا البناء؛ لأنّه سيُساهم في البناء الأحبّ الى الله تعالى.
المسألة الأخرى هي أنّه حينما نتعرّف على هذه المعطيات وهذا الخير من بناء الأسرة، علينا أن نتعاون جميعاً في هذا البناء، وفي تشكيل نظام الأسرة، يعني تارةً الأب والأمّ وتارةً أنتم تُساهمون في هذا البناء، تُساهمون في تقديم الدعم المالي أو الدعم المعنويّ، أو أنّ هناك مشاكل ونزاعاً يمكن أن يؤدّي الى تهديم الأسرة فالذي لديه جاه ولديه مقبوليّة، يأتي ولا يترك هذا النزاع يؤدّي الى الطلاق، بل يأتي ويُساهم في الحفاظ على كيان الأسرة وبقائها.
أيّها الإخوة والأخوات.. نذكر أهمّية ودور نظام الأسرة الذي حرص عليه الإسلام جدّاً في حياة الفرد وفي حياة المجتمع:
الأمر الأوّل: أنّ المحيط والبيئة الأكثر تأثيراً في بناء شخصيّة الإنسان وبناء المواطن الصالح إنّما هي الأسرة؛ لأنّ الإنسان يتفاعل مع أبويه، ومع أفراد أسرته أكثر من تفاعله مع بقيّة أفراد المجتمع فيتلقّى منهم، في داخل الأسرة تُبنى القِيَم تُبنى المبادئ تُبنى جوانب الشخصيّة العباديّة والشخصيّة العقائديّة والعادات والتقاليد والضوابط الاجتماعيّة، الأعراف والقوانين إنّما يتلقّاها الفرد أكثر من خلال أسرته، نعم.. يتلقّى ذلك من بقيّة البيئة التي يعيش فيها ولكن في داخل أسرته أكثر.
الأمر الثاني: في داخل الأسرة تكون الأسرة أكثر حرصاً من بقيّة أفراد البيئة والمحيط في تحصين وحماية الإنسان من الانحرافات الفكريّة والأخلاقيّة والحفاظ على الصحّة، تُلاحظون إخواني الطفل الذي يعيش محروماً من أبويه، كيف يكون وضعه الصحّي وكيف يكون وضعه النفسي، وكيف يكون وضعه الأخلاقيّ، وكيف يكون وضعه الفكريّ، حينئذٍ سيُحرم من هذه الأمور التي تحصّنه وتحميه من مخاطر البيئة الخارجيّة، نشاهد الأبوين أكثر حرصاً من الآخرين على صحّة هذا الطفل وهذا الفتى، الأبوان أكثر حرصاً على الطفل والشابّ من أن ينحرف، وأن تؤثّر فيه البيئة الخارجية.
الأمر الثالث: أنّ الأسرة متى ما بُنيت على أسسٍ صحيحة وسليمة ومستقيمة أمكن حينئذٍ أن نبني مجتمعاً صالحاً، لذلك إخواني إذا أردتم لمجتمعكم الصلاح، وإذا أردتم لعموم الناس الصلاح عليكم بالاهتمام بصلاح أُسركم.
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لذلك، اللهمّ إنّا نرغب إليك في دولة كريمة تعزّ بها الإسلام وأهله، وتذلّ بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك، والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.