المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تُعرِبُ عن أسفِها لحالةِ التفكّكِ الأسريّ التي يعيشُها المجتمعُ حديثاً

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تُعرِبُ عن أسفِها لحالةِ التفكّكِ الأسريّ التي يعيشُها المجتمعُ حديثاً وتدعو لمعالجتِها، مُشيدةً في الوقت نفسه بالأُسَر التي دَفَعتْ أبناءَها لحِفْظ البلد..
أعربت المرجعيّةُ الدينيةُ العُليا على لسان وكيلها سماحة السيد أحمد الصافي(دام عزّه) في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (21ربيع الثاني 1438هـ) الموافق لـ(20كانون الثاني 2017م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامته عن أسفها لحالة التفكّك الأسريّ التي يعيشها المجتمع العراقي حديثاً والمخاطر الناشئة من هذه المشكلة التي ستؤدّي بدورها الى انهيار المجتمع، مؤكّدةً على ضرورة اهتمام ربّ الأسرة بأسرته للملمة ومعالجة هذه الحالة المتفاقمة، مشيدةً في الوقت نفسه بالأسر المتماسكة التي دفعت أبناءها لحفظ العراق، حيث قال سماحته:
إخوتي أخواتي لعلّ من المواضيع التي تحتاج الى تسليط الضوء عليها هو موضوع التفكّك الأسريّ الذي نشهده الآن، وبالتأكيد أنّ حديثنا لا يُمكن أن يستوعب هذه المشكلة المتفاقمة، لكن من حقّنا أن نبيّن مخاطر هذه المسألة اجتماعيّاً، وأنتم تعلمون أنّ الأسرة هي حالة فطريّة في أنّ الإنسان يحبّ أن يستقرّ..
التداعياتُ الخطيرة لهذا البناء الأسريّ، من حالة هدم الأسرة هي مسؤوليّة الجميع، أنا أدعو الجميع - وأنا نفسي - فلنسارع الى لملمة الأُسَر، أيّها الأب اعطِ من وقتك الشيء لتوجيه هذه الأسرة، علّمْ هؤلاء الأبناء ما هي القيم الحقيقيّة، وما هي الأخلاق، وما هي الشيم، علّموا الناس الأخلاق، التكنلوجيا والتطوّر لا تعني عدم الأخلاق، نحن عندما نستعمل هذه الأمور استعمالاً سيّئاً قطعاً ستنتج الأشياء نتاجاً سلبيّاً.. لماذا اختفت القيم والشيم والرجولة والكرامة؟!! الغيرة بدأت تختفي، والكلّ يُعاني من هذا الظرف؛ لأنّ هذه المسألة مسألةٌ اجتماعيّة، مسألةٌ لا تخصّ أحداً دون آخر.
الأغلب من الإخوة الأعزّاء يحترمون الجار، والجار يطّلع على الجار أكثر ممّا يطّلع حتى القريب، وهذه أخلاق جميلة، الأعراف التي تولّدها بعض العشائر الحسنة أعراف جميلة فيها احترام الكبير، وفيها العطف على الصغير، وفيها مساعدة المرأة المسنّة، وفيها احترام الإنسان حتى في الصوت، إذا كان في محفلٍ عام لا يفرض على الآخرين أن يسمعوا صوته، إذا تكلّم مع صاحبه، لماذا تغيب هذه الأمور وهي من البديهيّات؟!! التفكّك الأسريّ يعني انهيار المجتمع فإذا تفكّكت الأسرة لا يُمكن للمجتمع أن يُصلَح، المجتمع إنّما يُصلَح من خلال الأسرة، الأب والأمّ أنتما مسؤولان مسؤوليّةً مباشرة عن تكوين هذه الأسرة وعن تربية هؤلاء الأبناء.
نحن في العراق الآن نعاني من مشاكل جمّة، وهؤلاء الأسر الكريمة التي دفعت بأبنائها الى أن تحفظ العراق هذه أُسرٌ كان عندها مشروعٌ مع أولادها، وهذه الأسر أسمعت أولادها ما هي القيم الحقيقيّة بحيث دفعت أبناءها والأبناء اندفعوا بقوّة، مَنْ كان وراء هذا الاندفاع؟ كان من ورائه التفكّك الأسريّ أم الأسرة المتماسكة؟!! حتماً الأسرة المتماسكة، فالأمّ تودّع ابنها الى جبهات القتال بالدعاء والدموع وتتوقّع أن يأتيها محمولاً على تابوت، أرضعته لبناً طاهراً، وتوقّعت منه كلّ شيء، فكان مشروعاً لها، والأب كذلك يدفع ابنه وإن كان هو المعيل.. ترى الأب يدفعه ويقول أنا أتحمّل الإنفاق على الأسرة مع تعبي مع كبر سنّي في سبيل أن تبقى أنت هناك وترفع رأسي، بربّكم أليس هذا جهداً يُثمَّن من قبل هذه الأسر الكريمة!!
في البداية عندما صدرت الفتوى المباركة الأعداد وصلت الى أكثر من مليونين أو ثلاثة ملايين، بمعنى أنّه بعدد هؤلاء هناك أسرٌ كريمة أسرٌ واعية أسرٌ مربّية وهذا مؤشّرٌ حسن، لكن عندما نسمع عكس ذلك من هنا وهناك نتألّم، هذا البلد بلدُ الشيم بلد الأخلاق بلدُ الكرامة بلدُ كلّ الفضائل، لماذا بعض الأسر تكون خارج السرب؟!!، التفكّك الأسريّ مدعاةٌ للقلق والكلّ مسؤولٌ وهذا الموضوع يمثّل صدعةً في جدار المجتمع، لا يتصدّعْ جدارُنا، لابُدّ للأُسر أن تكون بأهميّة ما تتحمّل من مسؤولية، وأن تكون لها مسؤوليّة اجتماعيّة مسؤوليّة عرفيّة مسؤوليّة دينيّة، لابُدّ للأسر أن تتماسك ولابُدّ للأسر أن تنظّم أمورها وتنصح الأولاد حفاظاً على نفس الأسرة، أن تنصح الأولاد بأن يلتزموا بكلّ الضوابط العرفيّة الجيّدة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا البلد بلداً آمناً وأن يحفظ أُسَرَنا الكريمة وأبناءنا فلذّات أكبادنا، وأن يحفظ أمّهاتنا وأخواتنا جميعاً في أن يلملموا شتات ما انفرط من بعض الأسر، وترجع هذه الأسر كريمةً ويرجع هذا المجتمع إن شاء الله تعالى كما عهدناه، سائلين الله تعالى ببركة مَنْ نحن بجواره أن يتلطّف علينا دائماً بالرحمة والرضوان، وأن يحفظكم وأن يغفر لنا ولكم زلّات اللّسان، وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمدٍ وعلى آله الطيّبين الطاهرين.