المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تؤكّد أنّ الذين يُجاهدون اليومَ لحماية العراقِ وشعبِهِ ومقدّساتِهِ يُحبُّهُم اللهُ تعالى
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تؤكّد أنّ الذين يُجاهدون اليومَ لحماية العراقِ وشعبِهِ ومقدّساتِهِ يُحبُّهُم اللهُ تعالى وهم مغبوطون على ما حصلوا عليه من مِنزلةٍ ومقام..
أكّدت المرجعيّةُ الدينيّة العُليا أنّ الذين يُقاتلون اليوم ضدّ قوى الإرهاب التكفيري دفاعاً عن أرض العراق وشعبه ومقدّساته، قد دخلوا في خانة: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا...) وهذا نوعٌ من التوفيق، مبيّنةً أنّهم يُغبطون على هذه المنزلة والمقام الذي حصلوا عليه؛ لأنّهم يُقاتلون ويُجاهدون في سبيله كالبنيان المرصوص الذي لا يهتزّ ولا يُخترق.. داعيةً لهؤلاء المقاتلين الأبطال بالنصر المؤزّر والفتح القريب والمبين.
جاء هذا في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (9ربيع الأوّل 1438هـ) الموافق لـ(9 كانون الأوّل 2016م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي(دام عزّه) حيث جاء فيها:
عندما نستعرض بعض الآيات من سورة الصف، نجد بعض الأشياء التي ذكرها الله تبارك وتعالى، منها: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ثم قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) ثم يقول بعد هاتين الآيتين مباشرة (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ).
طبعاً نحن مسؤولون أمام الله تبارك وتعالى، وكلّ فعلٍ من أفعالنا وكلّ قولٍ من أقوالنا له أثر، وهذه الآثار تختلف باختلاف الأقوال، في بعض الحالات القرآن يريد أن ينبّه (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ) أنت أمام مصطلح (كلمة) فما معنى كلمة كبرت؟ ذلك يعني الأثر الذي يترتّب عليها، الحالة التي نفعل أو نعمل بها هذا شيءٌ كبير، وهذا الشيء الكبير بلحاظ أثره الإنسان يُنكر فيقول له الله تعالى: (لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا) أو (لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا).
في بداية هذه السورة المباركة بدءاً الله تعالى ينزّه نفسه: (سَبَّح لله...) كلّ أحد في السماوات وفي الأرض هي حالةٌ من التنزيه، ثم يأتي الكلام لنا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ) بمعنى أنّ الإنسان لماذا يُعطي كلاماً وهو لا يفعل، ولا يستطيع أن يفي بهذا الكلام، لمَ تقولون وأنتم لا تفعلون؟!.
الإنسان الآن يحبّ الصدقات ويأتي الى الناس يحثّهم على الصدقات بكلمةٍ طيبةٍ لطيفة، هذا جيّد لكن أنت لا تفعلها..!، وهذه حالةٌ من حالات عدم المصداقية وعدم الواقعيّة، القرآن الكريم لا يرضى بهذا الكلام.
(لِمَ تقولون ما لا تفعلون) لم يكتفِ بهذا، هناك نوعٌ من التقريع قال: (كبر مقتاً...) والمقتُ هو أشدّ البُغض، تارةً تقول: هذه الحالة أنا أبغضها، الآخر يقول لك: بل إنّي أمقُتُها، فالمقت أشدّ حالةً من البغض، الله تعالى يقول: (كبر مقتاً عند الله...) ليس عندكم فقط بل عند الله، ما هو الذي كبر مقتاً عند الله؟ قال: (أن تقولوا ما لا تفعلون) هذا يُخرج الإنسان عن الصدق، عن الثقة، عن الموضوعية، فلابُدّ أن تكونوا بمستوى أن تقولوا ما تفعلون.
ثم يقول: (إنّ الله يُحبّ الذين يُقاتلون في سبيله صفّاً كأنّهم بنيانٌ مرصوص) هذه الآية الشريفة فيها الكثير من المعاني، الله تبارك وتعالى بمقتضى الرحمة نعم هو رحيمٌ بالمؤمنين، وإنّ رحمته وسعت كلّ شيء، لكن الله هو يصرّح وهو يقول: إنّي أحبّ، فالله تعالى هو يُحبّ.. من الذين يُحبّهم الله؟
(إنّ الله...) لاحظوا لفظ الجلالة (الله) تعالى يحبّ مَنْ؟ (إنّ الله يُحبّ الذين يُقاتلون...) بمعنى يندفعون للقتال، يقاتلون لا لأجل شيءٍ آخر، ليست عنده مشكلة مع فلان فيقتله أو مشكلة ما بين هذه الجهة وهذه الجهة فيقتلها، هذا ليست له علاقة بمحبّة الله تعالى، الله تعالى يحبّ شيئاً مرتبطاً به، أمّا الشيء غير المرتبط به فلا قيمة له.
لاحظوا العنوان الذي أعطاه الله تعالى لهم (..كأنّهم بنيانٌ مرصوص) ما معنى بنيانٌ مرصوص؟ بمعنى هذا البناء المرصوص هناك حالة من الإحكام والاستحكام لا فرجة فيه أصلاً، ولا يُمكن أن يُخترق، هذا الشيء مرصوص وهو بنيانٌ لا يهتزّ ولا يُمكن أن يُعبث به، هؤلاء يُقاتلون في سبيل الله لا يقاتلون في سبيل جهةٍ أخرى ويقاتلون أيضاً صفّاً أي صفّوا أنفسهم للقتال وأيضاً كأنّهم بنيانٌ، هذه الكتلةُ كتلةٌ تقاتل في سبيل الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يكون نصرٌ قريب، وأيضاً يكون فتحٌ قريب من الله تبارك وتعالى، وهذه الأشياء أيضاً نحبّها سائلين الله تعالى أن يمنّ على إخوتنا وعلى بلدنا بالنصر منه تعالى والفتح القريب، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين.