الراية السوداء تعتلي قبتي سيد الشهداء وأخيه قمر العشيرة
30-12-2018
علاء سعدون
إيذاناً ببدء موسم الأحزان الحسيني للعام الهجري 1438هـ
الراية السوداء تعتلي قبتي سيد الشهداء وأخيه قمر العشيرة عليهما السلام .
اعتادت العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية، ومنذ ما يقارب اثني عشر عاماً على إقامة مراسيم خاصة لاستبدال رايتي سيد الشهداء وأخيه قمر العشيرة عليهما السلام مع حلول شهري محرم الحرام وصفر الخير، فأصبح تقليداً وعرفاً سائداً لدى كل العتبات المقدسة والمراقد والمقامات بل وحتى في المساجد والحسينيات والمنازل كذلك، أن تستبدل الراية الحمراء بأخرى سوداء؛ إيذاناً ببدء موسوم الأحزان الحسيني في كربلاء المقدسة وكل بقاع الأرض.
المراسيم لهذا العام (1438هـ) شهدت أجواء إيمانية مفعمة بالمحبة والولاء طرزها حضور جماهيري مهيب في رحاب الامام أبي عبد الله الحسين وأخيه المولى أبي الفضل العباس عليهما السلام وبين حرميهما الشريفين، كما شهدها العالم أجمع من على شاشات النقل المباشر وعبر مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة وغيرها.
انطلقت المراسيم مساء يوم الأحد المصادف(30ذي الحجّة 1437هـ) الموافق لـ(2تشرين الأول 2016م) من رحاب الصحن الحسيني الشريف، مستهلين ذلك بتلاوة آياتٍ من الذكر الحكيم، أعقبها استبدال الراية الشريفة الحمراء لقبة سيد الشهداء عليه السلام بالراية السوداء، مصحوبة بأصوات اللّحن الجنائزي الحزين ونداء الولاء المتعالي (لبّيك يا حسين) لتنطلق بعدها مباشرة مراسيم استبدال راية قبة أبي الفضل العباس عليه السلام بأجواء وفقرات مماثلة كانت قد اختتمت بمشاركة الرادود الحسيني الكبير باسم الكربلائي في الصحن العباسي الشريف.
تخلل المراسيم بعض الكلمات لرئيس ديوان الوقف الشيعي سماحة السيد علاء الموسوي (دام عزه) وأخرى لمتولي العتبة الحسينية المقدسة الشرعي سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) وأيضاً لسماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه) المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة.
الكلمات تضمنت عدداً من التوجيهات والتوصيات لهذه الجموع المؤمنة وإلى كل شرائح المجتمع، حيث جاء في مضمونها:
1-إنّ هذه الراية التي سترتفع على قبّة الغريب المظلوم لتُعلن الحزن، سترتفع في قلوب الملايين من محبّي أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأهل بيت النبوّة، فقلوبنا محتاجة لهذه الأيّام حتى تطهر بحبّ أبي عبد الله الحسين بالتفجّع والبكاء عليه وعلى مصابه وأهل بيته عليهم السلام .
2-إنّ ما ننشده من إصلاح وصلاح في هذا البلد المظلوم يجب أن ينطلق من صلاح القلب أوّلاً، فكلّ صلاح في الدنيا وفي أيّ مجالٍ لا يمكن أن يتمّ إلّا بالإخلاص، والإخلاص لا يمكن أن يتمّ إلّا بصلاح القلوب وطهارتها، وها نحن اليوم في مطلع فصلٍ جديد من تطهير القلوب، فالدمعة على الحسين والبكاء عليه والتفجّع عليه يطهّر قلوبَ ونفوسَ المؤمنين ويهيّئها للإصلاح والصلاح.
3-إنّ قلامة ظفرٍ من أظافركم - هنا الخطاب للجموع الحاضرة - أفضل من جميع إرهابيّي العالم ومن يقف وراءهم.
4-مراجعنا العظام وجّهوا الأمّة بكلّ الطبقات كيف يتعاملون مع هذه الأيّام ومع المجالس ومع المواكب والقضيّة الحسينيّة، لذا يجب علينا الالتزام بهذه التوجيهات والسير عليها.
5-إنّ مقاتلي الحشد الشعبيّ والقوّات الأمنيّة انطلقوا من هذه الثورة لتحقيق الانتصارات، فهم أبناء الدمعة الحسينيّة.
6-إنّ حضوركم هذا هو بمثابة تجديد الولاء والبيعة لأبي الأحرار عليه السلام والسير على نهجه.
7-يجدر بنا ونحن نستذكر واقعة الطفّ وقيمها في التضحية والإيثار والفداء أن نستذكر عوائل الشهداء ونرعاهم ونتعطّف على أيتامهم، فهؤلاء أصحاب فضلٍ عظيم علينا، فلولا فضل الله والفتوى العظيمة للمرجع الدينيّ ودماء هؤلاء الشهداء لدنّست عصاباتُ داعش العاصمة بغداد وجميع أرض العراق.
8-نأمل من أصحاب الأقلام أن يوثّقوا قصص البطولة للمقاتلين لتكون دروساً وعبراً للأجيال القادمة، وأن لا ننسى الجرحى الذين عرّضوا أنفسهم للألم والجراح من أجل الحفاظ على الأرض والعرض، فتواصلوا معهم، وعلينا أن نُديم ثبات ورسوخ هذه المبادئ - مبادئ الإمام الحسين -، ونوصي الإخوة في المواكب الحسينيّة أن يكثروا ويركّزوا في شعاراتهم وقصائدهم على تقوية عزاء المجاهدين وإظهار حقيقة قتالهم وجهادهم للدفاع عن الوطن ومقدّساته.
من الجدير بالذكر أن العتبة العباسية المقدسة اعتادت أن تستلم راية في كل سنة من إحدى المحافظات العراقية العزيزة لترفع رمزياً خلال المراسيم، وفي هذا العام كانت الراية من محافظة البصرة الفيحاء.
كما يجب الإشارة إلى أن المراسيم شهدت قبل ذلك استعدادات كبيرة وجهودا مباركة قام بها الإخوة من شعبة الخياطة والتطريز المسؤولة عما يخط ويطرز من كلمات وأشعار وأحاديث وروايات يتم تعليقها على جدران الحرم الشريف للمولى أبي الفضل العباس عليه السلام ، وأيضاً قسم رعاية الحرم الشريف المسؤول عن نشر السواد وتهيئة الأجواء المناسبة من أضواء وزينة وغيرها.. بالإضافة لجهود مشتركة من أقسام أخرى في العتبة العباسية المقدسة ساهمت بالتحضير لهذه المناسبة واحتوائها وإنجاحها بشكل كبير.