المرجعيّةُ الدينيّة العُليا: المجاهدون بدأوا يقتربون في بصيرتهم من مشهد عاشوراء،

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّة العُليا: المجاهدون الأبطال في الجبهات بدأوا يقتربون في بصيرتهم من مشهد عاشوراء، ويتعلّمون من أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) قوّة الشجاعة وشدّة البأس..
تناوَلَ ممثّل المرجعيّة الدينيّة العُليا سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه) في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (12محرّم الحرام 1438هـ) الموافق لـ(14تشرين الأوّل 2016م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامته جانباً من المشهد العاشورائي في شجاعة وبسالة وإقدام أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام) والبصيرة التي كانوا يتمتّعون بها، مبيّناً أنّ مجاهدينا اليوم في الجبهات يقتربون من هذا المشهد ومن شجاعة وبصيرة هؤلاء الأبطال وشدّة بأسهم، حيث جاء في الخطبة:
إخوتي أخواتي.. لا زال المشهدُ العاشورائيّ ماثلاً أمامنا، وسنقف عند محورين من محاور عديدة، وهذان المحوران يمكن لنا أن نرى بعضاً منها بصورةٍ أو بأخرى عند أبطالنا المقاتلين الذين يقفون الآن على سواتر الجبهات محامين ومدافعين عن بلادهم.
لعلّ من جملة المشاهد التي نقف عندها في المشهد العاشورائيّ هي شجاعة وبسالة وإقدام أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام)، طبعاً الشجاعة ليست كلمةً سهلةً في مواطن الجهاد والدفاع، فالإنسان قد يقول: (أنا شجاع)، لكن عندما تبدأ ساحة الوغى تميّز بين الناس هنا تظهر حقيقة الدعوى، هل فعلاً الإنسان شجاع أو ليس بشجاع؟.
إنّ التاريخ لم يذكر لنا أنّ أحداً من أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام) قد جبُن وحاول أن يتَمَسْكنَ للأعداء، أو حاول أن يتراجع خوفاً من سيوف الطرف المقابل.
لو استعرضنا الطريقة التي بدأ بها أصحاب الحسين (عليه السلام) مسألة القتال لقرأنا المشهد على نحو أنّ أصحاب الحسين(عليه السلام) على قلّتهم اصطفّوا، والإمام الحسين(عليه السلام) في صبيحة عاشوراء وزّع هذا العدد القليل بطريقةٍ عسكريّة؛ لأنّهم سيواجهون العدوّ خلال ساعات قادمة، والعدوّ على كثرته بحيث ملأ البسيطة بجيشٍ مدجّج وهذا الجيش المدجّج بهذه الغلظة ليس عنده أي منطق يفهم فيه كيفيّة المعركة، وعندما بدأ أصحاب الحسين(عليه السلام) يبرزون خصوصاً الطريقة التي كانت عند القتال في تلك الفترة أنّ الإنسان ينتسب ثمّ يرتجز ثمّ ينزل الى المعركة، والآخرون يُشاهدون هذا الصحابيّ الذي كان معهم قبل لحظات يستأذن من الإمام الحسين(عليه السلام) ثمّ يدخل الى المعركة فيقتل ما وسعه أن يغمد سيفه في نحورهم، ثمّ بعد ذلك يحاول العدوّ بكثرته أن يقتله وكان يستشهد هذا البطل أمام ناظريهم.
وطبعاً هذه القضيّة قطعاً فيها صراخ وفيها ألم الجراح وفيها الرجز وفيها التكبير وفيها كلّ ما في المعركة وفيها صهيل الخيول وهذا المشهد لم يرعبْ أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام) أصلاً، بحيث كان الواحد منهم يمثّل جيشاً كثيراً، فإذا هجم حاول الآخر أن يفرّ منه فضلاً عن الإمام الحسين وأبي الفضل(عليهما السلام).. بل كان البعض ينزل الى المعركة وهو حاسرٌ؛ لأنّ جيش العدوّ كانوا جبناء ينهزمون.
لو استعرضنا عملية الرجز، وعمليّة الرجز كانت الطريقة المتعارفة أنّه إضافةً الى النسبة يُحاول أن يبيّن من هو ويبيّن أنّه شجاع ويبيّن أنّ سيفه لا يُمكن أن يُغمد إلّا في نحور الأعداء، ويبيّن أنّه سيترك جثثهم هذه الى طير السماء.
واقعاً هذا المشهدُ العاشورائيّ عبَرَ بعد (1400) سنة الى أن تسلّل الى نفوس وأجساد الإخوة الأعزّة الذين يُرابطون الآن في ساحات الوغى، ورأينا منهم وسمعنا شفهيّاً أنّ الحالة القتالية والبسالة التي استمدّوها من هذه المدرسة العاشورائية فهي مدرسةٌ منتِجة، رغم تقادم الأزمان والأعصر.. وهؤلاء يندفعون الى الموت اندفاعاً قويّاً وباسلاً على الرغم من قلّة الإمكانات عند البعض.
وهؤلاء الأبطال الآن يندفعون، فأغلب الإخوة الذين استُشهِدوا رأينا الإطلاقات تأتيهم في الجبهة أو في صدورهم أي أنّهم لم يفرّوا، بل كانوا يواجهون في المعركة وهذا استمدادٌ من عاشوراء.. وأنتم تسمعون الآن أنّ هؤلاء الشهداء في جزءٍ من شهادتهم هكذا تأتيه الإطلاقة في جبهته إذن هو متقدِّم أو تأتيه في صدره وهو متقدِّم، لم تأتِه في ظهره ولم تأتِه من خلفه لأنّهم لم يستشهدوا في حالة الانهزام.
اللهم انصرْ مجاهدينا وإخوتنا أينما كانوا، اللهمّ اربط على قلوبهم وشدّ على أياديهم واحفظهم واكلأهم بعينك يا أرحم الراحمين، اللهمّ ارزقهم النصر المؤزّر في القريب العاجل، واجعلنا وإيّاهم ممّن تشملهم عنايتك ورحمتك يا أرحم الراحمين، وصلّى الله على محمد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.