المرجعيّةُ الدينيّة العُليا: مجالس العزاء الحسينيّ ألهمت شبابنا وشيوخنا الشجاعة والبسالة
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّة العُليا: مجالس العزاء الحسينيّ ألهمت شبابنا وشيوخنا، فخرجوا بمئات الآلاف بكلّ شجاعة وبسالة دفاعاً عن العِرْض والأرض والمقدّسات.. فسطّروا أروع الملاحم التي سيُخلّدها لهم التاريخ..
بيّن ممثّل المرجعيّة الدينيّة العُليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (5محرم 1438هـ) الموافق لـ(7تشرين الأوّل 2016م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامته، أنّ مجالس العزاء على الإمام الحسين عليه السلام هي التي ألهمت شبابنا بل وشيوخنا، فخرجوا بمئات الآلاف بكلّ شجاعةٍ وبسالة دفاعاً عن العرض والأرض والمقدّسات، فسطّروا أروع الملاحم التي سيُخلّدها لهم التاريخ، وكفى بمثل هذا فائدةً وثمرةً لهذه المجالس وهي بما تجمعه من حشدٍ كبير من المؤمنين مناسَبةٌ فُضلى لتثقيف الناس في أمور دينهم، وتبصيرهم بشؤون زمانهم وطرح الحلول المناسبة لمشاكلهم الفكريّة، حيث قال:
أيّها الإخوة والأخوات أعرض على مسامعكم الكريمة الأمر التالي:
نعيش في هذه الأيّام ذكرى نهضة الإمام الحسين عليه السلام وخروجه للإصلاح في أمّة جدّه رسول اللهصلى الله عليه واله وسلم ، ولتلك النهضة الكبرى والفاجعة العظمى جوانب كثيرة يتداولها أهل العلم والمعرفة بالبحث والتحقيق، ولكن نريد أن نشير هنا إلى ما يمثّله الحزن والأسى على مصاب سيّد شباب أهل الجنّة عليه السلام من أهمّية في مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، فقد دلّت الآثار والنصوص المتضافرة عن أئمّة الهدى عليهم السلام على أنّ البكاء على الحسين عليه السلام وإظهار الحزن على مصابه عبادةٌ بنفسها يتقرّب بها المؤمنُ الى الله والى رسولهصلى الله عليه واله وسلم وتستوجب جزيل الثواب وعظيم الأجر، فقد ورد عن الإمام الباقر عن أبيه الإمام زين العابدين عليهما السلام أنّه كان يقول: (أيّما مؤمنٍ دمعت عيناه حتى تسيل على خدّيه فيما مسّنا من أذى من عدّونا في الدنيا، بوّأه الله منزل صدق)، وورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه كان يدعو في سجوده فيقول: (اللهم ارحم تلك الخدود التي تقلّبت على حفرة أبي عبد الله عليه السلام ، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمةً لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا).
إنّ الحزن على مصاب سيّد الشهداء عليه السلام مظهرٌ صادق من مظاهر الحبّ والولاء لنبيّ هذه الأمّة وآله الأطهار الذين اصطفاهم الله تعالى وأمر بمودّتهم وحبّهم وجعل ذلك أجر هذه الرسالة، فقال الله تعالى: (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)، وقد استفاضت الروايات الشريفة عن النبيّصلى الله عليه واله وسلم في أنّ المراد من القربى الذين أوجبت الآية الكريمة مودّتهم هم: عليّ وفاطمة وابناهما الحسن والحسين عليهم السلام .
أيّها الإخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات: إنّ هذا الحبّ يجب أن يُلامس شغاف قلوب المؤمنين، ويجري مع دمائهم في عروقهم، هذا الحبّ الذي هو شعبةٌ من شعب حبّ الله عزّوجلّ بحبّ أوليائه ومن جرت نعمته على هذه الأمة على أيديهم، فوقفوا مع النبيّصلى الله عليه واله وسلم وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل إيصال هذه الرسالة الى عامّة الناس، حتى امتزجت هذه الدعوة المباركة بدمائهم وجهادهم، بهم بدأها الله وبهم يختم وبهم تبقى مستمرّة عالية، لا تقوم لها قائمة من دونهم.
إنّ من واجبنا كمؤمنين بحكم ما أودعه الله تعالى في ضمائرنا أن نحبّهم أكثر من حبّنا لآبائنا وأمّهاتنا وذرّياتنا وجميع أهلينا.. إنّ هذا الحبّ هو من الحبّ لله تعالى الذي ورد في النصّ الشريف أنّه هو الدين، بالإضافة الى أنّ الحزن على الحسين عليه السلام والبكاء على مصابه براءةٌ منّا الى الله عمّا فعله الأشرار بآل محمدصلى الله عليه واله وسلم وإعلانٌ للنصرة لهم ولقائمهم عليه السلام عسى أن يكتبنا الله من الشاكرين الذين أشار اليهم في قوله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ).
إنّ مجالس سيّد الشهداء ومظاهر العزاء له وفق ما توارثه المؤمنون خَلَفاً عن سلف هي من أعظم ذخائرنا التي لا يُمكن أن نفرّط بها، بل لابُدّ أن نُحافظ عليها بكلّ ما أوتينا من إمكانات، وقد وجدنا كيف ألهمت شبابنا بل وشيوخنا، فخرجوا بمئات الآلاف بكلّ شجاعةٍ وبسالة دفاعاً عن العِرْض والأرض والمقدّسات، فسطّروا أروع الملاحم التي سيُخلّدها لهم التاريخ وكفى بمثل هذا فائدةً وثمرةً لهذه المجالس، وهي بما تجمعه من حشدٍ كبير من المؤمنين مناسبةٌ فُضلى لتثقيف الناس في أمور دينهم وتبصيرهم بشؤون زمانهم وطرح الحلول المناسبة لمشاكلهم الفكرية.
اللهمّ عجّل لوليّك الحجّة بن الحسن الظهور، واجعلنا من أهل طاعته وحقّق لنا آمالنا بنصرته وأتمم به لنا السعادة بالحضور بين يديه، والشهادة في صفّه، إنّك سميع الدعاء قريبٌ مجيبٌ، والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين.