المرجعيّة الدينيّة العُليا: مهنة التربية والتعليم تمثّل في بعض جوانبهما امتداداً لمهنة الأنبياء

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّة الدينيّة العُليا: مهنة التربية والتعليم تمثّل في بعض جوانبهما امتداداً لمهنة الأنبياء والأئمّة عليهم السلام في تعليم الناس وتربيتهم..
تناول ممثّلُ المرجعيّة الدينيّة العُليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) في الخطبة الثانيّة من صلاة الجمعة (21ذي الحجّة 1437هـ) الموافق لـ(23أيلول 2016م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامته، جملةً من التوصيات للأساتذة والمدرّسين وأولياء أمور الطلبة، وكذلك للجهات المعنيّة بالتربيّة والتعليم في الحكومة، بمناسبة قرب حلول العام الدراسيّ الجديد، التي من شأنها الارتقاء بالمستوى التعليميّ للطلبة حيث قال:
أيّها الإخوة والأخوات، أودّ أن أبيّن بعض الأمور، ولكن قبل ذلك أودّ أن أذكّركم ما للتعليم والتربية من أهمّية في حياة الفرد والمجتمع، إذا أراد الإنسان - فرداً ومجتمعاً - الخير كلّه والسعادة والتقدّم والتطوّر والعزّة والكرامة والشرف عليه بالعلم والتربية، أمّا إذا تخلّى عن ذلك، فليس له إلّا الشقاء والشرّ والذلّ والهوان والذلّ والتخلّف وبقيّة المصائب الناشئة من الجهل، فالعلم أصل الخير كلّه، والجهل أصل الشرّ كلّه، لذلك مع اقتراب بداية العام الدراسيّ الجديد أودّ أن أذكر الأمور التالية فنقول:
بمناسبة اقتراب بداية العام الدراسيّ الجديد، نودّ أن نذكر لأعزّائنا الأساتذة والمعلّمين -وهذا الكلام موجّه للجميع من أساتذة الجامعات والمدرّسين والمدرّسات والمعلّمين والمعلّمات وأولياء أمور الطلبة والجهات المعنيّة بالتربية والتعليم في الحكومة - نذكر لأعزّائنا الأساتذة والمعلّمين وأولياء الطلّاب بعض الأمور.
أوّلاً: ليعلم الإخوة الأساتذة في الجامعات والمدرّسون والمعلّمون أنّ مهنة التعليم والتربية تمثّل في بعض جوانبهما امتداداً لمهنة الأنبياء والأئمّة عليهم السلام في تعليم الناس وتربيتهم، فاجعلوا - أيّها الأساتذة أيّها المعلّمون أيّها المدرّسون... - مقصدكم والباعث لديكم هي النيّة الخالصة لله تعالى؛ ليكون لكم بذلك الأجر في عملكم، ولتُجعَلَ ساعاتُ تعليمكم في ميزان حسناتكم.
ثانياً: المأمول من الإخوة الأساتذة والمعلّمين أن يلتفتوا الى أنّ هؤلاء الطلبة أمانةٌ في أعناقهم، هؤلاء الطلبة فلذّات أكبادنا، أيّها الأساتذة في الجامعات أيّها المدرّسون أيّها المعلّمون هؤلاء الطلبة أمانة في أعناقكم، فالآباء والأمّهات بل المجتمع بأكمله قد سلّموا اليكم عقول وقلوب هؤلاء تصوغونها بما تشاءُهُ أفكاركم وتعاليمكم، فأعيدوا هذه الأمانة صالحةً بالمبادئ والخلق الرفيع - كما سُلّمت - مصونةً من الجهل والانحراف، وتذكّروا أن مهمّتكم لا تقتصر على التعليم المهنيّ في مجال اختصاصاتكم، بل مهمّتكم هي التعليم والتربية على الأخلاق الفاضلة والمواطنة الصالحة معاً، فلا ثمرةَ للتعليم بدون الأخلاق وتربية النفس على هذه القيم، والأستاذ الأكثر تأثيراً في طلبته هو الذي يبدأ بنفسه فيربّيها ويؤدّبها على محاسن الأخلاق، ومحامد الصفات، ويترجمها الى سلوك فعليّ أمام طلبته، ومن ذلك حسن التعامل مع الطلبة والتواضع لهم وعدم التعالي عليهم وسعة الصدر والتحمّل لهفواتهم وسلوكهم الخاطئ أحياناً، وذلك بإرشادهم بالحُسنى والموعظة الحسنة الى السلوك الصحيح وتنبيههم على ضرورة الاهتمام بأخلاقهم وسلوكيّاتهم كاهتمامهم بالحصول على الدرجات المتقدّمة في دروسهم، وهذا الكلام أيضاً نوجّهه اليكم يا أولياء الأمور للطلبة كما تهتمّون وتحرصون على أن ينال أولادكم الدرجات العالية في الدروس العلميّة والاختصاصية، احرصوا واجهدوا أنفسكم في أن ينالوا المراتب العالية في الأخلاق وتربية النفس، فإنّ كلا الأمرَيْن مهمّان في حياتنا، وعلى المعلّم أن يحترم جميع الطلبة، ولا يهين من لا يمتلك الذكاء العالي لتلقّي العلم، بل يعلّمه كيفيّة تطوير قابليّاته؛ ليتقدّم في مسيرته العلميّة، وعليه أن يوضّح للطلبة أنّ النجاح في الدراسة.
أيّها الإخوة والأخوات.. ما هو معيار نجاحنا في الحياة، هل أن ننال الدرجات العالية في دروس الرياضيات والفيزياء والكيمياء واللّغة وغير ذلك من الدروس الاختصاصية؟ أم إنّه أمرٌ آخر؟ النجاح في الحياة له مفهومٌ أوسع وأكبر، وعلينا أن نوضّح هذا المفهوم للطلبة في المدارس، وأن نوضّحه للجميع، وهو أمرٌ مهمّ حتى ننجح ونسعد في حياتنا الدنيا والآخرة.
فعلينا أن نوضّح للطلبة أنّ النجاح في الدراسة مهمٌّ، ولكنّه جزءٌ من النجاح الأكبر المطلوب في الحياة ألا وهو بناء العلاقة الصحيحة مع الله تعالى ومع بقيّة أفراد المجتمع، وامتلاك الشعور بالمسؤولية في أيّ موقع كان بعد التخرّج، والقدرة على النجاح فيه، وبناء الأسرة الصالحة وخدمة المجتمع بصورةٍ صحيحة.
كما نوجّه كلامنا لأولياء الأمور من الآباء والأمّهات فنقول: كما عليكم توفير مستلزمات المعيشة لأولادكم، عليكم توفير مستلزمات التربية الصالحة والنجاح في الحياة الدنيا والآخرة، فإنّهم كما هم أمانةٌ في أعناق معلّميهم هم أمانةٌ في أعناقكم وأنتم مسؤولون عنهم.
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا للعمل النافع والعمل الصالح، وأن يجعل ذلك سبيلاً للهداية والفلاح في الدنيا والآخرة إنّه سميعٌ مجيب، والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.