شعبة الصوت الحسيني التخصصية حناجر تصدح بالخدمة الحسينية الخالدة

30-12-2018
طارق الغانمي
شعبة الصوت الحسيني التخصصية
حناجر تصدح بالخدمة الحسينية الخالدة
للمنبر الحسيني أثره وحسه وحلاوته الإيمانية، وهو إشعاعة دينية، ولفتة تربوية، وتزكية روحية، تفيض على الناس لطائف وإشراقات.. ومن نعمة الله تعالى أن جعل هذا المنبر نافذة المجتمع على الخير، وإشراقتهم المعرفية، التي لا مناص منها، حتى من لا يعرف المحاضرات والدروس، ولم يشم رائحة العلم، يجد نفسه مضطراً لحضور منارة المجلس المشعة، والإصغاء لترنيماته العذبة، وتوجيهاته الأسرية... كل ذلك يدفع المسؤولين في العتبات المقدسة لتنمية المنبر والارتقاء بحديثه ودوره التوجيهي، وأن يكون الخطيب المتحدث أو الرادود الحسيني على مستوى المهمة وحسه التثقيفي الذي يستطيع أن يرتقي بالناس والمستمعين أخلاقياً وسلوكياً وفكرياً من جانب، والجانب الآخر الحث على إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام وبيان فكرهم وإظهار مظلوميتهم.
ومن هنا كان المنبر الحسيني الشرارة الأولى والمحيط الأشمل والعطاء الأعظم الذي حافظ على استمرار التدفق الولائي معالجاً كل ما يطرأ عليه من محدثات أو يستجد فيه من تطورات.
وتحت هذا الإطار شكلت العتبة الحسينية المقدسة شعبة متخصصة بتنمية قدرات المواهب والطاقات الحسينية الواعدة خدمة للدين والمذهب والمجتمع.
صدى الروضتين قامت بتغطية شاملة لكل مفاصل العمل في هذه الشعبة المباركة والتقت بفضيلة الشيخ مهدي عبد الرضا الخزاعي رئيس شعبة الصوت الحسيني التخصصية التابعة إلى قسم النشاطات العامة، ليتحدث عن آلية تشكيل هذه الشعبة، وعن أهم الأنشطة التي ترعاها، قائلاً:
تأسست هذه الشعبة في الشهر الخامس من عام (2015)م، نتيجة الفراغ الذي يعم هذه الطبقة، وهذه الفئة من المجتمع العراقي باعتبار فئة (الرادود الحسيني) شريحة مهمة في المجتمع، وتحتاج إلى تطوير في مفاصلها حالها حال أي شريحة أخرى.
وبما أني أتخصص في علم الصوت والموسيقى، خريج أكاديمية الفنون الجميلة في جامعة بغداد.. لذا ارتأينا أن نطرح هذا الموضوع على سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) المتولي الشرعي على العتبة الحسينية المقدسة، فوافق على تأسيس هذه الشعبة؛ لغرض احتضان الطاقات والمواهب الصوتية الحسينية والقرآنية الموجودة في المجتمع العراقي.
عمل الشعبة تخصصي بطبقة الصوت، لذلك هي تعنى بكل الطاقات الصوتية التي تريد أن تطور طبقات صوتها: كالمسرحيين والإعلاميين ومقدمي البرامج وغيرهم.
عمل الشعبة اليوم يركز بدرجة كبيرة على تطوير شريحة الرواديد، لذا تضافرت الجهود على إقامة دورات مكثفة بهذا الجانب من فئتين عمريتين هم فئة الفتيان الذين تتراوح أعمارهم من (11 - 17)عاما، وفئة الشباب من (18 - 30) عاما، أما فئة فوق (30) سنة فهذا أصبح رادوداً متمرساً لا يحتاج إلى دورات.. كما لدينا دورات للأشبال أصحاب المواهب من دون سن (11) عاماً...
ومن خلال عملنا، وجدنا أقبالاً شديداً من قبل الناس لتسجيل أبنائهم في هذه الدورات لغرض صقل مواهبهم صقلاً جيداً، ويصبح رادوداً مبدعاً في هذا الجانب.
كما وضعت الشعبة برنامجاً لخدمة المسيرة الحسينية بحيث أقامت دورات طوال الفترة الماضية ومنها دورة الزهراء عليها السلام ، وتم تخريج ما يقارب (35) رادوداً من أهالي مدينة كربلاء، ووضعنا دراسة متكاملة لمدة سنتين للمجموعة من الرواديد الفتيان والأشبال.
هذه الدراسة شملت التدريب على الصوت، وفتح الحنجرة، وتدريب على النفس العميق، وتعليم المقامات الصوتية الخاصة بالردات الحسينية والتي تختلف عن المقامات الصوتية للقارئ القرآن الكريم، وكذلك تدريب الطلبة على أوزان الشعر المختلفة المتعلقة بالمنبر الحسيني، حيث يوجد أساتذة مختصون بتعليم الأوزان الشعرية؛ باعتبار الرادود الناشئ أو الهاوي ليست لديه معرفة بالأوزان، لذا انطلقت الشعبة بهذا العمل من أجل وضع الأسس الصحيحة لهؤلاء الرواديد.
كذلك تعليمهم المقامات والأطوار الحسينية الأصيلة: كالمقامات التي قرأ بها الرادود الكبير حمزة الزغير (رحمه الله)، والملا عبد الرضا النجفي، والمرحوم ملا وطن، والملا جاسم النويني، وغيرها من الأطوار التي تنسجم مع القضية الحسينية.
صدى الروضتين: ما هو الهدف الذي تسعون إليه؟
نهدف إلى تخريج نخبة طيبة من الرواديد الحسينيين، تنسجم أطوارهم وأشعارهم مع صاحب المصيبة العظمى سيد الشهداء عليه السلام والتضحية الكبرى التي قدمها في سبيل الله تعالى ونصرة الإسلام؛ لذلك توجب علينا أن ننشئ رادوداً يتناسب عطاؤه وأداؤه بالمستوى الذي يتناسب مع المصيبة الحسينية، ونبتعد عن كل الأطوار التي تكون قريبة من الرقص واللهو؛ لأن هذه الأطوار لا تنسجم مع حجم المصيبة التي وقعت على أهل البيت عليهم السلام .
علينا أن نأتي إلى التراث الزاخر، ومن ثم نحاكي هذا التراث، ثم نبعث هذا التراث بوضع ينسجم مع الخط الذي أسس من أجله، وبالتالي يكون هناك حكم عام لهذه القضية متمثلاً بالناس والشارع الحسيني ليحكم على هذا الرادود من خلال القصيدة التي يلقيها، ومن خلال الطور الذي يندب به.
لذلك نسعى إلى أن يكون الرادود متفهماً ولديه ثقافة دينية وتاريخية وشعرية، وهذا ما أكد عليه مجموعة من الرواديد الكبار أمثال الملا جاسم النويني، والملا باسم الكربلائي، والملا عبد الأمير الأموي خلال حفل (مسابقة كربلاء الكبرى) التي جرت مؤخراً في العتبة الحسينية المقدسة بتاريخ (15 شوال 1437)ه الموافق لـ(20 تموز 2016)م، والتي أكدوا فيها على أن يكون مستوى الرادود الحسيني على مستوى عال من الثقافة الدينية والأخلاقية والشعرية.
صدى الروضتين: ما هو رأي الرواديد الكبار اللذين يعتبرون من الرعيل الأول بخصوص (مسابقة كربلاء الكبرى)؟
وجدنا الفرحة عمت وجوههم، وتفاءلوا بأن يكون هذا المشروع مشروع خير وحسن فأل لهذا الجيل الذي جاء بعدهم، كما قدموا الشكر والتقدير الكبير لهذه الشعبة على حسن التوجيه والتدريب والأخلاص للقضية الحسينية المباركة.
صدى الروضتين: أهم الأنشطة الخارجية التي قامت بها الشعبة؟
لدينا مشروع (المسابقة الوطنية الكبرى) للسنة الثانية على التوالي، انطلق هذا المشروع في العام الماضي، وقمنا به بعد زيارة كافة المحافظات الجنوبية والوسطى، بالإضافة إلى بعض المحافظات الشمالية كمحافظة السليمانية وكركوك، بحيث كانت هناك زيارات ميدانية لكل هذه المحافظات، وتم المسح الميداني لكل الأصوات الحسينية، ووجدنا هناك عددا هائلا من الأصوات الجميلة التي تستطيع أن تخدم القضية الحسينية، وهذه المسابقة ستكرر في هذا العام للمرة الثانية، وسوف نذهب أيضاً إلى تلك المحافظات؛ لإجراء الاختبارات والفحوصات على الأصوات وسيتم ترشيح من كل محافظة ثلاثة أصوات من فئة الفتيان، ومثلها من فئة الشباب للاشتراك في المسابقة.
صدى الروضتين: هل توجد مناهج أكاديمية لهذه الدورات؟
نعم، يوجد منهاج أكاديمي متخصص لهذه الدورات مع المزج بالخبرات المتواجدة في الساحة الحسينية، حتى نستطيع أن نخرج رادوداً مثقفاً ومتفهماً ومطلعاً على كافة الأمور.
صدى الروضتين: ما هي الوحدات التي تتكون منها هذه الشعبة المباركة؟
الشعبة تتكون من ست وحدات وهما:
أولاً: وحدة تطوير الطاقة الصوتية (مهارة الصوت):-
تختص هذه الوحدة بتطوير طاقة الصوت، وفتح الطبقات الصوتية الثلاث والاطلاع عليها وهما (القرار والجواب وجواب الجواب)، وهذه الشعبة لديها أستاذ متخصص في هذا الجانب.
ثانياً: وحدة تطوير الطاقة التنفسية (مهارة النفس).
تهتم بتطوير مهارة النفس، ولحد الآن نبحث عن أستاذ متخصص بهذا الجانب، وإن شاء الله تعالى يوجد أحد الأشخاص متقدم للشعبة وسيتم اختباره على ضوء ذلك.
ثالثاً: وحدة تطوير المقامات والأطوار العزائية:
وهي تهتم بتطوير المقامات الصوتية والأطوار العزائية، ومسؤول عنها الأستاذ الملا ياسين الوائلي وهو مختص بهذا الجانب.
رابعاً: وحدة التحليل الصوتي:-
تختص هذه الوحدة بجمع الأشرطة الحسينية القديمة ويتم التحليل من خلالها بفرز المقامات الصوتية الغنائية عن المقامات العزائية، ولديها عمل آخر إنه أثناء قيام الدورات الصوتية للمتدرب يتم وضع نص صوتي أو مسجل وعليه يقوم المتدرب بتحليل النص الذي يعطى إليه لزيادة قابليته التحليلية.
خامساً: وحدة معهد لبنان الصوتي:-
هذه الوحدة تم إنشاؤها في جنوب لبنان تهتم بتطوير الطاقات الصوتية هناك، لوجود كم هائل من الرواديد في ذلك البلد العزيز والموالي لأهل البيت عليهم السلام ، وتتكون هذه الوحدة من مدرب صوت، ومدرب نفس، ومدربة بتطوير الأصوات العزائية النسائية.
سادساً: وحدة الإنشاد الحسيني للفتيان والأشبال وهي في طور التأسيس والإنشاء.
صدى الروضتين: أهم المشاريع المستقبلية؟
لدينا مشروع كبير وهو اختبار الأصوات في محافظات جنوب العراق، وهذا المشروع أكد عليه سماحة المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) وهو بإقامة الدورات الصوتية والأطوار العزائية في هذه المحافظات؛ بسبب انتشار مظاهر غير لائقة بالأطوار الحسينية الولائية.
أيضاً من المشاريع المستقبلية نطمح لإطلاق المسابقة الدولية للأصوات الحسينية على مستوى المنطقة الإسلامية بحيث يشترك من كل دولة ثلاثة رواديد للتمثيل بلدانهم في هذه المسابقة، على غرار ما يجري بالمسابقات الدولية لقراء القرآن الكريم التي تجري في اندونيسيا وإيران ومصر والعراق وغيرها.
صدى الروضتين: كيف تستطيعون محاربة بعض الظواهر السلبية والإيقاع السريع في بعض الإنشاد والردات العزائية من خلال عملكم؟
لقد قدم مشروع للسماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) بإنشاء جمعيات للرواديد في المحافظات على غرار الجمعيات المختلفة والموجودة في العراق، وقد تم بالموافقة عليه، وإن شاء الله تعالى سيكون هناك تواصل مع هذه الجمعيات في المحافظات ومع الجمعيات المتصلة بقسم الشعائر والمواكب الحسينية، ويتم معاملتها كموكب حسيني.
ونحن سنقوم بالتواصل مع هذه الجمعيات بإقامة الدورات والمحاضرات التثقيفية بهذا الجانب، ونحاول أن نحد من الظواهر الدخيلة على الشعائر الحسينية، ومحاربة الايقاعات السريعة التي تفقد من هيبة المجالس الحسينية.
صدى الروضتين: رسالة توجهها إلى كافة الرواديد؟
رسالتي أوجهها إلى الفتيان والأشبال والشباب بأن يواظبوا على السير في الخطى الصحيحة التي سار عليها الرواديد من الرعيل الأول الذين كرسوا كل حياتهم في خدمة القضية الحسينية وإحياء شعائر الله تعالى التي هي من تقوى القلوب لتمنحهم سعادة الدنيا والآخرة. وأن يخلصوا بهذه الخدمة كي تبقى أسماؤهم محفورة في سجل خدمة الحسين عليه السلام ، وأن ينظروا إلى الخلف ويشاهدوا حمزة الزغير (رحمه الله) أين وصل الآن، ثم يسيروا في هذا الاتجاه خدمة للقضية الحسينية، ولن يخسروا بل يفلحوا في الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى.
صدى الروضتين: رسالة توجهها إلى كل من يستخدم أدوات الطرب في هذا المجال؟
الكثير من العلماء والمراجع الدينية وجهوا رسائل وفتاوى بخصوص انتشار هكذا ظواهر، ووجهوا تحذيرات وتوصيات وإنذارات للذين يسيرون بهذا الخط؛ لأن هذا لا ينسجم مع القضية الحسينية وهو يسيء للإمام الحسين عليه السلام ، وإذا أردنا أن نحيي مصيبة عاشوراء علينا أن نفكر ونستشعر المصيبة وما جرى في كربلاء.
كما أن هذا الصخب هو من أفعال بني أمية (عليهم اللعنة والعذاب) حينما استقبلوا سبايا آل الرسول صلى الله عليه واله وسلم ، وهو من تعبيرات الفرح وليس الحزن، وهذا لا ينسجم مع حجم التضحية الجسيمة التي ضحى بها سيد شباب أهل الجنة عليه السلام للدفاع عن الإسلام والدين.
صدى الروضتين: كلمة أخيرة؟
أشكر كادر جريدة صدى الروضتين على حسن اهتمامها بالقضية الحسينية، وتسليط الضوء على عمل شعبة الصوت الحسيني التخصصية وهي أول صحيفة تقوم بهذه التغطية الشاملة لكل مفاصل العمل، وأسأل الله تعالى أن يوفقهم في عملهم ويسدد خطاهم ويسجلها في صحيفة أعمالهم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.