فتوى الدفاع المقدس وتحفيزها الجماهير الشعبية

30-12-2018
طارق الغانمي
فتوى الدفاع المقدس
وتحفيزها الجماهير الشعبية
فتوى جاءت في وقتها المطلوب، وفي اللحظة التاريخية المناسبة، تفجرت على إثر إقدام المجرمين الدواعش على تدنيس حرمة أرض العراق؛ لأنها حقيقة تاريخية، وتعبير عن لحظة تجل واستجابة لحاجات التطور التاريخي وإلحاحيته، ولكونها أداة توليد الجديد النوعي من رحم الماضي المتداعي، تطورت بسرعة مذهلة، وتحولت إلى انتفاضة شعبية مسلحة، تجيد استخدام الوسائل النضالية كافة، وتحسن الربط بينها، فاستحضرت خبرات الشعب العراقي الأسطوري، المتعاقد مع النضال والتضحية منذ قرن ونيف، حققت انخراطاً تفاعلياً بين مختلف فئات الشعب، وقطاعات المجتمع، الفتية والفتيات، الشباب والشابات، الرجال والنساء، الأطفال والشيوخ، المتعلمين والميسورين، كما الفقراء في المدن، وأبناء الريف العراقي، وفي أزقة الشوارع، ومن فوق مناضد الدراسة، وشجرة النخيل المباركة، الشاهد الشامخ على حق العودة والتشبث بالأرض، أصبحت سلاحاً فتاكاً، بوجه أعتى عصابات اجرامية على مر التاريخ.
وتجسدت في المواجهة، وفي أدائها وآليات تطورها وأشكال ارتقائها كل العلوم الاجتماعية والإنسانية والعسكرية، ولم تفلح المراكز والخبرات التي تختص بعلم النفس وعلم الاجتماع والإعلام، وصناعة الإعلان، وأدوات وعلوم صناعة الرأي العام، التي تفردت فيها مؤسسات الإعلام المملوكة، ولا خطط البنتاغون، في توظيف شركات وخبراء العلاقات العامة، وتخصيص مليارات الدولارات، لشراء الذمم والمثقفين، ووسائل الإعلام، في أن تجاري هذه المقاومة وإبداعاتها وجديدها الدائم والمستمر، فعجز الجميع عن فك الرموز، وعن فهم ثقافة وفاعلية التراث الكفاحي للشعب العراقي العظيم، ثقافة التضحية والفداء والشهادة، والاستشهاد، والقدرة الهائلة على الصمود والاستمرار.
نعم.. إنهم حشد امتلأت قلوبهم إيماناً وطاعةً وولاءً لله (عز وجل) ثم الوطن، فباعوا الدنيا واشتروا الآخرة ونالوا أجر الرباط والشهادة، تعفرت وجوههم بتربة الوطن الطاهر، ليضربوا بأقدامهم على الأرض بكل ثبات وشجاعة وعزيمة ووفاء، ليقولوا نحن فداء للوطن وحماة لأرض المقدسات، وستقطع كل يد عابث تدنس شبر من طهارة أرضنا المعطاء..
إنهم رجال سهروا مرابطين في سبيل الله تعالى؛ لينام الوطن آمناً مطمئناً، تعلموا من إمامهم الحسين عليه السلام أن الحياة رخيصة، والموت شرف في سبيل الله تعالى، وتحت راية العز والمجد.
اختلطت دماؤهم الزكية بطهارة أرضهم الأبية، فأنعش المسك العزيمة والإصرار في قلوبهم على تطهير أرض العراق من براثن ومدلهمات المرتزقة.. لقد وقفوا أمام العدو موقفاً يتمناه كل إنسان، ويفخر به كل من له صلة بهم.. أنتم الرجال المجاهدون الصامدون في وجه شراذم الارتزاق والمارقين من الدين، والنصر لكم يتجدد كل يوم، ومعه تتجدد بطولاتكم.
فهنيئاً للعراق بكم أسود الورى، أيها الثابتون عند اللقاء.. لقد سجل ثباتكم التاريخ في قلوبنا، وكتب المجد تضحياتكم في جبين الوطن المتعالي بكم، والمفاخر بإقدامكم.. دمتم لنا أيها المخلصون الشرفاء.
وهنيئاً لكربلاء بكم هذه المرابطة والمنازلة التي سجلتم فيها أروع موقف عند ذاك الإمام الذي قال للظلم: هيهات.. لتبعثوا برسالة إلى كل وغد يريد المساس بالمقدسات، نحن لا نستسلم رغم كل الجراحات، سنقاتلكم بأعتى أنـواع السلاح، وسترتفع رؤوسنا عاليات كإمامنا الحسين عليه السلام فوق الرماح.
وهنيئاً للمرجعية الدينية هذا التقدم الكبير، وهنيئاً للإمام الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف تلك الثلة الشبابية المؤمنة الذين خُلِقَوا وتَخلقوا من مدرسة عاشوراء.. وهنيئاً لنا ولكم أيها العراقيون هذا المُنجز الوطني الذي سوف يُسجله التأريخ طيلة مراحله المستقبلية.