شذرات من سنا مهرجان الإمام الباقر عليه السلام الثقافي الثاني
30-12-2018
وسام الدراجي
شذرات من سنا مهرجان
الإمام الباقر عليه السلام الثقافي الثاني
انطلق هذا المشروع الثقافي والفكري تزامناً مع الذكرى السنوية لهدم قبور أئمة البقيع عليهم السلام والذي أقامته الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة، فلمثل هذا المهرجان مقومات الهوية الفكرية، وهناك الكثير من القيم التي مثلتها مرتكزات هذا المهرجان أولاً هو تزامنه مع الذكرى السنوية لتهديم القبور، ويعني تعبيراً عن روح الاستنكار لهذه الجريمة الشنيعة، وعهداً يتجدد عند مرسى كل ذكرى متجددة ثانياً... الجهد الذي اقامته العتبة المقدسة والتي تحرص على التواصل مع اكثر من محور مهم مثل التواصل مع التأريخ والتسامي مع روح العصر وثقافته والسعي لاستنهاض القدرة المقترنة بقدسية المرتكز الروحي، وهذه النقاط جميعها تعطي المهرجان روح التمايز واقترن مسعى ابداعي روحي هو الاحتفاء بعوائل الشهداء وتكريم الشهادة هو الرد الطبيعي يعني اشادة التواصل مع القبور الزاكية، والرد الطبيعي ضد مجرمي تهديم القبور.
وتجلى هذا الاحتفاء بظاهرة الحضور الواسع والجمهور الذي ملأ قاعة الإمام الحسن عليه السلام في العتبة العباسية المقدسة، وقد أكد المتولي الشرعي للعتبة العباسية سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه) أهمية عقد المؤتمرات المتعلقة بالأئمة الاطهار عليهم السلام ، وهذا التأكيد يستند على الكثير من المداليل المهمة والتي تبرز قدرة التنظيم اولا توثيق هذا السخط الغاضب ضد جريمة التهديم، واستمرار الرفض من اجل توعية الناس بأن مثل هذا العمل المرفوض انسانياً وفكرياً والتعبير عن توحيد الجهد التوعوي، وإبراز العتبة المقدسة لقيادة البصيرة في العالم، وكشف مساعي تشويه الحقائق التي يغسل بها الاعلام المنحرف عقلية الشباب، ونهضوية الرفض والاستنكار، وأحد أهم مقومات هذا الرفض هو السعي لمعرفة المشروع الرسالي وقادة هذا المشروع، ولاشك أن صاحب الرسالة المحمدية، تعرض الى الأذى والمظلومية حتى من بعض مناصريه اعلامياً، سببه سوء القراءة للواقع، فأنجزت لهم قتامة رؤيا، والأئمة الأطهار عليهم السلام أدركوا هذا الخلل وهذه المحنة، فسعوا الى نشر الثقافة وإبراز شخصية النبي صلى الله عليه واله وسلم، وعدم فهم النبي يؤدي الى كثير من العتمات المترسبة عبر ازمنة استندت على نقل الموروث الرسمي والذي سطح لنا المعنى الرسالي الذي هو ابعد من وجوده الجسدي.
فالإمام الباقر عليه السلام قرب لنا الصورة الصحيحة لمعنى قوله تعالى: ((الذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ {218} وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ)) {الشعراء/219}، الله سبحانه تعالى لا يحتاج الى برهان لرؤيته، وإنما النبي صلى الله عليه واله وسلم هو الذي يختص بهذه المتابعة البصيرة، حيث نقله من صلب نبي الى صلب نبي.
وبعدها كانت كلمة ضيوف المهرجان التي ألقاها الدكتور سرحان جفات مركزاً على حالة تنوع المقاصد، فالاحتفاء بسيرة امامنا الباقر عليه السلام ، وامتزاج هذا الاحتفاء مشفوعا بالاحتفاء بعوائل الشهداء، ومن ثم سعى الى الولوج الى عمق الفكر ومعنى الالتزام في فكر ائمة أهل البيت عليهم السلام ، والذي يشكل وعياً عالياً قيمته الايمانية وأعطى الدكتور سرحان مثلاً من الواقع الولائي بما يمتلك التاريخ الاسلامي من عبر ودروس كامنة في معنى الولاء.
وذكر قصة جابر الجعفي وهو راوٍ عظيم روى عن الإمام الباقر عليه السلام فقط سبعين الف حديث، وحرصاً على حياته، قال له الإمام الباقر عليه السلام اظهر الجنون فأصبح متلبسا للجنون مع صعوبة تماثل الحالتين، فلكل شخصية علمية للعالم وضعيته الخاصة، السطوع التأريخي الذي أراد ان يركز عليه الباحث وهو مفهوم العظمة في الطاعة والانقياد الى القيادة الحقة، وهذا يحثنا على ادراك مفهوم الاستجابة الجماهيرية لدعوة سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف)، بعدها جاء دور الشعر فقدم الشاعر معن غالب سباح قصيدة (عطش السديم)، يتغنى بروح الشهادة ومعنى الفوز والنصر الآتي بعونه تعالى، وتم تكريم عدد من عوائل شهداء العراق في نهاية اليوم الأول من مهرجان الإمام الباقر عليه السلام الثقافي الثاني.
وابتدأت فعاليات اليوم الثاني في الساعة العاشرة صباحاً بجولة مميزة في متحف العتبة العباسية المقدسة، وخلال هذه الجولة اطلع الحضور على ما تضمنه المتحف من نفائس ومقتنيات ومخطوطات يعود تاريخها للقرن الاول الهجري ومن هذه النفائس مصاحف نادرة ينسب احدها الى الامام زين العابدين عليه السلام وقرابة 3000 مخطوط وعدد كبير من الاسلحة المتنوعة, ومئات من النفائس التي لا تقدر بثمن.
وقد رافق الحضور معرف المتحف الذي قدم شرحاً وافياً لما تضمنه المتحف من مقتنيات وتاريخها.. وكما كانت هناك جولة اخرى في مكتبة العتبة العباسية المقدسة وهذه المكتبة التي تعد من المكتبات المهمة لما تحتويه من كتب ومجلدات قيمة وتضم اكثر من 55000 الف كتاب من مختلف العلوم وليس الدينية فقط وقدم مدير المكتبة شرح مفصلاً عن تاريخ المكتبة وتطورها وكيف تم الحفاظ على الكتب والاهتمام بها, ويستطيع كل شخص الوصول الى الكتاب الذي يبحث عنه من خلال حاسبات اعدت لهذا الغرض .
كما توجد اماكن مخصصة لطلبة الدراسات العليا والباحثين وهذا دليل على الاهتمام الواضح من القائمين على العتبة العباسية المقدسة بكل التفاصيل من الارتقاء بالخدمات الى أعلى مستوى.. وقدمت في هذا اليوم ورشة اعلامية عن (الاعلام والتطرف بين المواجهة والتحديات) وكان محور الورشة الاعلامية:
1- الفكر المتطرف انطلاقا من تهديم القبور وانتهاك المقدسات مرورا بقتل الانسان واستباحة الاعراف وإعلان دولة خارج اطار القانون.. وورقة الفعل الاجرامي ومستوى رد الاعلامي اساليب الاعلام الملتزم ومستويات التأثير والتأثر سلباً وإيجاباً وقد شارك بهذه الورشة عدد من الاكاديميين (الدكتور علي شمخي، الدكتور كامل القيم، الدكتورة بيان العريض، الدكتور اكرم الربيعي).
كما كانت هناك جلسة خاصة بالبحوث الفائزة والمشاركة بمسابقة أفضل مؤلف بحق الإمام الباقر عليه السلام ، وكان الفائزون بالمسابقة الأستاذ يوسف مدن، والأستاذ كريم جهاد الحساني، والسيد زهير طالب الاعرجي.