المرجعيّة الدينيّة العُليا تواصل تناولها لجوانب من رسالة الحقوق

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّة الدينيّة العُليا تواصل تناولها لجوانب من رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام وتثمّن ما يقوم به المؤمنون
من إنفاق لنصرة قوّاتنا الأمنية في حربها ضدّ الإرهاب..
تناول ممثّل المرجعيّة الدينيّة العُليا سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه) في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (18شهر رمضان 1437هـ) الموافق لـ(24حزيران 2016م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامته جانباً من رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام ، مؤكّداً حاجتنا لها سواءً في هذا الشهر أو بقيّة الشهور حيث قال:
نقرأ للإمام زين العابدين عليه السلام مقاطع من رسالة الحقوق، قال عليه السلام : (وحقّ اللسان إكرامه عن الخنا) الخنا هو الفحش، يقول عليه السلام هذا اللّسان له حقّ عليك فأكرمه ونزّهه عن الخنا والفحش والسباب والشتيمة، (وتعويده الخير) أي عوّد هذا اللّسان على فعل الخير وعلى كلام الخير، (وترك الفضول التي لا فائدة لها) الفضول هو الشيء الزائد لا فائدة لها (والبرّ بالناس وحسن القول فيهم)، هذا حقّ اللّسان عندي سواءً أنا كنت سياسيّاً أو كنت اجتماعيّاً أو كنت اقتصاديّاً، حقّ اللّسان أن تفعل به هكذا (البرّ بالناس وحسن القول فيهم)، لا يوجد عندك مبرّر أن تخالف ذلك؛ لأنّك في موقع قويّ فتحاول أن تنكّل بالناس، هذا اللّسان الجارح سيُتعبك في الدنيا ويُتعب وقوفك في الآخرة لذا حاول أن تصون هذا اللّسان.
(وحقّ السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحلّ سماعه)، الله تعالى أعطاك هذه الجارحة أيضاً لها حقٌّ عندك، وأيضاً لا يوجد مبرّر إن كنت في موقعٍ معيّن أن تفتّش عن أفعال الآخرين، وتحاول أن تسترق السمع بدعوى أنّ الموقع يستلزم ذلك، هذا كلام غير صحيح.
(وحقّ البصر أن تغضّه عمّا لا يحلّ لك، وتعتبر بالنظر به): إنّ الإمام عليه السلام بيّن جهتين: أن تغضّه وتمنعه عمّا لا يحلّ وأن تعتبر بالنظر به، أنا أرى شخصاً كان في موقعٍ معيّن ثمّ سرعان ما تبدّلت الأحوال وتدور الدوائر، وصار هذا الشخص الذي في الموقع يبحث عن مأوى لا يجده، هذا قد أراه بعيني فلابُدّ أن أعتبر، فإذا جاءتني فرصة بأن يتهيّأ لي ظرف كظرفه لابُدّ أن لا أنسى؛ لأنّ الذي ينسى معنى ذلك غير معتبر، أو أذهب الى مجالس الفاتحة وأقرأ الفاتحة لابُدّ أن أنظر الى أنّ مصيري أيضاً سيكون هكذا؛ لأنّ الموت حقّ فأعتبرُ وأنظر نظرة المعتبر.
(وحقّ يديك أن لا تبسطها الى ما لا يحلّ لك) قطعاً هناك حدود، لا تبسط ولا تجعل يدك تصل الى ما لا يحلّ لك.
(وحقّ رجليك أن لا تمشي بهما الى ما لا يحلّ لك، فبهما تقف على الصراط): وهذا التعبير مرعب، فهاتان الرجلان تقف بهما على الصراط، وقد تأتي لحظة - والعياذ بالله - يقول فيها الإنسان: يا ليتهما قُطِعَتا ولم أسعَ بهما الى وشاية أو موبقة.
قال عليه السلام : (...ولا تُنفقه إلّا في وجهه، ولا تؤثر به على نفسك من لا يحمدك، فاعمل به بطاعة ربّك ولا تبخل به – أي بالمال - فتبوء بالحسرة والندامة) أي ترجع بالحسرة والندامة.
فائدة المال الحلال في الإنفاق لا في الاكتناز، الإنسان إذا أنفق ماله بانت الفائدة، أمّا إذا اكتنزه سيعيش عيشة الفقراء، ويُحاسب محاسبة الأغنياء، للإنسان فرصة أن يُنفق هذا المال، وهنا أُحبّ واقعاً أن أسجّل شكري وامتناني لجميع الإخوة أصحاب الأموال الذين بذلوا أموالهم ويبذلون دفاعاً عن البلد، في الواقع هذه أيادي تُقبّل، أن الإنسان يجاهد بأمواله ولعلّه عنده ظرف فلا يستطيع أن يقاتل، لكن الله تعالى منحه رزقاً وهو يحاول أن ينفق فذلك مصداق قوله عليه السلام : (ولا تُنفقه إلّا في وجهه..) وهذا الآن من أفضل الوجوه أن يجهّز غازياً متطوّعاً مقاتلاً بأمواله، والحمدُ لله تعالى هناك الكثير من الإخوة أعطوا هذه الأموال وكانت نعم العطيّة، ومدّوا الإخوة المقاتلين بمَدَدٍ جيّد وساعدتهم على الصمود والوقوف بوجه الأعداء، فهنيئاً لهم؛ لأنّ الله يعوّض هذه الأموال أموالاً مضاعفة إن شاء الله تعالى، والبعض شهد بذلك قال: بحمد الله تعالى المالُ كثير وينمو ما دُمنا ننفقه في طاعة الله تعالى.
لنتراحم فيما بيننا، عسى الله تعالى أن يكشف هذه الغمّة عن هذه الأمّة ويرينا في بلدنا وجميع البلدان الأمن والأمان والاستقرار، وأن يكفّ شرور الأعادي عنّا وعن غيرنا، سائلين الله تعالى سلامة الدين والدنيا وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.