ممثّل المرجعيّة الدينيّة العُليا.. يتلو المقطع الأخير من دعاء الافتتاح
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
ممثّل المرجعيّة الدينيّة العُليا..
يتلو المقطع الأخير من دعاء الافتتاح
في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة..
تلا ممثّل المرجعيّة الدينيّة العُليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (10شوال 1437هـ) الموافق لـ(15تموز 2016م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامته، المقطع الأخير من دعاء الافتتاح حيث قال:
"أيّها الإخوة الأعزّاء أيّتها الأخوات الكريمات، ليس لنا ونحن نعيش الظروف الحالية التي يمرّ بها بلدُنا الجريح وشعبنا المظلوم إلّا أنْ نقرأ المقطع الأخير من دعاء الافتتاح:
(اَللّـهُمَّ اِنّا نَشْكُو اِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وَقِلَّةَ عَدَدِنا، وَشِدّةَ الْفِتَنِ بِنا، وَتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاَعِنَّا عَلى ذلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وَبِضُرٍّ تَكْشِفُهُ، وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ، وَسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ، وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تَجَلِّلُناها، وَعافِيَةٍ مِنْكَ تُلْبِسُناها، بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ).
اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات، وألّف بين قلوبنا على الخيرات، وأصلح حالنا وفرّج على مكروبينا، وادفع عنّا شرّ القوم الظالمين، إنّك على كلّ شيءٍ قدير".
وكان سماحته قد تطرق في الخطبة الأولى إلى حكمةٍ عظيمةٍ للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حينما سُئل عن الخير، فقال عليه السلام : (ليس الخير أن يكثر مالُك وولدُك، ولكنّ الخير أن يكثر علمك، وأن يعظم حلمُك، وأن تباهي الناس بعبادة ربّك، فإنْ أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله، ولا خير في الدنيا إلّا لرجلين، رجل أذنب ذنوباً فهو يتداركها بالتوبة، ورجل يسارع في الخيرات..) ثمّ قال عليه السلام : (لا يقلّ عملٌ مع التقوى وكيف يقلّ ما يُتقبّل).
وقد يقول قائلٌ: كيف أنّ الإمام عليه السلام ينفي الخير عن كثرة المال والولد، مع أنّنا نجد أنّ المال خصوصاً مع كثرته يُستعمل في الإنفاق في سبيل الله تعالى، صرف المال في الحقوق وصرف المال في مساعدة الفقراء واليتامى والمساكين، وإقامة المشاريع الخيرية، وكذلك تعمير الأرض بما ينفع الناس، فكيف ينفي الإمام الخير عن المال، خصوصاً أنّه ورد في باب الإنفاق في سبيل الله تعالى أنّ الله تعالى جعل فيه المضاعفة والخير العظيم في الدنيا والآخرة، كما في قوله تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ..) ثمّ ورد في الحديث عن النبيّ صلى الله عليه واله وسلم : (نعم المال الصالح للرجل الصالح)، فكيف الإمام (سلام الله عليه) ينفي الخير عن كثرة المال؟ ثم قال الإمام عليه السلام : (...الخير أن يكثر علمُك) مع أنّه في بعض الأحيان ربّما تُستعمل بعض العلوم في قتل الإنسان، فكيف نُجيب عن هذا التساؤل، وما هو مراد الإمام عليه السلام من قوله (ليس الخير أن يكثر مالك وولدك)؟.
مضيفاً: المقصود من كلام الإمام عليه السلام هو الردّ على ما يعتقده الكثير من الناس بأنّ الخير والسعادة في كثرة المال والولد، وليس الخير كلّ الخير في ما يجنيه الإنسان من المال والولد ولا خير في غيرهما إطلاقاً، حتى وإن كان علماً أو حلماً، وبناءً على هذه الرؤيا وهذا التوجّه من الناس يكثر اهتمامهم وعنايتهم بتحصيل المال والأولاد، ويتوجّهون الى تكثيرهما بكلّ وسيلة ممكنة، حتى وإن كانت حراماً، حتى وإن كان فيها إيذاءٌ وإضرارٌ للآخرين؛ لأنّهم يعتقدون أنّ الخير كلّ الخير في تكثير المال والأولاد ولا يتوجّهون ولا يعتنون ولا يهتمّون بمصدر الخير والسعادة الحقيقية ألا وهو كثرة العلم وعظمة الحلم وعبادة الله تبارك وتعالى، كأنّ الإمام عليه السلام يريد أن يصحّح هذا الاعتقاد لدى الكثير من الناس ليتوجّهوا الى السبب الحقيقيّ في خيرهم وسعادتهم ألا وهو ثلاثة أمور، ونلتفت لماذا الإمام (سلام الله عليه) بيّن وقال: (ولكنّ الخير أن يكثر علمُك، ويعظم حلمُك، وأن تباهي الناس بعبادة ربّك) ثلاثة أمور علم وحلم وعبادة.
مبيناً: إنّ الله تعالى أودع في الإنسان مجموعة من القوى، إن وُجّهت الوجهة الصحيحة حلّ له الخير والسعادة والكمال، وإنْ لم توجّه الوجهة الصحيحة، كانت سبباً في تعاسته وشقائه وألمه وسبباً في تعاسة الآخرين، الأولى القوّة النظرية للنفس العاقلة، الثانية القوّة الغضبية السبعيّة، والثالثة القوّة العمليّة والبعض يضيف اليها القوّة الشهوية.
القوى النظرية للنفس العاقلة وكمالها، فضيلتها أن نحصّل بها حقائق الأمور، وأن نميّز من خلالها بين الخير والشرّ، والفضيلة والرذيلة، ثم تأتي القوى الغضبية وكيف نوجّهها التوجيه الصحيح، وكذلك القوى العملية، لذلك عندنا ثلاثة أمور علم وحلم وعبادة.
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لمراضيه، وأن يجعلنا من أهل الخير والباحثين عن الخير، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين.