المرجعيّةُ الدينيّة العُليا تُبارك الانتصارات الأخيرة لأبناء القوّات الأمنية
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّة العُليا
تُبارك الانتصارات الأخيرة لأبناء القوّات الأمنية والمتطوّعين الأبطال وتؤكّد على ضرورة توفير الخدمة للنازحين..
باركت المرجعية الدينيّة العليا الانتصارات الأخيرة التي حقّقتها القوّات الأمنية والمتطوّعون الأبطال وأبناء العشائر لطردهم العصابات الإرهابية وتحرير الفلوجة من براثنهم، كما دعت في الوقت نفسه الى الترحّم على أرواح الشهداء والدعاء للجرحى بالشفاء العاجل، جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (25شهر رمضان 1437هـ) الموافق لـ(1تموز 2016م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف، وكانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) والتي بيّن فيها قائلاً:
أيّها الإخوة الأعزّاء والأخوات الكريمات، أودّ أن أعرض على مسامعكم الكريمة الأمرين التاليين:
الأمر الأوّل: مع تحرير مناطق أخرى من محافظة الأنبار من دنس الإرهاب الداعشي، نبارك لأحبّتنا في القوّات المسلحة والشرطة الاتّحادية ومن ساندهم من المتطوّعين الأبطال وأبناء العشائر الغيارى هذا الانتصار المهمّ، شاكرين لهم جهودهم الكبيرة وتضحياتهم العظيمة في سبيل تحقيقه، مترحّمين على شهدائهم وداعين الى الجرحى بالشفاء العاجل، آملين أن يعقب هذا الانتصار انتصارات أخرى في وقتٍ قريب، ليتمّ تحرير جميع الأرض العراقية من رجس الدواعش، مؤكّدين مرّةً أخرى على ضرورة رعاية النازحين والمهجّرين وتوفير الخدمات الإنسانية لهم الى أن يتيسّر رجوعهم الى مساكنهم معزّزين مكرّمين.
الأمر الثاني: قال أمير المؤمنين عليه السلام لرجلٍ سأله أن يعظه فقال له: (لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير عمل، ويرجّي التوبة بطول الأمل، يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين...) أي تطلب الآخرة وتأمل أن تنال الآخرة وثوابها ونعيمها، هذا الرجاء لابُدّ أن يكون رجاءً صادقاً وأمانيّ صادقة، وذلك بأن تعمل، فلا يكفي أنّك ترجو أن تنال رضا الله تعالى وثواب الآخرة من دون عمل، لا تتّكل على رحمة الله تعالى فقط وأنت ترتكب ذنوباً ولا تعمل بطاعة الله تعالى، بل لابُدّ أن يكون رجاؤك صادقاً وأن تكون صادقاً في أمنيتك ورجائك أن تنال الآخرة.
ربّما يباغتك الموت ولا تدرك التوبة، فتبقى تبعات الذنب عليك، لذلك الإمام يقول: لا تكن من هؤلاء الذين يرجون التوبة ويؤخّرون التوبة ويسوّفون التوبة بطول أملهم في الحياة الدنيا: (يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين...) تجد بعض الناس كلامه وقوله يزهّد في الدنيا ويحذّر ويذمّ الدنيا ولكنّه في عمله وفي توجّهاته منكبٌّ على الدنيا ومالها ومتاعها، وهذا عمله يخالف قوله، يقول له الإمام عليه السلام : لا تكن منافقاً في ذلك لا يكون قولك قول الزاهدين في الدنيا ولكن عملك عمل الراغب المنكبّ على الدنيا (...إن أُعطي منها لم يشبع وإن مُنِع منها لم يقنع..) أي إذا الله تعالى أعطاه من رذيلة الحرص التي عنده لا يشبع منها يريد المزيد، ويبقى الى آخر عمره لا يشبع من متاع الدنيا ولذّاتها وشهواتها، وإن منع منها أي من بعض نِعَم الدنيا لا يقنع بما عنده، كن قانعاً لا تطمح عينك الى ما عند الآخرين وتطمح الى المزيد بل كن قانعاً بما عندك فإنّ القناعة كنزٌ لا يفنى: (...يعجز عن شكر ما أوتي ويبتغي الزيادة فيما بقي...).
ثم يقول عليه السلام : (..يُعجب بنفسه إذا عوفي، ويقنط إذا ابتُلي، إن أصابه بلاءٌ دعا مضطرّاً، وإن ناله رخاءٌ أعرض مغترّاً..)، نحن في وقت الضيق والشدّة نتوسّل الى الله تعالى ونتوجّه اليه في حال الاضطرار، وحينما تصيبنا النعمة والرخاء ننسى الله تعالى وننسى الدعاء ونغترّ بالحالة التي نحن فيها.
يقول عليه السلام : (يستعظم من معصية غيره ما يستقلّ أكثر منه من نفسه) معصيةٌ أكبر تصدر منه، لكنّه يعتبرها صغيرة بسيطة قليلة، أمّا معصية الغير التي هي أقلّ فيستعظمها ويعتبرها معصية كبيرة جدّاً، ويبيّن لأولئك الآخرين أنّ هذه المعاصي التي تصدر منكم كبيرة وعظيمة في حين لا ينظر الى معاصيه بنفس المقدار والحجم: (...ويستكثر من طاعته ما يحقّره من طاعة غيره..) في الطاعة بالعكس، طاعته قليلة يعتبرها كبيرة وطاعة الآخرين عظيمة يعتبرها قليلة.
يقول عليه السلام : (..يحكم على غيره لنفسه ولا يحكم عليها لغيره، يرشد غيره ويغوي نفسه، فهو يطاع ويعصي، ويستوفي ولا يوفي..) هذا أيضاً أمرٌ آخر من الابتلاءات بها يطلب حقوقه من الآخرين كاملةً، ولكن حقوق الآخرين عليه لا يوفّيها.
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا للاتّعاظ بهذه المواعظ، اللهمّ أنزل الأمن والسكينة والطمأنينة علينا واجعلنا ممن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، وانصرنا على القوم الظالمين والتكفيريّين، وأعنّا على أنفسنا بما تُعين الصالحين على أنفسهم إنّك سميع الدعاء قريبٌ مجيب.