البيئة الصالحة مسؤولية الجميع

30-12-2018
احمد صالح
بالتعاون مع العتبة العباسية المقدسة
أقامت منظمة (متابع) للتنمية والارتقاء بالبيئة العراقية مؤتمرها البيئي الأول
تحت شعار: (البيئة الصالحة مسؤولية الجميع)
نعيش على هذه الأرض، ونستمتع بما حبانا الله تعالى بهِ من نعم ومزايا أوجدها في هذا الكوكب، ليكون للحياة والعيش الكريم، وكلّ ما يُتعلّق بالأرض ينبغي منّا أن نُحافظ عليه من أيّ أذى أو إضرار به؛ لأنَّ أي خلل في التوازن والنظام الذي أوجده الله (عز وجل) في هذا الكوكب سيعود بالضرر على أهله، وقد يكون النشاط البشريّ غير المسؤول هوَ السبب الرئيس في إحداث الاضطرابات البيئية والتلوث الذي يصل مداه إلى جميع عناصر البيئة المُحيطة بنا.
أصبح التلوث في الآونة الأخيرة ظاهرة مُقلقة وأمراً يُهدّد الحياة الطبيعية على وجه الأرض، وهذا التلوّث الذي يُصيب البيئة يتعدد من حيث التلوث في الغطاء الأرضي: كالتربة والنباتات والمزروعات.. ويصل إلى التلوّث في الهواء من خلال الدخان المُتصاعد من المصانع وعوادم المركبات، وكذلك التلوث في الغلاف الجوّي من خلال التغيّرات في التكوين الغازي لطبقة الغلاف الجوّي مثل ما حدث في الأوزون.. ومن الضرورة بمكان أن يكون للبيئة اهتمام خاصّ وعناية بها؛ لأنّها بيئتنا ونعيش فيها نحن وأبناؤنا، ومن سيرث الأرض من بعدنا.
من هذا المنطلق، وبهدف إنشاء بيئة صالحة والحدّ من عوامل التلوّث المؤثّرة فيها، شهدت قاعة الإمام الحسن عليه السلام للمؤتمرات والندوات في العتبة العبّاسية المقدّسة عقد المؤتمر البيئيّ الأوّل لمنظّمات المجتمع المدني الذي أقامته منظّمة (متابع) للتنمية والارتقاء بالبيئة العراقية تحت شعار: (البيئة الصالحة مسؤولية الجميع) ، وذلك بالتنسيق مع العتبة المقدّسة.
استُهِلَّ المؤتمر الذي شهد حضور السيد وكيل وزير البيئة، بالإضافة الى عددٍ من المنظّمات والشخصيات المهتمّة بالبيئة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم وقراءة سورة الفاتحة ترحّماً على أرواح شهداء العراق، ليستمع الحاضرون بعدها الى النشيد الوطني وأنشودة العتبة العبّاسية المقدّسة (لحن الإباء), جاءت بعدها كلمة العتبة العبّاسية المقدّسة التي ألقاها نائب الأمين العام للعتبة المقدّسة المهندس بشير محمد جاسم وممّا جاء فيها:
إخوتي الأعزّاء، الكلّ يعلم أنّ العراق هو بلد الخيرات التي أنعم الله تعالى علينا بها، لذلك من الواجب علينا جميعاً وكلٌّ من موقعه أن يكون له دور في موضوع مهمّ وحيويّ وإنساني، ألا وهو موضوع البيئة.
العتبة العبّاسية المقدّسة حقيقةً كانت لها بصمة ودور في هذا المجال، ففي داخل كربلاء هناك امتداد لزرع أغلب شوارعها الرئيسية، وامتدّ بعد ذلك الى خارج مركز المدينة الى الأحياء بزراعة الأشجار؛ حفاظاً على جمالية المنطقة، واهتماماً بأن يكون لها دور فيما يخصّ البيئة.
أمّا في الزراعة، فهناك أيضاً نشاطٌ كبير وواضح للعتبة المقدّسة من خلال شركة الكفيل للاستثمارات العامّة التي قامت بزراعة مساحات واسعة بالخضروات والشعير، وهناك معمل الجود للمستلزمات الزراعية الذي كان له دورٌ أيضاً في الحفاظ على البيئة، ولعلّه المعمل الأوحد في العراق وفي منطقة الشرق الأوسط؛ لما له من دور وأهمّية في موضوع الزراعة والبيئة، واهتمام العتبة المقدّسة بهذا النشاط واحتضانها لهذا المؤتمر الطيّب بكلّ شخصيّاته الحاضرة؛ لكي نخرج إن شاء الله بمسوّدة عمل وبنتاج يدعم هذا المشروع وهذا الفكر؛ لأنّ هذا البلد أمانة في أعناقنا جميعاً.
لتأتي بعدها كلمة الجهة المنظّمة للمؤتمر (منظّمة متابع) التي ألقاها رئيس المنظّمة المهندس آمال الدين الهر والتي بيّن فيها:
إنّ الإنجازات التي تحقّقها العتبتان المقدّستان الحسينيّة والعبّاسية في مجال البيئة وخاصّة إنشاءها للمزارع على مساحات واسعة، بالإضافة الى المشاتل، كان لها دورٌ كبير في تزويد منظّمتنا بالأشجار والأزهار والمغروسات.
ولعلّ المشروع الأخير الذي تبنّته العتبة العبّاسية المقدّسة هو مشروع الساقي للمياه البديلة، هناك توافقات ومؤتمرات دولية أكّدت على وجود صمّامات أمان يجب أن يسعى الإنسان الى تحقيقها، وأهمّ ما اتّفقت عليه العلوم البشرية والمحيطون بالبيئة هو الأداء البيئيّ، لذلك نهدف من خلال هذا المؤتمر الى المساهمة في تحسين الأداء البيئيّ في العراق، بالإضافة الى ترسيخ المفهوم التربويّ البيئيّ في مراحل التعليم كافة.
كما شهد المؤتمر إلقاء العديد من الكلمات لمنظّمات مختصّة في هذا الجانب، بالإضافة الى إلقاء محاضرة بيئية من قبل السيد وكيل وزير البيئة الدكتور جاسم حمادي.
وقد أكّدت جميعها على ضرورة تحسين المستوى البيئيّ والحدّ من العوامل التي تؤدّي الى تلوّثها، ملخص تلك الأبحاث عدة نقاط أساسية تلخصت في حماية المصادر المائية من التلوّث، ويكون ذلك من خلال المُحافظة على المياه الجوفيّة الموجودة في باطن الأرض من التسرّبات الكيميائية والملّوثات النفطية وغيرها، وكذلك المُحافظة على المُسطّحات المائية السطحية كالبحار والمُحيطات، فضلاً عن استدامة العناصر البيئية كالغطاء الأخضر النباتي.
فمع وجود النباتات سليمة من أي تلوث، نكون قد حافظنا على أهمّ مصدر للحياة وللتنوع البيئي والحصول على غذاء طبيعي بعيداً عن التلوّث الذي قد يطرأ عليه بسبب التأثر الكيماوي والمُبيدات الضارّة والملوثات التي أصابت التربة والماء بالمُحافظة على البيئة نُحافظ على الهواء الذي نستنشقهُ خالياً من مصادر التلوّث الناتج عن الدُخان الناجم عن الاحتراقات المهولة من المصانع والسيارات وأيضاً القضاء على التلوّث السمعي أو الضجيج الأمر الذي يُساهم في جعل حياتنا أكثر سُهولة وأكثر راحة ومُتعة.
من جانب آخر، نضمن بالمُحافظة على البيئة التقليل من الأمراض التي تنجُم عن التعرّض للمشاكل البيئية المُتزايدة ولا سيّما الملوثات الكيميائية في الغذاء والدواء والتلوّث الكهرومغناطيسي الذي نراه يملأ الأفق بدون دراسات قانونيّة رادعة ومُنظّمة، وأيضاً حماية الأرض من التصحّر؛ وذلك من خلال الحدّ من الملوّثات التي تعتدي بشكل مُباشر أو غير مُباشر على الغطاء النباتيّ، وتحوّل الأراضي الخضراء اليانعة إلى صحراء جرداء قاحلة.. لتتمّ بعد ذلك مناقشة جملة من البحوث التي أُلقيت في المؤتمر، والتي ركّزت على ضرورة الاهتمام بالبيئة والعمل على تحسينها، ليخرج المؤتمرون بعدها بجملة من التوصيات..
وفي نهاية المؤتمر، تمّ توزيع الدروع والشهادات التقديرية على المشاركين في المؤتمر.