نساء تستلهم من سيدة الوفاء عليها السلام معاني التضحية والفداء

30-12-2018
منتظر العلي
نساء تستلهم من سيدة الوفاء عليها السلام معاني التضحية والفداء
في ساحة المعركة، وبعيداً عن الديار الآمنة، ووسط دوي القنابل والقذائف والرمي المكثف وعلى أرض تتساقط فيها الشهداء تارة، وتزف بها بشائر النصر تارة أخرى، تجد أنموذجاً من النساء الزينبيات العلويات، هذا النموذج استمد النور والضياء من مدرسة الإمام علي والزهراء عليهما أفضل الصلاة والسلام، وهو رسالة للعالم ليستلهم منه العبر ويجعله نصب عينيه، ولتقتدي به كل النساء.
امرأة كانت أنموذجاً لامعاً لفن التربية والتضحية والفداء وتحمل الأمانة، كما حملتها سيدة الوفاء ومنبع العطاء أم البنين عليها السلام في تربيتها للحسنين عليهما السلام تلك الأم التي قدمت أبناءها الواحد تلو الآخر، تلك السيدة الجليلة التي قدمت أبا الفضل العباس أمير الوفاء ورجل الصمود عليه السلام على عظيم شأنه وكريم خلقه وجليل قدره فداء للإمام الحسين عليه السلام .
نعم، هذه المرأة هي العلوية أم منتظر من قضاء بلد التي أبت إلا أن تشارك أبناءها انتصاراتهم في سوح المعارك.. صدى الروضتين وخلال جولتها الى جبال مكحول (جبال الحسين) التقت بها لتحدثنا قائلة:
- منذ متى وأنتِ في هذه الخدمة الجليلة؟
بتوفيق من الله تعالى بدأنا بالمشاركة أنا وأخي وأختي وأولادي وأولاد اخي للدفاع عن مقدساتنا مع بداية مجيء عصابات داعش الاجرامية، ومحاولتهم الاعتداء على مرقد السيد محمد بن الامام علي الهادي عليه السلام ، فقد هب كل ابنائنا ونسائنا للوقوف بوجه تلك العصابات الاجرامية، وكانت مهمتنا تعزيز المقاتلين المرابطين على السواتر الامامية بالطعام، وبواقع ثلاث وجبات رئيسة يومياً، وتجهيزه على شكل سفري، فضلاً عن عمل المعجنات وخبز اللحم والخبز العادي.. وبحمد الله تعالى استمرت خدمتنا حتى الآن.
- ما هي آلية الحصول على مواد الطبخ في موكبكم؟
منذ البداية بدأنا بطبخ الوجبات الغذائية في جامع صغير في بلد، والمواد كانت أغلبها تبرعاً من اهالي بلد، فمنهم من يتبرع بالطحين، ومنهم من يتبرع باللحم، ومنهم من يتبرع بالبقوليات، والكل شارك بدون استثناء، وكانت هناك قوافل دعم من قبل أهالي كربلاء والنجف، وكل محافظات الجنوب، هذا النظام وهذا التبرع لم يتوقف على تحرير قضاء بلد وحسب، انما امتد الى يومنا هذا، فأينما تتقدم القوات لتحرير مناطق العراق يتقدم موكبنا معهم.. شاركنا في بلد وسامراء وتكريت وباقي المناطق وصولاً الى بيجي ومكحول.. وحقيقة أن سر استمرار موكبنا هو دعم المرجعية وأهالي كربلاء والنجف والبصرة وباقي محافظات الجنوب لنا.
- متى انتقلتِ للخدمة في جبال مكحول (جبال الحسين)؟
انتقلت الى جبال مكحول قبل تسعة أشهر تقريباً، بعد أن قمنا بتأسيس موكب اسد الله الغالب لخدمة الحشد الشعبي المقدس في مكحول شمال بيجي، ومعي ولدي كرار وابن اخي حاتم، وأختي، ونحمد الله كل الحمد على هذه النعمة.
- ما نوع الخدمة التي تقدمونها هنا؟
نقوم بالطبخ، وبواقع ثلاث وجبات رئيسية، بالإضافة الى الشاي والكعك والماء البارد من الصباح حتى المساء، فضلاً عن اقامة المناسبات الدينية لمواليد الائمة الاطهار وإحياء ذكرى هذه الولادات مثل يوم ولادة سيدة نساء العالمين الزهراء عليها السلام ، ويوم ولادة سيد الكونين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام ، جلبنا الشموع والجكليت والحلويات والياس وكانت بمثابة دعم معنوي عال جدا للمقاتلين، وهم يحتفلون ويبتهجون في مثل تلك الايام الشريفة وهم في الخطوط الامامية غير مبالين بعصابات داعش الاجرامية الجبانة، مستمدين العزيمة من نور الائمة الاطهار عليهم السلام.
نسأل الله تعالى ان يتقبل منا ومنكم هذا القليل، وان يتقبل شهداءنا الابرار قربانا للحسين عليه السلام والقضية الحسينية، وأن يمنّ على جرحانا بالشفاء العاجل، وأن تكلل مسيرة العطاء والفداء والتضحية بالنصر العظيم إن شاء الله تعالى.
وبعد الحوار مع هذه السيدة الفاضلة الصابرة المجاهدة، شعرت بروح الحماسة تسري في دمي، وبروح الأمل تعج في أرجاء هذه الرحاب الوسيعة؛ لما تحمله تلك القلوب اليانعة بمحبة أهل البيت عليهم السلام من قدرة على صناعة الانتصارات المادية والمعنوية، وشحذ الهمم، ليبقى العراق معافى بناسه الشرفاء، وبعتباته المقدسة.