المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تعزّي ذوي الشهداء الذين سقطوا في التفجيرات الإجرامية

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تعزّي ذوي الشهداء الذين سقطوا
في التفجيرات الإجرامية وتتساءل متى يعود المسؤولون
الى رشدهم ويتركوا المناكفات السياسية..
تناول ممثّل المرجعيّة الدينيّة العُليا سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه) في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (5شعبان 1437هـ) الموافق لـ(13آيار 2016م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامته شقّين، حيث قدّم في الشقّ الأوّل تعازيه الى ذوي الشهداء الذين سقطوا في التفجيرات الإجرامية التي ضربت العاصمة بغداد وبعض المحافظات في الأيّام الأخيرة، متسائلاً: متى يُريد المسؤولون أن يعودوا الى رشدهم ويتركوا المناكفات السياسية والاهتمام بالمصالح الخاصّة ويجمعوا كلمتهم على وقف هذا الانحدار والتخبّط في إدارة البلد..؟
أمّا الشقّ الثاني الذي تناوله سماحته، فكان جانباً من عهد أمير المؤمنين الى مالك الأشتر، حيث قال:
(وَلْيَكُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنْدِكَ عِنْدَكَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِي مَعُونَتِهِ وَأَفْضَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ جِدَتِهِ بِمَا يَسَعُهُمْ وَيَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْلِيهِمْ حَتَّى يَكُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِي جِهَادِ الْعَدُوِّ)، ثم قال: (وَوَاصِلْ فِي حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَتَعْدِيدِ مَا أَبْلَى ذَوُو الْبَلَاءِ مِنْهُمْ فَإِنَّ كَثْرَةَ الذِّكْرِ لِحُسْنِ أَفْعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ وَتُحَرِّضُ النَّاكِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ اعْرِفْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَى وَلَا تَضُمَّنَّ بَلَاءَ امْرِئٍ إِلَى غَيْرِهِ وَلَا تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَايَةِ بَلَائِهِ وَلَا يَدْعُوَنَّكَ شَرَفُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ صَغِيراً وَلَا ضَعَةُ امْرِئٍ إِلَى أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ عَظِيماً).
هذا النصّ لو التزم به من يريد أن يلتزم لصنع جنداً جعلوا قلوبهم أمامهم لا يخافون، ماذا يريد أمير المؤمنين عليه السلام من مالك؟ ماذا يريد من أيّ زعيم وأيّ قائد ليحفظ دولته؟ معروف أنّ الجندي هو السيف هو الحماية، كيف يختار؟ قال: (وليكن آثر رؤوس جندك عندك...) جند تريد أن تبرّز كبيراً حتى تعطيه مهمّة قيادة الجند، مواصفات من هو الذي يكون له أثر طيّب عندك، أنت تتقدّم له وتأتي به وتنصّبه في هذا الموقع، من هو؟ (وليكن آثر رؤوس جندك عندك مَنْ واساهم في معونته) من واسى الجند في معونته، لا من عكس الأمر، لا من يقف حائلاً بينهم وبين معونتهم، لا بين من يسرق معونتهم، واساهم (وأفضَلَ عليهم من جِدَته) أفضَلَ على هؤلاء من جدته ما يسع، عنده سعة بما يسعهم هم ويسع من وراءهم من عوائلهم من خلوف أهليهم.
ثم يبيّن الإمام عليه السلام : (حتى يكون همّهم - أي هؤلاء الجند - همّاً واحداً..) في ماذا (.. في جهاد العدوّ) هذا همّهم، تارةً الجندي يشتاق الى أهله، تارةً يفكّر أنّ أهله بلا معونة، شواهد كثيرة، ثمّ يبيّن الإمام، قال: (وواصلْ في حسن الثناء عليهم..) كثير من الناس الآن يمرّ يبخل حتى بالسلام، كأنّ السلام عليه ضريبة!!، ثم قال:
(وواصل في الثناء عليهم، وتعديد ما أبلى ذوو البلاء منهم)، ثم يقول: (فإنّ كثرة الذكر لحُسْن أفعالهم تهزّ الشجاع)، الإنسان يحتاج كلمةً طيّبة، يقاتل في سبيل الله نعم، لكن يحتاج أن يُشجّع، القرآن يقول للنبيّ J: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) قطعاً هذه تشدّ من قلب النبيّ، وهو القلب المشدود والمسدّد من السماء، فالقرآن يقول فاصبرْ لا تذهب عليك، مصبّر ومشجّع (فإنّك بأعيننا)، ثم قال: (فإنّ كثرة الذكر لحسن أفعالهم تهزّ الشجاع وتحرّض الناكل) إنسان ناكل يرى أنّ في النكل السلامة، تبيّن بالعكس أنّ الناس تُثني على الشجاع والقويّ، وهذا ناكل، ضعف، تقاعس، تحرّض الناكل حتى لا يكون في جندك أحدٌ جباناً ناكلاً.
الإمام الحسين بن أمير المؤمنين عليهما السلام ومعلّم لمالك ولغير مالك، تكلّم مع أصحابه في واقعة الطفّ كلاماً (لم أرَ أصحاباً...) بالنتيجة لم يجبن أحدٌ من أصحاب الحسين في واقعة الطفّ إطلاقاً، بالعكس على قلّتهم، كانوا عندما يهجمون يفرّ هؤلاء الأوغاد من بين أيديهم كالجراد المنتشر، للحسين عليه السلام ولبعض أبطال الطفّ، (كثرة الذكر لحسن أفعالهم تهزّ الشجاع وتحرّض الناكل) ثم قال: (ثمّ اعرف لكلّ امرئ منهم ما أبلى) تقارير تأتيك اعرف هذا ماذا فعل، وهذا ما فعل، حتّى تُثني عليهم.
نسأل الله سبحانه وتعالى العفو والمعافاة، وأن يغفر لنا ولكم، ويتجاوز عن سيّئاتنا ويغفر لنا زلّات اللسان والأقدام، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين.