المرجعيّة الدينيّة العُليا توجّه العتاب والتوبيخ للسّاسة الذين كانت لهم السلطة
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّة الدينيّة العُليا توجّه العتاب والتوبيخ للسّاسة الذين كانت لهم السلطة على هذا الشعب وائتُمِنوا على أموال العامّة فخانوها..
تناول ممثّل المرجعيّة الدينيّة العُليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (اد عزه) في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (12شعبان 1437هـ) الموافق لـ(20آيار 2016م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف وكانت بإمامته، مقاطع من كتاب الإمام عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) الى بعض عمّاله الذي خان الأمانة، واستحوذ على ما تحت يده من أموال العامّة، وتهديده له بأقسى العقوبة إن تمكّن منه لخيانته، وأضاف قائلاً: مطلوب منّا أن نتعلّم العضة والاعتبار والدرس لهؤلاء الذين ائتُمِنُوا على أموال الناس وخانوا الأمانة واستحوذوا على ما تحت يدهم من الأموال العامة وهي فيها تهديد،
فليس المقصود من الرسالة تهديد ذلك الوالي في زمن الإمام (عليه السلام) فقط، بل للذين ائتُمنوا على أموال الناس وكانت لهم السلطة على هذا الشعب ثم خانوا الأمانة، لذا هي عظة وعبرة أيضا تمتدّ آثارها الى الوقت الحاضر، وهذا نصّ الخطبة:
أيّها الإخوة والأخوات.. أودّ أن أعطي صورة إجمالية..
أحد عمّال الإمام الذي كان من المقرّبين للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان ممّن جاهد معه، الإمام (سلام الله عليه) عيّنه عاملاً ووالياً على إحدى دول المسلمين، لكنّه خان الأمانة، ائتُمِن على الرعيّة، وائتمن من قبل الإمام على أموال الرعية، هذا الوالي خان الأمانة، واستحوذ على ما تحت يده من الأموال العامّة، الإمام(سلام الله عليه) في رسالته هذه يعاتبه يوبّخه توبيخاً شديداً، ثمّ يهدّده بعقوبة شديدة إن تمكّن منه هذا أولّاً، ثانياً هل المراد أن نقرأ رسالة تاريخية للإمام (عليه السلام) الى أحد عمّاله وما ورد فيها؟ نعم.. هذا مطلوب لكن هناك مطلوبٌ آخر هو أن نتعلّم العظة والاعتبار والدرس وهذه العظة والاعتبار والدرس لهؤلاء الذين ائتمنوا على أمور الرعية والناس وخانوا الأمانة واستحوذوا على ما تحت يدهم من الأموال العامّة، هذا فيها تهديد ليس المقصود من الرسالة تهديد فقط لذلك الوالي في عصر أمير المؤمنين (عليه السلام)، لا أيّها الذين ائتُمِنْتم على أمور الناس والشعب، وكانت لكم السلطة على الأموال، ثم خنتم الأمانة هذا التهديد بالعقوبة أيضاً لكم، وهذه الرسالة أيضاً موجّهة لكم، ما فيها من العتاب والتوبيخ أيضاً موجّه لهؤلاء الذين ائتمنوا على أمور الناس وأموالهم، لذلك هذه عظة وعبرة أيضاً تمتدّ آثارها في الوقت الحاضر.. فيقول الإمام(عليه السلام): (كأنّك لم تكن الله تريد بجهادك، وكأنّك لم تكن على بيّنة من ربّك، وكأنّك إنّما كنت تكيد هذه الأمّة عن دنياهم، وتنوي برّتهم عن فيئهم، فلمّا أمكنتك الشدّة في خيانة الأمّة، أسرعت الكرّة، وعاجلت الوثبة، واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الأزلّ دامية المعزة الكسيرة، فحملته الى الحجاز رحيب الصدر بحمله غير متأثّمٍ من أخذه، كأنّك - لا أبا لغيرك - حدرت الى أهلك تراثك من أبيك وأمّك، فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد...).
هذا الرجل كما بيّنّا القريب من الإمام الذي جاهد مع الإمام وكان على مستوى من المعرفة بالدين وكان على بيّنة من ربّه يعرف الحلال والحرام، فإذا فجأة بعد أن ائتمن على أمور الرعية وأموالهم، فإذا به يخون الأمانة (كأنّك لم تكن الله تريد بجهادك) بل كانت نيّتك غير خالصة، نيّتك للمال نيّتك للدنيا (كأنّك لم تكن الله تريد بجهادك، وكأنّك لم تكن على بيّنةٍ من ربّك)، (وكأنّك إنّما كنت تكيد هذه الأمّة عن دنياهم)، أي كأنّ حالَكَ ظهر، يُشبّه الإمام (سلام الله عليه) بهذه الأمور وكأنّك الآن تكيد لهذه الأمّة وتخدعهم وتستغفلهم حتى تأخذ أموالهم بالحرام: (وكأنّك إنّما كنت تكيد هذه الأمّة عن دنياهم وتنوي برّتهم عن فيئهم..) هذا الفيء والأموال، أموال الخراج والأموال التي كانت تأتي للمسلمين الآن أنت تستغفلهم وتخدعهم، فتأخذ هذه الأموال بغير حقّ وهي أموالٌ لهم: (فلمّا أمكنتك الشدّة في خيانة الأمّة أتيحت لك الفرصة) حينما صارت هذه الأموال تحت سلطتك وبيدك القرار في التصرّف بهذه الأموال وتحريك الأموال وتمكّنت من خيانة الأمّة (أسرعت الكرّة) أسرعت وانتهزت هذه الفرصة وأسرعت الهجوم والوثبة على هذه الأموال لتأخذها بغير حلّ: (وعجّلت الوثبة واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم).
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لمراضيه اللّهم وفّقنا للصلاح والرشاد وجنّبنا الشرّ والفساد واجعلنا ممّن يقولون فيعملون وخلّصنا من الأشرار والفاسدين إنّك سميع الدعاء قريب مجيب.