العتبة العلوية المطهرة تقيم الحفل المركزي السنوي بذكرى مولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

30-12-2018
طارق الغانمي
العتبة العلوية المطهرة تقيم الحفل المركزي السنوي
بذكرى مولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
أقامت الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة الحفل المركزي السنوي الخاص بذكرى ولادة سيد الأوصياء وإمام المتقين ومولى الموحدين علي بن أبي طالب عليه السلام في الثالث عشر من شهر رجب، وذلك في صحن فاطمة الزهراء عليها السلام الجديد.
وقد شهد الحفل حضوراً فاعلاً من السادة الافاضل والمشايخ الكرام، ووكلاء مرجعيات دينية، وشخصيات إسلامية كبيرة وكان على رأسهم المرجع الديني الكبير آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض (دام ظله الوارف)، ووكيل رئيس ديوان الوقف الشيعي سماحة الشيخ علي الخطيب (دام عزه)، وأمناء وممثلي العتبات المقدسة الحسينية والكاظمية والعباسية، ونخبة من العلماء الأعلام وأساتذة وطلبة الحوزات العلمية، والمسؤولين في محافظة النجف الأشرف، والدوائر الحكومية وجمع غفير من المؤمنين والزائرين.
استهلت الاحتفالية المباركة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم تلاها القارئ حيدر رحيم، أعقبتها كلمة الأمانة العامة للعتبة العلوية المطهرة ألقاها الأمين العام سماحة السيد نزار هاشم حبل المتين (دام عزه)، والتي جاء فيها بعد إلقاء التحية والسلام على الحاضرين والمشاركين، قائلاً:
اللهم صلّ على أمير المؤمنين عبدك المرتضى، وأمينك الأوفى، وعروتك الوثقى، ويدك العليا، وجنبك الأعلى، وكلمتك الحسنى على الورى، وصديقك الأكبر، وسيد الأوصياء، وركن الأولياء، وعماد الأصفياء، وأمير المؤمنين، ويعسوب الدين، وقدوة الصالحين، وإمام المخلصين، والمعصوم من الخلل، المهذب من الزلل، المطهر من العيب، المنزه من الريب، وأخي نبيك ووصي رسولك، البائت على فراشه، والمواسي له بنفسه، وكاشف الكرب عن وجهه، الذي جعلته سيفاً لنبوته، وآية لرسالته، وشاهداً على أمته، ودلالة على حجته، وحاملاً لرايته، ووقاية لمهجته، وهادياً لأمته، زيداً لبأسه وباباً لسره، ومفتاحاً لظفره حتى هزم جيوش الشرك بإذنك، وأباد عساكر الكفر بأمرك، وبذل نفسه في مرضاة رسولك، وجعلها وقفاً على طاعته، فصلى الله عليه صلاة دائمة باقية.
مبيناً: حق لفتى الإسلام العظيم أن لا يأتي إلى هذا الوجود إلا في مناقب أسنى من الثريا في علوها، وأقرب من إنكارها الشانئ في دنوها، فقبل أن يخلق الله تعالى آدم عليه السلام بأربعة آلاف عام، كان النبي صلى الله عليه واله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام نوراً واحداً بين يدي الله تعالى، قد أودعه سبحانه في صلب آدم بعد خلقه، ولم يزل ينقله من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام المطهرة حتى أقره في صلب عبد المطلب، فلما أخرجه من صلبه، قسم ذلك النور قسمين قسماً في صلب عبد الله، وقسم في صلب أبي طالب.
مضيفاً: لما أذن الله تعالى بولادة أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الدنيا، جعل محل ولادته في بيته الحرام الذي جعله قبلة للناس وأمناً، ولم يولد قبله ولا بعده أحد فيه.
لقد ضرب أمير المؤمنين عليه السلام للمسلمين بصورة عامة ولأتباعه ومواليه بصورة خاصة أروع المناهج الإسلامية من خلال سلوكه العملي، فكان أعظم الدور وأوضح الأثر في هذا المضمار، بحيث أطبقت الأحاديث الصحيحة المتسالم عليها من قبل المسلمين على أنه عليه السلام من أكثر الناس اقتفاءً لسنّة النبي صلى الله عليه واله وسلم وأشدهم التزاماً بها.
مشيراً إلى: الجوانب التي اشتهر بها عليه السلام في سيرته وسلوكه الشخصي،ومنها الجانب الأخلاقي الذي تعتبره الشريعة الإسلامية من أهم الأسس التي يجب أن يبنى عليها الإنسان المؤمن مبادئه، فكان أمير المؤمنين عليه السلام القدوة المثلى في الخلق الإسلامي الأمثل.
ولعل من الأمور التي عرفت عنه عليه السلام في هذا المجال بالذات: لين الجانب، والتواضع، والمقاربة لعموم الناس على ما هو عليه من سمو وعظمة، وعلى ما هم عليه من أخطاء وعلل، بل لقد سار فيهم بحسن العشرة إلى درجة أنه لم يكن يمتاز عنهم في شيء أصلاً حتى بعد تسلمه للخلافة.
موضحاً: ما عسى القائل أن يقول في علم أمير المؤمنين عليه السلام بعدما ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من مدح فيه يغني عن كل مدح وبيان، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قوله في علي عليه السلام : أنا مدينة العلم وعليٌ بابه، وقوله صلى الله عليه واله وسلم : (أعلم أمتي علي بن أبي طالب).
وقد تفجر هذا العلم الذي اندمج عليه الإمام عليه السلام عن تراث غزير وافر عظيم الأثر، تمثل في الأحاديث والأقوال التي وردت عنه عليه السلام في مضمار العقيدة والفقه والأخلاق والحكمة، امتزجت ببلاغة المعنى وفصاحة الجُمل، وكان كتاب نهج البلاغة أحد الشواهد على هذه الحقيقة التي لا يمكن انكارها.
إن التعرف على سيرة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأخلاقه ومناقبه وأقواله أمر ضروري جداً لا غنى للمرء عنه؛ لأن هذه المعرفة تؤثر بشكل مباشر في معرفة سيرة وأخلاق ومناقب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ؛ لأن الفرع الكريم يدل على الأصل العظيم، وعلي بن أبي طالب عليه السلام أخو الرسول وربيبه وخليفته وصهره، كما أنهما من نور واحد ولن نجد أحداً من الناس له من القرابة القريبة والصلة الشديدة بخاتم الأنبياء صلى الله عليه واله وسلم أكثر من هذا البدل الهمام الذي جعل الله تعالى ولايته ومحبته فرضاً على العباد ومنجاة في يوم المعاد.
مختتماً: رزقنا الله وإياكم الثبات على ولايته ومحبته، سائلين المولى (عز وجل) أن يمنّ على المجاهدين الأبطال في سوح الوغى بالنصر المؤزر، وأن يثبت قلوبهم ويزلزل الأرض تحت أقدامهم، رحم الله شهداءنا الأبرار، وأن يمنّ الله على جرحانا بالشفاء العاجل إنه سميع الدعاء والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
بعد ذلك اعتلى المنصة الأستاذ الدكتور السيد محمد حسين الصغير في كلمة متميزة أتحف بها أسماع الحاضرين، ثم تلا قصيدة شعرية ولائية أبدع خلاله بذكر مناقب أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين عليه السلام .
بعدها اعتلت المنصة هيئة المرتضى للإنشاد الإسلامي التابعة إلى العتبة العلوية المقدسة لتردد أناشيد ولائية تغنت بالمناسبة العطرة، لتكون مسك ختام الاحتفالية.
وفي ختام الحفل الكريم تم توزيع باقات من الزهور والحلوى على الحاضرين والزائرين لترسم الفرحة والبهجة على وجوه كل الموالين بولادة شفيعهم وشفيع العالمين ومولى الموحدين أبي الحسن علي عليه السلام .