المرجعيّةُ الدينيّة العُليا: عهدُ أمير المؤمنين الى مالك الأشتر ورقةُ عملٍ لأيّ حاكم..
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّة العُليا: عهدُ أمير المؤمنين عليه السلام
الى مالك الأشتر ورقةُ عملٍ لأيّ حاكم، والذي لا يعمل بها يفشل..
تناول ممثّل المرجعيّة الدينيّة العُليا سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه) في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (7رجب 1437هـ) الموافق لـ(15نيسان 2016م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامته جانباً من عهد أمير المؤمنين عليه السلام الى مالك الأشتر، لمّا ولّاه مصر مؤكّداً أنّها تصلح ورقة عملٍ لأيّ حاكم، والذي لا يعمل بها يفشل، حيث قال:
إخوتي أخواتي.. ذكر أميرُ المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) في عهده الى مالك الأشتر مجموعة أمور نتعرّض الى بعض فقرات هذا العهد وبشرحٍ موجز.
من جملة ما قال له: (يا مالك إنّي وجّهتك الى بلادٍ قد جرت عليها دولٌ قبلك من عدل وجور، وإنّ الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك، ويقولون فيك ما كنت تقول منهم، وإنّما يستدلّ على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده).
الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يلفت نظر مالك الى قضية، يقول له: يا مالك هذه الدولة التي أنت ذهبت اليها ليست دولة جديدة نحن أسّسناها، وإنّما منطقة قد جرت عليها دولٌ، وفيها رعيّة، وهي مدينةٌ قديمة، بعضها كان عدلاً بعضها كان جوراً، أنت الآن ستكون في موقع المسؤولية.
التفت إنّ الناس يريدون منك أشياء، وهذه الأشياء أنت بنفسك كنت تريدها من الحكّام السابقين، فلابُدّ أن تكون في مستوى المسؤولية، لا تسخّف طلبات هؤلاء، ولا تقل هم لا يفهمون، وإنّما لابُدّ أن تلبّي هذه الاحتياجات، أنت الآن والٍ.. لا تكن ظالماً؛ لأنّهم سيقولون عنك ظالم، قال: (وإنّما يستدلّ على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده) هذه مسألة مهمّة أن إنساناً صالحاً حكم مدّة من الزمن نستدلّ هذا صالح، يقول: بما يُجري الله على ألسنة العباد، لا ليست طائفة خاصّة قد تضرّرت أو طائفة خاصّة قد انتفعت هؤلاء لا يمثّلون الرأي، وإنّما ألسنة عباده من وصلهم حكم هذا، يقولون عنه هذا (رحمه الله) كان عادلاً كان إنساناً يهتمّ بشؤوننا، أو شخصاً آخر (لعنة الله عليه) خلّصنا الله منه ومن شرّه، الله تعالى يُجري الخير يستدلّ على الصالحين بما يُجري الله تعالى على ألسن عباده.
ثمّ قال: (ثم انظر في أمور عمّالك) طبعاً تحتاج هنا شخصاً، في هذه المدينة الكبيرة، ولنقل باصطلاح اليوم محافظ مثلاً أو وزير، تسميات تختلف لكن الفعل واحد المسؤولية واحدة، قال: (ثم انظر في أمور عمّالك، فاستعملهم اختباراً ولا تولّهم محاباةً وأَثَرة)، وهذه من أهمّ مراكز النجاح أمام المسؤول، كيف تختار يا مالك كيف تختار ولاتك وعمّالك، أمير المؤمنين يقول: استعملهم اختباراً، اختبره هل هو جدير بهذا الموقع؟ شخصيته ملمّ بما أعطيته؟ كفوء؟ حازم؟ رجل نزيه؟ اختبره لا تعطِ هذه المواقع (محاباةً) صديقي، ابني، ابن أخي، أقربائي، (وَأَثَرة) تؤثر هذا على هذا بلا ضوابط.
قال: (ولا تولّهم محاباةً وأَثَرَة) إذا ولّاهم محاباةً وأثرة التفتوا ماذا يكون؟ واقعاً هذا النصّ لابُدّ على كلّ حاكمٍ أن يضعه أمامه أينما يجلس يضع هذا النصّ أمامه، حتى لا تخدعه نفسه، قال: (فإنّهما...) يعني التولية عن طريق المحاباة وعن طريق الأثرة والمجاملات والأقرباء (فإنّهما جماعٌ من شُعب الجور والخيانة)، هذان الأمران يقول تجتمع فيهما شعب الجور والخيانة، إنّ هذه الطريقة طريقةٌ خاطئة لأيّ حاكم يا مالك. قال: (ثمّ لا يكنْ اختيارك إيّاهم على فراستك...) أنا تفرّستُ به هذا كفوء بالتأكيد، طويل وضخم ومفتول العضلات، صفات فيه جعلتني أشتبه، صارت عندي فراسة أنّ هذا ينفع لهذا الموقع، أمير المؤمنين ينهاه يقول له: لا تفعل هذا، لماذا؟ (ثم لا يكن اختيارك إيّاهم على فراستك واستنامتك - إذا سكنت اليه وثقت ظاهراً - وحسن الظنّ منك) هذه الصفات قد تكون جيّدة، لكن في غير هذا الموقع، لا يكن عندنا خلط، هذه الصفات تكون جيدة، أنا إنسان أتعامل مع زيد أُحسن الظنّ به لا بأس، لكن في موقع أنت حاكم لا تأتِ لهذه الأمور، قال: (فإنّ الرجال يتعرّضون لفراسات الولاة بتصنّعهم وحُسْن خدمتهم، وليس وراء ذلك من النصيحة والأمانة شيء).
نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق للجميع والتسديد والسداد.. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمدٍ وآله الطيّبين الطاهرين.