إيـمــانُ الشيِّعةِ كُفرٌ عند الوهابيَّة إشكاليَّةُ التفكير والتكفير
30-12-2018
مرتضى علي الحلي
إيـمــانُ الشيِّعةِ كُفرٌ عند الوهابيَّة
إشكاليَّةُ التفكير والتكفير
إنَّ التفكيرَ هو عبارة عن نشاط أو جهد عقلاني وذهني يبذله الإنسان المُفكِّر في موضوعٍ ما، ولهدفٍ محدد: كالفَهم أو الحُكم أو حلِّ إشكاليَّةٍ ما.. سالكاً سُبلاً ومعاييرَ سليمة, ليصلَ إلى مُنتج صحيح عقلاً, وبخلاف ذلك لا يُعدُّ الإنسانُ مُفكِّراً بل يُعتبرُ مُتخبِّطاً, لذا حينما لا يسلكُ الإنسانُ المُفكّرُ السُبلَ الصحيحة عقلانياً ومعرفياً في نمطية تفكيره، فيقيناً سيقع في الخطأ سلوكاً ونتاجاً وحتى حكماً. وسيصلُ إلى نتائج وأحكام وتعميمات وتوصيفات فاسدة وغير مقبولة عند أهل الفكر المستقيم, ولكي يكون لونُ التفكيرِ لوناً مُنتجاً ومقبولاً أو عقلياً أو شرعياً, فيجبُ أن ينطلق بنشاطه واستكشافه من المبادئ التصورية الصحيحة المُخَّزنة في ذهنه والحاضرة في وعيه وإدراكه إلى المطالب المُتوقّع الوصول إليها بالعلم بها أو التعرفُّ عليها أو إدراكها بأي سبب صحيح معرفياً. هذا ما عرفه المسلمون قديماً والغرب حديثاً، والذي يُسمى عندنا بنظرية المعرفة, وعند الغرب بـ(الأبستمولوجيا) و(بالإنجليزية: Epistemology)) وهي فرع من فروع الفلسفة تهتم بطبيعة ومجال المعرفة البشرية، وتحاول الإجابة عن الأسئلة التالية:
ما هي المعرفة؟ كيف يمكن امتلاك المعرفة؟ وما هو مدى المعرفة بموضوع ما؟
ركزُ البحثُ والنقاشُ في هذا المجال على تحليل طبيعة المعرفة ومدى ارتباطها بمفاهيم الحقيقة والإيمان والتبرير، وقد اهتم العديدُ من العلماء المسلمين بنظريات المعرفة ومن أشهرهم ابن سينا، وابن رشد، والأشاعرة، والمعتزلة، والغزالي وغيرهم, وقد قسّموا القضايا إلى عدة أقسام: منها محل الشاهد هي:
القضايا الأولية: التي نُسلمِّ بها وبصدقها ويقينها، ولا نكتسبها ولا تحتاج لبرهان.
والقضايا المقبولة: وهي الأحكام التي يكون عليها إجماع. والبراهين والاستدلالات: وهي المعرفة التي تُستنتج من خلال استعمال الملكة الفكرية.
محورُ البحث:
إذا ما أردنا أنْ نسلكَ سبلَ ومناهجَ المعرفة البشرية المتفق عليها بين العقلاء: كالانتقال من المعارف والقضايا الأولية والمقبولة والمُجمعِ عليها باستعمال ملكة التفكير السليم والتي تتمثل في بحثنا هذا بالمبادئ التصورية للعلم، والموضوع المبحوث إلى المطلوب في البحث كما هو العنوان أعلاه (إيمان الشيعة كفرٌ عند الوهابية - إشكاليّة التفكير والتكفير) نجدُ أنَّ اللغةَ العربية هي من جملة ما اتفقتْ عليها المعرفة الإسلامية ونظريتها في بيان المفاهيم وجذورها اللفظية والاستعمالية, فمثلاً: إنَّ معنى الكفر لغةً (هو الستر والتغطيّة، ورجلُ كافرٌ: هو الجاحد لأَنْعُمِ الله، مُشتق من السَّتْر, وقيل: لأَنه مُغَطًّى على قلبه, وقال ابن دريد: كأَنه فاعل في معنى مفعول، والجمع كُفَّار وكَفَرَة وكِفارٌ): لسان العرب, ابن منظور الأفريقي, مادة كفر.
وإذا رجعنا إلى المعنى الاصطلاحي للكفر، نجده هو انتحالَ دين غير الإسلام أو انتحال الإسلام, وجُحدُ ما يُعلم أنه من الدين الإسلامي, بحيث يرجعُ جَحده إلى إنكار الإسلام رسالةً وديناً من الأصل, أو هو ما يُضاد الإيمان من الأقوال والأفعال والاعتقادات على تعريف العامة بحسب ما ذكره ابن تيميّة.
وأما الإيمان فهو ضد الكفر ويعني التصديق بأصول الدين الإسلامي وتطبيق فروعه, وعلى أساس أوليَّة ومقبولية مفهوم الكفر لغةً واصطلاحاً، فلا يمكن تكفير الشيعة توصيفاً واعتقاداً؛ ذلك لمباينة واقعهم التاريخي والمعاصر لما يُتّهمون به, وإنَّ هذه المفاهيم المُتفقُ عليها لغةً واصطلاحاً, نجدها أيضا عند ابن حزم ومُؤسِّس حركة التكفير الضالة في أوساط المسلمين ابن تيمية، والذي قال بخصوص بيان مفهوم الكفر اعتقاداً ما نصه: (الكفر: عدم الإيمان - باتفاق المسلمين - سواء اعتقدَ نقيضه وتكلّم به، أو لم يعتقد شيئاً ولم يتكلّم). (مجموع الفتاوى - ابن تيمية: ج20/ ص86).