مروراً بالمعنى... بين آصف بن برخيا.. والإمام علي عليه السلام
30-12-2018
الشيخ مصطفى الهادي
مروراً بالمعنى...
بين آصف بن برخيا.. والإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام
في قصة نبي الله سُليمان عليه السلام ، يمر القرآن على ذكر شخصية لا يذكر اسمها كما في سورة النمل آية 44 حيث يقول: (قَالَ الذِي عِندَهُ عِلمٌ منَ الكِتَابِ). وترك القرآن المجال للنبي والمفسرين من بعده الكشف عن جزئيات هذه الحدث الذي أرّخهُ القرآن.
يتفق الشيعة مع السنة في أن آصف امتلك فعلاً قدرات مميزة، قالوا في تفسيرها بأنه امتلك (الاسم الأعظم).
قال أكثر المفسرين: إن الذي عنده علم من الكتاب آصف بن برخيا، وهو من بني إسرائيل، وكان صديقاً يحفظ اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب، وهو بلسانهم: أهيا شراهيا.
وأكد مجموعة من المفسرين: إن الكلمات التي دعا بها: (يا إلهنا، وإله كل شيء، إلهاً واحداً لا إله إلا أنت، ايتني بعرشها.. فمثل بين يديه).
أراد سُليمان عليه السلام أن يُشير إلى من يخلفه من بعده، فعمد إلى اجراء هذا التنافس الذي فاز فيه وزيره آصف بن برخيا.
بعض المصادر تقول بأن شخصية آصف بن برخيا هي شخصية (الخضر) العبد الصالح الذي امتلك الاسم الأعظم وعاش طويلاً، وترى أن هناك تشابهاً بين شخصية آصف بن برخيا وشخص الإمام علي عليه السلام من حيث الظلم الواقع عليهما من قبل صحابة سليمان ومحمد عليهما السلام .
الاثنان تم اقصاؤهما عن الاماكن التي عينها لهم الله ورسوله، فآصف بن برخيا كان وصياً لسُليمان شجاعاً حازماً صارماً حكيماً، والاختبار الذي أجراه سُليمان لوصيه امام الناس كان لهذا الغرض؛ لكي يعرف الناس فضل آصف وقدرته ومزاياه، ولكن مع ذلك فإن هذا الشعب العنيد انقلب على اعقابه، وقام بتعيين (يربعام) خادم سُليمان.
وهكذا.. نرى شخصية آصف بن برخيا في شخص علي بن ابي طالب عليه السلام الذي أيضاً كان شجاعاً حازماً صارماً حكيماً، وكذلك فإن عملية تنصيبه في غدير خم كانت اختباراً للأمة، وارساله لتبليغ سورة براءة، واقصاء الآخر ايضا كان اشارة إلى علي بن ابي طالب على أنه الأكفأ والأليق والافضل لهذا المقام.
هناك من أقصى آصفا ونزا على خلافته بالتعاون مع اليهود.
عند موت سُليمان، ومن اجل قطع الطريق على (آصف بن برخيا)، وحتى وصول (يربعام) الخادم، قام اليهود بتعيين ابن سُليمان (رحبعام) مع علم اليهود بأن رحبعام هذا إنسان لا رأي له، ولكنهم اصروا على ان ينتخبوه ملكا عليهم بدلا من آصف بن برخيا الحكيم الشجاع؛ والسبب انهم وضعوا شروطهم على (رحبعام) إذا وافق عليها جعلوه خليفة عليهم، كما فعل بعض أصحاب محمد صلى الله عليه واله وسلم في الشورى عندما وضعوا شروطا على علي بن أبي طالب (عليهالسلام)؛ لكي يجعلوه خليفة عليهم، حيث طلبوا منه ان يعمل بسيرة الشيخين، وأن لا يُغير من سيرتهما شيئاً، فرفض ذلك.
ومن الطبيعي أن يقبل رحبعام ابن سُليمان بهذه الشروط، وهو يرى امامه ملكاً عريضاً أسسهُ أبوه سُليمان، فقام بالتعاون مع اليهود على اقصاء آصف بن برخيا والجلوس على كرسي الخلافة، وهو غافل عما يُحيكهُ له اليهود من مؤامرة، اقصاء (رحبعام ابن سُليمان) بعد مجيء يربعام وتعيينه خليفة عليهم؛ لأنه أطوع لهم من آصف بن برخيا الذي كان خشناً في ذات الله.
وهذا ما نراه في قول عمر بن الخطاب عندما قام بتنصيب ستة اشخاص للشورى كان بينهم علي بن أبي طالب حيث نظر عمر إليه وقال: (لو ولوها الأجلح ــ يعني علياً ــ لسار بهم على المحجة، ولأكلوا من فوق رؤوسهم، ومن تحت أرجلهم).
وهكذا حصل الذي أرادهُ المنحرفون مع أن سليمان عليه السلام قام بتنصيب مجموعة منتخبة من صحابته لخدمة الهيكل، وحراسة تابوت العهد، حيث جعل آصف بن برخيا على رأس هذه المجموعة قائداً لهم في اشارة إلى استحقاقه لمرتبة الرئاسة.. ولكن اصحابه أيضا نكثوا العهد، وانقلبوا على اعقابهم، وانتخبوا رئيسا من بينهم، وأبوا الاستماع، وصلبوا رقابهم.. وعند تمردهم، أقاموا رئيسا ليرجعوا إلى عبوديتهم.