قصة جديدة لذبيح جديد قافلة شهداء العراق تستمر إلى أن ترفع راية النصر والتحرير

30-12-2018
طارق الغانمي
قصة جديدة لذبيح جديد
قافلة شهداء العراق تستمر إلى أن ترفع راية النصر والتحرير
بحثاً عن عشبة الخلود نحو جبال حمرين، اتجه سليل كلكامش برحلته الجهادية غير مكترثٍ حتى وإن وجدها تحت ظلال سكين داعش.. إنها قصة جديدة لذبيح جديد نرويها من أرض شطرة الجهاد، حيث المجلس التأبيني للشيخ الشهيد حسين هادي الهلالي الذي قضى نحراً، بعد أن وقع أسيراً بيد العصابات الإجرامية الداعشية قبل أشهر في منطقة تلال حمرين.

وبعين الفخر بهذه التضحية التي لم تمنعه من الالتحاق بجبهات القتال بالرغم من توسل الأقربين له، وهو يقترب من ستينية عمره، شهادة ينظر لها ذووه وعلى ما يبدو إنها سجية لهذه العائلة، فعلى ذات الطريق سار اثنان من أبنائه قبل عشر سنين في حادث تفجير طال إحدى وحدات الجيش العراقي في بغداد.
الشهيد المظلوم من مدينة الشطرة في محافظة الناصرية، لبى نداء المرجعية رغم العمر والأمراض التي تعرض لها، لم يتجاهل فتوى المرجعية الدينية الرشيدة.. وقع أسيراً بيد أعداء الإنسانية منذ شهور، وقبل أيام قليلة أعلن هذا التنظيم الاجرامي مسؤوليته عن تنفيذ الإعدام بحق الحاج الشهيد حسين الهلالي.
ولأن مظاهر الغبن لا تفارق هذا الوطن، فقد تبقى صورة المضحين من أجله رهينة الإجحاف، فعائلته البسيطة التي خلفها وراءه تسكن داراً عشوائية السكن، كأن التضحية كتبت على المهمشين، وكتبت لكبار المسؤولين عظيم الامتيازات.
تحدث أحد أبنائه لجريدة صدى الروضتين أثناء زيارة وفد رفيع المستوى من العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية لمجلس عزاء الشهيد في مدينة الشطرة، قائلاً:
أصر الوالد على الذهاب إلى جبهات القتال تنفيذاً لأمر المرجعية الدينية العليا، بالرغم من حديثنا معه بأنك كبير السن، ونحن أعطينا اثنين من الشهداء، ونحن نكفي من دونك، لكن كان يواجهُنا بالرفض والإصرار على التواجد في ساحات القتال..
لذا نشعر بالفخر والاعتزاز على ما قدمه والدنا من تضحيات في سبيل الوطن، بالرغم من إنه رجل طاعن في السن، وهذا هو طريق الإمام الحسين عليه السلام الذي ضحى بنفسه من أجل عزة الدين والإسلام.
ذاكراً: الوالد في آخر التحاقه إلى جبهات القتال تمنى الشهادة، وبالفعل قد أُسر في قاطع تلال حمرين في الأول من نيسان الماضي، وقد حكمت عليه العصابات الداعشية بالإعدام في الأول من حزيران، وإلى الشهر العاشر لم نعلم بحاله، إلا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) و(اليوتوب)، فقد بثت هذه العصابات المجرمة بعض الصور وهي تنفذ به عملية الذبح بشكل تشمئز منها الإنسانية.
أما فضيلة الشيخ صلاح الكربلائي رئيس قسم الشؤون الدينية في العتبة العباسية المقدسة، فقد تحدث قائلاً:
تمثل مدينة الناصرية النسبة الأولى في كمية الشهداء التي تتقدم على محراب التضحية، وقد زار وفد من العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية إلى مجلس عزاء الشهيد حسين الهلالي الذي تم نحره على يد العصابات التكفيرية الداعشية. ولاحظنا ذوي الشهيد على أتم المعنويات، وما زادهم هذا الفيلم المصور الذي تم من خلاله معرفة خبر استشهاده، إلا تصميماً وإرادة نحو السير للدفاع عن الوطن وأرضه ومقدساته.
هذا المنظر البشع التي قامت به داعش ما يمثل إلا بربرية ووحشية هذا الكيان الإجرامي، ولعل معاملة الأسير الذي وصى به الإسلام والقرآن الكريم والسنن السماوية كلها تجد أن هذا التنظيم الهمجي يعكس مدى بعده عن الإسلام والمسلمين.
سماحة الشيخ علي السهلاني (دام عزه) معتمد المرجعية في قضاء الشطرة:
هذا الشهيد الطاهر ليس الشهيد الأول لهذه العائلة المجاهدة، وإنما لديه اثنان من أولاده، لقد استشهدوا على يد الزمر الإرهابية في وقت سابق، وهذا الأب هو الشهيد الثالث رغم أنه رجل طاعن في السن، إلا أنه أصر على التواجد في ساحات الجهاد.
الشهيد كان يقاتل في منطقة جبال حمرين، وقد قال له أصحابه المقاتلون أثناء الهجوم على قاطعهم: دع هذا المكان وانسحب إلى الوراء، فأبى أن يغادر موضعه، ووقف وقفة بطولية وثابتة وجريئة، وبدأ يقاتل الأعداء لوحده إلى أن استنزف كل ذخيرته ومعداته القتالية، بعدها تم أسره من قبل العصابات الداعشية القذرة (لعنهم الله).
فأقول له أولاً: هنيئاً لك هذه الشهادة التي نلتها على يد ألعن خلق الله تعالى، وهذه مفخرة عظيمة، وثانياً: أنت رجل من الموالين لأهل البيت عليهم السلام ، ولشدة ولائك وعمق تمسكك بهم، وانغراس حبهم في قلبك، أبيت أن تنسحب من ساحات الجهاد إلى أن نلت الشهادة، وقطعت رأسك الشريفة أسوةً بإمامك وسيدك أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، لتنهي مطاف حياتك الذي ختمتها بالمسك، ونلت أعلى مراتب الشهادة التي يتمناها كل امرئ.
أما هؤلاء الذين يقومون بقطع الرؤوس وسبي النساء، وهم ينسبون أنفسهم إلى الإسلام، فالإسلام براء منكم إلى يوم الدين، وهذا هو دين معاوية (عليه اللعنة والعذاب)، نحمد الله ونشكره على هذه النعمة التي جعلتنا مظلومين ولسنا ظالمين.
وأخيراً أتقدم بالشكر والامتنان إلى إخوتي وأحبائي وأعزائي وفد العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية بزيارتهم ومواصلتهم لعوائل الشهداء، وهذا هو ديدنهم وأخلاقهم ورسالتهم التي اكتسبوها من نبيهم نبي الرحمة والإكرام أبي القاسم محمد صلى الله عليه واله وسلم .