لشذى عطر المراقد المقدسة تسجد الأطياب والعطور
30-12-2018
متابعة احمد الخالدي
لشذى عطر المراقد المقدسة تسجد الأطياب والعطور
لم تزل أجساد الطاهرين محمد وأهل بيته المعصومين عليهم السلام تفوح عطراً للعزة والسؤدد، ولم يزل تراب مثواهم يتضوع بمسك القداسة وعبير الكرامة، وما ذلك إلا فضل من الله تعالى؛ بياناً لمكانتهم، وتعريفاً بطهارتهم، وتوثيقاً لقداستهم، فهم الأدلاء على الحق، وتلك خصيصة من خصائصهم, وليس ذلك عليهم بكثير, إذ لا ننسى دعاء الإمام الحسين عليه السلام يوم الطف لجون، وكان أسود اللون: (اللهم بيض وجهه، وطيب ريحه)، فكان من يمر على جسده يشم منه ريحاً طيبة, فكيف بالنبي ووصيه وذريتهم عليهم السلام ، والذين ما مات منهم أحد إلا شهيداً.
ومثل هذه المراقد المقدسة والمشاهد المكرمة تستحق أن تولى عناية بالغة لإظهارها بأفضل منظر، وأجمل صورة، لتخلق انطباعاً لدى زائريها من غير الموالين لهذا البيت الطاهر عليهم السلام بما تحتله هذه المشاهد المطهرة من مكانة في قلوب أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، هذا فضلاً عن خلق بيئة عبادية تبعث في النفس الارتياح... لذا آلى بعض المؤمنين الموالين على انفسهم أن يساهموا بالتبرع بالعطور المخصصة للعتبات المقدسة.
صدى الروضتين التقت بالأستاذ أحمد حصير مدير شركة أطياب العلوي، وممثل شركة أمل الكويت في العراق؛ ليحدثنا عن مشروع تعطير المراقد المقدسة في العراق، فتحدث قائلاً:
الشركة الممولة لهذا المشروع هي شركة أمل الكويت، والمتبرع من الكويت هو الحاج مكي القلاف, وبدأ المشروع في العام 2008 ابتداء بالعتبة العلوية المقدسة، وانطلاقاً الى باقي العتبات المقدسة، والأضرحة الملحقة مثل: مرقد زيد بن علي C، والسيدة شريفة بنت الإمام الحسن C, حيث نمولهم بالعطور والبخور و(الفازات)، وكل ما يخص العطور.
قبل بداية المشروع كنت أعمل مديراً لمكتب السيد حسن بحر العلوم (رحمة الله عليه) وصادف أن جاء التاجر الكويتي مكي القلاف صاحب شركة أمل الكويت الى زيارة مرقد امير المؤمنين عليه السلام ، ودار في ذهنه أنه لم لا يتم تعطير الحرم العلوي مثلما تعطر المشاهد المقدسة في مكة المكرمة؟
وكان أحد اصدقاء الحاج مكي معه، وشاهد السيد حسن بحر العلوم (رحمه الله) فقال للحاج مكي: أنا أعرف هذا السيد (يعني السيد حسن)، وقد رأيته في الكويت, دعنا نكلمه لعله يوصلنا الى تحقيق هذه الغاية, فذهب الحاج مكي وصديقه الى السيد حسن وأخبراه بنيتهما في التبرع بالعطر للحرم العلوي، ووعدهما خيراً، ثم كان أن اتصل بالأمين العام للعتبة العلوية المطهرة، وكان في وقتها السيد مهدي الحسيني، فوافق على الفكرة، وبمجرد رجوع الحاج مكي الى الكويت أرسل الوجبة الاولى من العطور, ثم بدأنا بالتوسع الى العتبات الأخرى, وهذه الشركة هي فرع لشركة أمل الكويت في العراق.
- ما هي الأمور الأخرى التي تم التبرع بها للعتبات المقدسة؟
هناك أيضاً منظومات مراوح التبريد والتعطير الموجودة الآن في العتبة العلوية المقدسة والتي ستعمم على باقي العتبات المقدسة، علماً هذه المنظومة تم تنصيبها أيضاً في العتبة الحسينية المقدسة، والعتبة الكاظمية المقدسة، وإن شاء الله تعالى سيتم تنصيبها في العتبة العباسية المقدسة، والعتبة العسكرية المقدسة، بعد اتمام عملية تثبيت المرايا والنقوش الداخلية في الصحن العباسي الشريف، وإنهاء الأعمال في الحرم العسكري المطهر, وهذا المشروع يكلف ما لا يقل عن 250,000 دولار قابلة للزيادة، حيث يحتوي على تفاصيل كثيرة منها: مراوح التعطير، وخزانات الماء ذات المواصفات الخاصة.
- ماذا عن العطور ونوعياتها، وهل تستخدم هذه العطور في المراقد المقدسة فقط؟
كل العطور التي نستخدمها في العتبات المقدسة هي عطور طبيعية 100% وخالية من الكحول, هذا فضلاً عن البخور, حيث هناك بخور خاصة بالحرم الشريف، وبخور خاصة بالضريح المقدس, ومن هذه العطور: (العود, المسك, العنبر, الورد), وأكثر الانواع التي نستخدمها هو بخور (الحيدري)، حيث يتم استخدام هذا البخور يومياً في الحرم الشريف, علماً أن هذا البخور غالي الثمن، يصل سعره تقريباً لكل 12 غرام 100 دولار، ويستخدم مع البخور فحم خاص.
- ما هي المواد الداخلة في صناعة المباخر (الفازات)؟
المبخرة مصنوعة من الزجاج، ومزخرفة بماء الذهب من عيار 24، وهي عمل يدوي 100% تتم صناعتها وزخرفتها وخطها في ثلاث دول، تبدأ بصناعة الزجاج في تركيا، ثم يتم الخط عليها والزخرفة في النجف الأشرف، ثم تحفر الزخارف والخطوط في اصفهان في ايران.
وهناك الأعواد الخاصة التي توضع في وسط الفازات، والتي تعمل بالخاصية الشعرية والتي تمتص العطر ليرتفع الى أعلى القصبة، فيكون انتشار العطر بنسبة محددة، وهذه الأعواد هي نبات طبيعي ينبت في الصين واسبانيا، من خواصه أنه اذا وضع في سائل يمتص هذا السائل على حسب الخاصية الشعرية المعروفة فيزياوياً، حيث يرتفع السائل في قنوات هذه القصبة من الأسفل الى الأعلى تلقائياً، مما يوفر توزيعاً وانتشاراً مثالياً للعطر، وأيضاً سعر هذا القصب غال نسبياً، حيث يصل سعر القصبة الواحدة الى ما يقرب من دولار واحد, وسبب غلاء هذه المواد هو طريقة الشحن وكلفتها؛ لأن العطور والمواد الملحقة بها لا يمكن نقلها وشحنها بطريقة عادية، إذ لابد أن تنقل بسيارات مبردة؛ لأن هذه العطور هي مواد طبيعية تتلف في الحرارة المرتفعة.
وتحدث لصدى الروضتين أيضاً الشيخ زين العابدين عدنان أحمد مسؤول شعبة الحرم عن آلية تعطير الحرم المطهر، فتحدث قائلاً:
قبل التعرف على الاخوة في شركة أطياب العلوي، كانت عملية التعطير من مسؤولية قسم استلام النذور والهدايا، ثم أصبحت مشتركة بيننا وبينكم، حيث يتم استلام العطور من المتبرعين، وتسليمها لقسمنا، وكان عدد من الاخوة يتبرعون بالعطور للعتبة المقدسة مع الاختلاف في الكمية والجودة، ومن ضمنهم والذين ما زالوا مستمرين الحاج رافد الربيعي من ميسان، والسيد جواد الطالقاني من ذي قار، والحاج انور صاحب محل عطور طيبة من كربلاء.
أما الاعتماد الرئيسي، فهو على الإخوة في شركة أطياب العلوي لجودة العطور وكميتها، وهذه الشركة هي المصدر الرئيسي لتجهيزنا بالفازات والأعواد والمواد الملحقة لتعطير وتبخير الحرم، علماً هناك خمسة انواع من العطور، تجهزنا بها هذه الشركة، كل عطر منها مختص بمكان خاص، فالصحن الشريف له عطر، والحرم له عطر، والضريح الطاهر له عطر، وباقي الأمكنة في العتبة المقدسة لها عطر خاص.
ولا يفوتني أن أذكر المتبرع السيد أحمد المرزوك من البحرين، والذي يزودنا في كل عام بـ(360) علبة من البخور لكل يوم علبة، وهو من نوع خاص يسمى بـ(الحيدري) ومصدرنا لهذا النوع من البخور هو المتبرع المذكور وشركة أطياب العلوي. أما بالنسبة لمنظومة التبريد والتعطير فهي جاهزة للنصب، وموجودة في المخازن، وسيتم نصبها بعد الانتهاء من أعمال سقوف الصحن الشريف.