يوم غدير خمّ أفضل أعياد أمّتي
30-12-2018
لجنة البحوث والدراسات
يوم غدير خمّ أفضل أعياد أمّتي
طبقاً للروايات الإسلامية فإنّ عيد الغدير هو أعظم أعياد الله تبارك وتعالى.
فقد روي عن الرسول الكريم صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: «يوم غدير خمّ أفضل أعياد أمّتي, وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علَماً لأمّتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتمّ على أمّتي النعمة, ورضي لهم الإسلام ديناً».
وعن عبد الرحمن بن سالم عن أبيه قال سألت أبا عبد الله عليه السلام : «هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال: نعم، أعظمها حرمة، قلت: وأيّ عيد هو-جعلت فداك-؟ قال: اليوم الذي نصّب فيه رسول الله أمير المؤمنين، وقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه. قلت: وأيّ يوم هو؟ قال: يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة».
لقد أشار الله تعالى إلى هذا اليوم فقال: «اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ, وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي, وَرَضيتُ لَكُمُ الإسْلامَ ديناً». وحسب هذه الآية الكريمة, فإنّ كمال الإسلام حصل عندما أعلنت ولاية علي كفريضة.
كما روي عن الإمام جعفر الصادق قوله: «وكانت الفرائض ينزل منها شيء بعد شيء، تنزل الفريضة, ثم تنزل الفريضة الأخرى، وكانت الولاية آخر الفرائض, فأنزل الله (عزّ وجلّ): اليَوْمَ أكْمَلْتُ... يقول الله (عزّ وجلّ): لا أنزل عليكم بعد هذه الفريضة فريضة، قد أكملت لكم هذه الفرائض».
لقد أنزل الله (عزّ وجلّ) الأحكام والواجبات الواحدة تلو الأخرى حتى ختمها بالولاية؛ لأنّه عندما تمّ بيان هذا الحكم، أنزل الله هذه الآية «اليَوْمَ أكْمَلْتُ..»، ليعلن أن لا فريضة بعدها، فبعد نزولها وتنصيب أمير المؤمنين خليفة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم أدرك الناس مراد الله تعالى من الآية الكريمة: «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم»، وعلموا أنّ عليهم بعد رسول الله الامتثال لطاعة أمير المؤمنين وأبنائه الطاهرين.
الغدير ووفور النعمة:
ممّا يثير الانتباه في هذه الآية الكريمة أنّ الله تعالى قد ربط إتمام نعمته على الخلق بموضوع الولاية، أي كما أنَّ تحقّق كمال الدين ارتبط بالولاية، فإنّ إتمام النعمة أنيط بإعلانها من قبل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم . والمقصود بالنعمة جميع النعم، ظاهرها وباطنها مثل: العدل, والمساواة, والاتحاد, والأخوة, والعلم, والأخلاق, والطمأنينة النفسية والروحية, والحرية, والإحساس بالأمن، وبعبارة موجزة جميع أنواع العطايا.
لذا، فموقف الذين سعوا إلى تفسير النعمة بالشريعة والولاية واعتبارها مجرّد مسألة معنوية محلّ تأمّل ونظر؛ لأنّ الآية المذكورة لم تتطرّق لمسألة أصل النعمة، بل الحديث يدور حول «إتمام النعمة»، وأينما ورد ذكر إتمام النعمة في القرآن الكريم كان المراد منها النعم التي يصيبها الإنسان في الدنيا، ومن هنا توجد علاقة مباشرة بين ولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام والتمتّع بالنعم الدنيوية، وإحدى الشروط المهمّة والرئيسية للوصول بنا إلى مجتمع الحرية والبناء القائم على أساس العدالة, والأخلاق, وسيادة القيم والفضائل الأخلاقية الإنسانية أن نسلّم لما بلّغ به رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في يوم الغدير، وأن نقبل عملياً بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، بعبارة أخرى: إنّ الأخذ بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، له أثر تكويني، ويوجب سبوغ البركات والخيرات على الناس من الأرض والسماء.
لو أردنا أن نشرح الغدير في عبارة موجزة نقول: الغدير هو الوعاء الذي تصبّ فيه جميع تضحيات الرسول الكريم صلى الله عليه واله وسلم ، وهو مخزن الأحكام والآداب التي أوحى الله تعالى بها إلى رسوله الأمين، وفي إشارة إلى هذه الحقيقة يقول (جلّ وعلا): «يا أيُّها الرَّسولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ, وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَه».