المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تُطالب الحكومة العراقية بالإسراع في القضاء على الفساد

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تُطالب الحكومة العراقية بالإسراع في اتّخاذ خطوات حقيقية للقضاء على الفساد، والبدء بمحاسبة رؤوس الفساد الكبيرة، واسترجاع الأموال المنهوبة منهم..
طالبت المرجعيّةُ الدينيةُ العُليا الحكومة العراقية بالإسراع في اتّخاذ الخطوات الإصلاحية للقضاء على الفساد، من خلال البدء بمحاسبة وملاحقة رؤوس الفساد الكبيرة، واسترجاع الأموال المنهوبة منهم، مبيّنةً أنّ الإصلاح في مختلف أجهزة الدولة ومؤسّساتها أمرٌ يُدركه الجميع، ويقرّ به الجميع أيضاً، فالكلّ يعلم ويقرّ بأنّ المشاكل الكثيرة التي يعاني منها شعبنا وبلدنا هي في الجانب الأساسيّ منها نتيجة تفاقم الفساد خلال أزيد من عقد من الزمن، ولا يُمكن تجاوز هذه المشاكل ورفع معاناة المواطنين إلّا من خلال إصلاحٍ حقيقيّ وواسعٍ في كافة المجالات.
هذا بعض ما جاء في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (19ذي القعدة 1436هـ) الموافق لـ(4أيلول 2015م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف، وكانت بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه) وقد جاء فيها:
أيّها الإخوة والأخوات لابُدّ أن نشير الى الأمور التالية:
الأمر الأوّل: أنّه لا يكفي أن يتناغم المسؤولون مع دعواتنا للإصلاح، ويؤيّدوها خطابياً وإعلامياً، بل لابُدّ من أن يعملوا بجدّ ويساهموا بصورة فاعلة في تحقّق الإصلاح على أرض الواقع كلٌّ من مكانه وموقعه، ومن المؤكّد أنّ أيّ مسؤولٍ مهما كان موقعه وصلاحياته القانونية لا يتمكّن بمفرده من أن يحقّق الإصلاحات المطلوبة، بل لابُدّ أن يتعاون معه الآخرون في مختلف السلطات، ولذلك فإنّ من الضروري أن يتكاتف الجميع لإنجاز هذه المهمّة الكبيرة، وليعلموا أنّ المسؤولية بشأنها إنّما هي مسؤولية تضامنية يتحمّلها جميع من هم في المواقع الأساسية للسلطة.
الأمر الثاني: إنّ من أهمّ مظاهر الفساد في البلد هو تكاثر الذين أثروا على حساب الشعب، واستحوذوا على المال العام بأساليب ملتوية وطرق غير مشروعة، مستغلّين مواقعهم أو مستفيدين من مواقع معارفهم لتحقيق مآربهم.
ومن الخطوات الأساسية للإصلاح، هي البدء بملاحقة ومحاسبة الرؤوس الكبيرة من هؤلاء الفاسدين، وأن تُسترجع منهم الأموال المنهوبة، وهذه في الدرجة الأساس مسؤوليةُ هيأة النزاهة والسلطة القضائية، والكثيرون يتساءلون: هل هما على قدر هذه المسؤولية؟ وهل سيقومان بهذه المهمّة من دون مزيدٍ من التأخير والتسويف؟
إنّ الشعب العراقيّ الكريم الذي عانى طويلاً من الفساد، وازدادت معاناته سنةً بعد أخرى، يترقّب أن تتسارع الخطواتُ الإصلاحية، وأن تكون حقيقيةً تمسّ جوهر مطالبه، وأن تكون شاملةً تعمّ مختلف مؤسّسات الدولة، وتطهّرها من هذا البلاء الماحق.
الأمر الثالث: إنّ ضعف التخطيط الاقتصادي وعدم وضع ستراتيجية متكاملة لتوفير موارد مالية للبلد غير أثمان النفط، وجهٌ من أوجه الفساد. إنّ بلدنا يُعاني من عدم استثمار موارده وإمكاناته الكثيرة، ما عدا النفط بصورةٍ صحيحة، فبدلاً من تنشيط القطاعين الزراعيّ والصناعيّ، وتوفير فرص العمل للشباب في هذين الحقلين المهمّين، نجد زيادةً مستمرّة في أعداد الموظّفين في الدوائر الحكومية من غير حاجةٍ حقيقيةٍ الى الكثيرين منهم.
إنّ من الضروريّ أن يهتمّ المسؤولون بتنشيط القطاع الزراعيّ؛ لأهمّيته في تحقّق الأمن الغذائيّ من جانب، وتوفير فرص العمل من جانبٍ آخر، فلابُدّ من أن يوفّروا له كلّ السبل التي من شأنها أن تنهض وترتقي به.
إنّ الترويج للزراعة والاهتمام بالمزارع والفلاح، وتذليل العقبات التي يواجهانها أمرٌ لابُدّ منه لو أرادت الحكومة علاج من المشاكل الاقتصادية للبلد، وكذلك القطاع الصناعي أيّها الأعزّة، فإنّه يعاني من الإهمال الى حدٍّ كبير، وهناك المئات من المصانع الحكومية المعطّلة يستتبعها عشرات الآلاف من العمّال العاطلين الذين يطالبون برواتبهم، فلابُدّ من وضع خططٍ مناسبة لفرز ما يصلح أن يُعاد العمل فيه من تلك المصانع، ويُسعى الى تطويرها، وإقامة مصانع جديدة وإنعاش القطاع الصناعي بشكلٍ عام وحماية المنتوج الوطنيّ من التنافس مع المنتوج الخارجي، والاعتماد على الصناعات المحلية وتحسينها وقطع دابر الفساد فيها.
لقد قلنا فيما مضى ونكرّر اليوم مرّةً أخرى: إنّ القضاء على الفساد يحتاج الى صبر وأناة، ولكن لابُدّ من الإسراع في اتّخاذ خطوات حقيقية في هذا المجال، تكون هذه الخطوات مقنعة للشعب ومطمئنة له بأنّ المسؤولين جادّون في الإصلاح، ويسعون للقيام بما هو ضروريّ في سبيل تحقيق هذا الإصلاح.