الوجوب الكفائي والقراءة الذكية للواقع

30-12-2018
علي الخباز
الوجوب الكفائي والقراءة الذكية للواقع
انطلق الوجوب الكفائي بقوة معبراً عن فهم مدرك لحجم الواقع بكل مضامينه الانسانية والفكرية من حيث مكوناته وأسسه ووجوده الفعلي كواقع، ومن ثم قراءته المستقبلية لما سيتمخض منه مستقبلياً في قراءة استباقية ترتكز على قراءة تخمينية واعية.
ولهذا يكشف الواقع يوماً بعد آخر أحداثاً تؤكد على امتلاك المرجعية لمثل هذه القراءة المثابرة التي ادركت منذ اللحظة الأولى ماهية تكوين داعش، وماذا يعني تكوينها في هذا الظرف العسير الذي يمر به العراق، ليكون المرسى الديمقراطي الوحيد في المنطقة، وهذا بحد ذاته يهدد عروشهم المريضة التي لا يروق لها استقرار البلاد خشية أن يصبح نموذجاً ديمقراطياً يحتذى به.
قراءة منفتحة وقلق واع للمرجعية الدينية الشريفة، وفعلاً كشفت الأيام صحة هذه القراءة المرجعية للواقع، إذ قدمت بعض الدوائر المخابراتية العالمية معلومات مفصلة عن الدعم الدولي لداعش، حيث تلقى داعش مساعدات مالية من الأنظمة العربية المتهرئة والمعتمدة على نظم ملكية الى اليوم عن طريق بعض من خان الوطن، وامتثل الغربة سيفاً يحز به وريد انسانيته.
وهناك مساعدات غربية عن طريق بعض التحزبات باعتبارها تكلفة نفط، وهناك أحزاب اخرى تنظم أمور داعش الفنية، وموردات عسكرية متنوعة تم تجهيزها من دول الجيران، وحشدت تلك الدول تبرعات نقدية من المواطنين، وهذا سيعطي داعش منحيين مهمين: الأول: دعم مادي يساند حركته، والثاني: دعم شعبي، ويعطيه منحى إنسانياً، وكان داعش ومكوناته هم من يحتاجون الى مساندة من اجل استنهاض الغيرة العربية الاسلامية.
هذه القراءة كانت موجودة في بال المرجعية، وكانت تدرك أهمية الوقوف ضدها، وإلا لكانت استفحلت الأمور بـ(اللا متوقع)، وأغلب الدول العربية ونقصد الأنظمة الحكومية لها مشاركات مهمة في (تنضيح) داعش.
وكل هذه الأمور كانت واردة في قراءة الواقع بتركيبة منفتحة على جميع الشؤون الحياتية العسكرية والاجتماعية، والتي لها إلمام معرفي يصب في تسهيل عملية استيعاب المدلس الذي روجه الاعلام، فخلقت الصحوة المبكرة عند الناس، وأصبح الفكر الداعشي مكشوفاً حتى قبل أن ينفذ جرائمه التي قدمته كفكر مستورد على الفكر الانساني والاسلامي، ولا علاقة له إلا بتكوينه المعقد والمريض، فكان الانتصار الاول للمرجعية هو ثمرة القراءة اليقظة لواقع مموه.