المرجعيّة الدينيّةُ العُليا: إنّ معركة الإصلاح التي يخوضها الشعبُ الى جانب معركته المصيريّة مع الإرهابيّين
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّة الدينيّةُ العُليا: إنّ معركة الإصلاح التي يخوضها الشعبُ الى جانب معركته المصيريّة مع الإرهابيّين تتطلّب منه توظيفاً سليماً وصحيحاً لآلياتها، للنجاح والوصول الى الهدف المنشود
دعت المرجعيةُ الدينيةُ العُليا الشعبَ العراقيّ الذي يخوض معركة الإصلاح الى جانب معركته المصيرية مع الإرهابيّين أن يتنبّه الى أنّ النجاح في هذه المعركة يتطلّب توظيفاً سليماً وصحيحاً لآلياتها حتى يضمن الوصول الى الهدف المنشود، كما أعربت عن قلقها البالغ حول ظاهرة هجرة أعداد كبيرة من الشباب العراقيّ الى بلدان أخرى، فهذه الظاهرة تهدّد بإفراغ البلد من كثير من طاقاته الشابّة والمثقّفة والأكاديمية.
جاء ذلك في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة لهذا اليوم (12ذي القعدة 1436هـ) الموافق لـ(28آب 2015م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف، وكانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه)، حيث جاء فيها:
"أيّها الإخوة والأخوات أودّ أن أبيّن الأمرين التاليَيْن:
الأمر الأوّل: إنّ من متطلّبات النجاح في معركة الإصلاح هو تفهّم الساسة الذين بيدهم مقاليد الأمور في البلاد لأحقّية مطالب الشعب بتوفير الخدمات ومكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية، وقيامهم بخطوات أساسية تحقّق الثقة والاطمئنان لدى المواطن بأنّهم يتجاوبون مع هذه المطالب، ويؤمنون بها، ويسعون بجدّ وصدق لتحقيقها، فالمواطن جرّب وخبر وعوداً سابقة لم يجد منها على أرض الواقع ما يفي بحلّ المشاكل التي يعاني منها طويلاً، بل وجد أنّه أُريد بها مجرّد تهدئة المشاعر وتسكين آلام المعاناة بصورةٍ مؤقّتة، فلابُدّ من أن يعمل المسؤولون في هذه المرّة بصورةٍ مختلفة عمّا مضى ويكسبوا ثقة المواطنين بأنّهم جادّون في الإصلاح وصادقون في نواياهم مع الشعب، وعلى الشعب الذي يخوض معركة الإصلاح في جنب معركته المصيرية مع الإرهابيّين أن يتنبّه الى أنّ النجاح في هذه المعركة يتطلّب توظيفاً سليماً وصحيحاً لآلياتها حتى يضمن الوصول الى الهدف المنشود، ومن ذلك أن يُحسن المواطنون المنادون بالإصلاح اختيار عناوين مطالبهم بحيث تعبّر عن أصالة وحقّانيّة هذه المطالب، ولا يُسمح بحرفها الى عناوين تُعطي المبرّر للمتربّصين بهذه الحركة الشعبية والمتضرّرين منها للطعن فيها والنيل من أصالتها الوطنية، أو تُمنح الفرصة لذوي الأغراض الخاصّة باستغلالها للوصول الى أهدافهم.
وتجدر الإشارة هنا الى ما سبق أن أكّدت عليه المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا من أنّ منهجها هو بيانُ الخطوط العامّة للعملية الإصلاحية، وأمّا تفاصيل الخطوات الضرورية لذلك فهي في عهدة الواعين من المسؤولين في السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهي تأمل أن يوفّقوا في القيام بها، ويتّخذوا قرارات جريئة تكون مقنعةً للشعب العراقي الذي هو مصدرُ جميع السلطات.
الأمر الثاني: اتّسعت في الآونة الأخيرة ظاهرة هجرة أعداد كبيرة من الشباب العراقي الى بلدان أخرى، حتى لوحظ أنّهم يستعينون بمجاميع التهريب المنتشرة في بعض البلاد المجاورة، ويتحملون مخاطر كبيرة لهذا الغرض، وقد وقعت حوادث مؤسفة أدّت الى وفاة أعداد منهم.
وهذه الظاهرة تبعث على القلق البالغ، وتهدّد بإفراغ البلد من كثير من طاقاته الشابّة والمثقّفة والأكاديمية، وقد ساعد على توسّعها فقدان مزيد من الشباب لأدنى أمل بتحسّن أوضاعهم المعيشية والاجتماعية والاقتصادية في المستقبل القريب، وإحساسهم بعدم وجود فرصة حقيقية لتوظيف طاقاتهم العلمية بصورة ترضي طموحاتهم.
وإنّنا في الوقت الذي نهيب بالمسؤولين أن يدركوا حجم مخاطر هذه الظاهرة وتداعياتها على البلد، ويعملوا بصورة جادّة على إصلاح الأوضاع والبدء بخطّة تنموية شاملة في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية والزراعية والخدمية، ويسعوا في تنشيط القطّاع الخاص لتوظيف أكبر عدد من الشباب العاطلين عن العمل.
فإنّنا نهيب بأبنائنا وأحبّتنا من الشباب المُحبَطِين من الأوضاع الراهنة أن يعيدوا النظر في خياراتهم ويفكّروا ببلدهم وشعبهم ويتحلّوا بمزيد من الصبر والتحمّل، ولينظروا الى نظرائهم من رجال القوّات المسلّحة المتطوعين وأبناء العشائر الذين وضعوا أرواحهم على أكفّهم ويقارعون الإرهابيّين في مختلف الجبهات، ويقدّمون الضحايا تلو الضحايا دفاعاً عن الأرض والعِرض والمقدّسات، هؤلاء الميامين الذين ينبغي أن يكونوا القدوة لجميع العراقيّين في تحمّل الصّعاب والصبر على المكاره في سبيل عزّة الوطن وكرامة الشعب.