التربية الاسلامية والإعداد البدني
30-12-2018
محمود كاظم الجبوري
التربية الاسلامية والإعداد البدني
محمود كاظم الجبوري
تستمد التربية الاسلامية هديها من القرآن الكريم، وسيرة النبي الأعظم صلى الله عليه واله وسلم ، وما قام به السلف الصالح، وفيها تعاليم إسلامية، ونظم دقيقة تعد الإنسان للدنيا والآخرة، وتنشئ جيلاً قوياً في دينه وعمله وعلمه، وهي ليست تربية جامدة تحد من قابليات النشء أو نكبت ميولهم ورغباتهم، أو تقف حجر عثرة في نشاطهم، فهي تربية مرنة (ديناميكية) تتطور مع الزمن ومتطلباته في حدود الدين والأخلاق الفاضلة والعمل النافع.
والتربية الاسلامية لها أهداف عديدة منها: إعداد المسلمين؛ ليكونوا قادرين عن الدفاع عن وطنهم أو عن أعراضهم وشرفهم، وليكونوا قادرين على الجهاد في سبيل نشر الدين الإسلامي، وفي هذا المجال تتعدد الآيات والأحاديث النبوية مثل: (وَأَعدُّوا لَهُم ما استطعتُم من قُوة ومن ربَاطِ الخيلِ تُرهبُونَ بِه عَدو اللّه وَعَدُوكُم...).
وكان الإسلام يحض المسلمين على أن يكونوا أهل حرب وجهاد وأصحاب قوة وصنعة؛ ليكونوا مستعدين دائماً لدفع العدوان وطرد المستعمر، ولا بد أن يكونوا على اتصال دائم بالرياضة والتدريب؛ حتى تقوى وتعظم فيهم قوة المكافحة والصبر على الشدائد. ونتطرق أولاً للخصائص الروحية التي تنص على الفرائض الإسلامية والتي لها هدف روحاني وسامٍ يقرب المسافة الروحية بين الباري (عز وجل) والإنسان المسلم.
أول هذه الفرائض الصلاة، وهي عملية جسمية وقلبية تعود بالإنسان بين الفينة والأخرى إلى الحضرة الإلهية، فالصلاة تقدم للإنسان رياضة جسمانية خمس مرات في اليوم الواحد، ولا ريب في أن للصلاة فوائد عديدة منها: حفظ صحة الإنسان، وسعادة الدنيا والآخرة، وفيها المتعة والصحة والنشاط البدني والروحي للجسم.
فالصلاة تبدأ بالوقوف في خشوع مع تفريق القدمين قليلاً، حتى يسهل على الجسم حفظ توازنه الأمر الذي يهيئ عضلات الجسم على الانتباه، ثم الركوع، وهو عبارة عن ميل الجذع إلى الأمام، مع وضع الكفين على حفظ ميل الجذع إلى الأمام (عند الوقوف من الركوع)، لذلك يجب أن ننظر للصلاة بأنها عبارة عن مجموعة حركات رياضية لها أثرها الكبير في التربية الجسدية للمسلم.
إن حركة الركوع والسجود في الصلاة هي حركة فيها نوع من القوة لعضلات الرجلين، فهي تحفز الرئة على العمل الزائد، فيزداد التنفس، ويتحلل الجسم من ثاني أوكسيد الكربون الموجود في الدم فينشط الجسم نشاطاً ملحوظاً، وأما في حركة السجود فتعمل عضلات الرقبة والبطن والذراعين، وكأنه تمرين بدني من التمارين الرياضية.
أما الفريضة الإسلامية الروحية الثانية، فهي فريضة الصوم التي تعتبر رياضة روحية وجسمية تستريح فيها أجهزة الجسم من عملها الدائم المتواصل، وتستأنف عملها فيما بعد نشيطة وقوية، وكانت أكثر غزوات الرسول صلى الله عليه واله وسلم في شهر رمضان الكريم منها: غزوة بدر الكبرى وغزوة الفتح.
وإن شهر الصوم ليس شهراً للخمول والكسل، ولكنه شهر عمل وإنتاج ورياضة للجسم والروح، ولا يمكن أن يصيب المسلم فيه إنهاك لقواه، مع قيامه بأعماله اليومية، والاشتراك في الحروب والغزوات.
والفريضة الأخيرة الاسلامية والروحية هي فريضة الحج التي يعتمد من خلالها الحاج على النفس كنظام الكشافة المدرسية، ففي هذه المرحلة يتطلب من الحاج السير، والهرولة، والطواف الرسمي، ورمي الجمرات، والسكن في الخيام في عرفات ومنى، وتغيير الجو الذي كان يعيش فيه المسلم، مما يجعل رحلة الحج رحلة رياضية بحق، فهي وإن كانت في تشريعها رحلة روحية تسمو بالحاج إلى الأفق الأعلى، فهي في برنامجها رحلة صحية تقوي الجسم، وتعيد الصحة والعافية للإنسان الحاج.