العتبة العباسية المقدسة تقيم حفلاً لتكريم عوائل شهداء
30-12-2018
طارق الغانمي
العتبة العباسية المقدسة تقيم حفلاً لتكريم
عوائل شهداء الواجب المقدس في مدينة بلد الصامدة
تحت شعار (بدمائكم نحيا وتستمر الحياة), وتنفيذاً لتوجيهات المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف؛ أقامت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة, وبالتنسيق مع معتمد المرجعية الدينية العليا الشيخ المجاهد محمد فرج البلداوي؛ حفلاً لتكريم شهداء مدينة بلد الصامدة الذين استشهدوا من تاريخ (9/6/2014م) بعد فتوى المباركة (الجهاد الكفائي) التي اطلقها المرجع الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) للدفاع عن العراق والمقدسات, وذلك في حسينية شهداء بلد.
استهل الحفل الكريم الذي شهد حضوراً كبيراً من الشخصيات الدينية والسياسية والثقافية بتلاوة آيات مباركة من الذكر الحكيم تلاها القارئ الأستاذ (ثابت ابراهيم), وقراءة سورة الفاتحة على أرواح الشهداء.
كما كانت هناك كلمة لمعتمد المرجعية الدينية العليا في قضاء بلد سماحة الشيخ محمد فرج البلداوي, جاء فيها:
قال الله تعالى: (مِنَ المُؤمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضَى نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبدِيلًا) (الأحزاب: 23), فالسلام على الشهداء الذين استشهدوا وضحوا بدمائهم الزكية الطاهرة, ملبين نداء المرجعية الدينية المباركة لمقاتلة أعتى عصابات الإجرام والتكفير الذين أرادوا قلب الموازين في بلد الانبياء والأولياء, لكن شاء الله سبحانه وتعالى أن يمنّ علينا علماء عقلاء, وفقهاء عاملين ليقلبوا الموازين عليهم في أرض الواقع.
وأضاف: جاءت فتوى (الجهاد الكفائي) لكل العراقيين للدفاع عن الأعراض والأوطان والمقدسات, والدفاع عن كل العراقيين بكافة أطيافهم ومسمياتهم, لتلبي القلوب الصادقة والنيات المخلصة هذه الفتوى المباركة, والثبات والصبر في أصعب الظروف إلى أن يتحقق النصر إن شاء الله تعالى, ويكون النصر قريباً.
وقد بين الشيخ البلداوي فضل الشهداء ومنزلتهم عند الله (سبحانه وتعالى) والتضحيات التي قدموها من أجل العراق ومقدساته, كما قدم الشكر والتقدير للجهود الكبيرة التي تقوم بها العتبة العباسية المقدسة في زيارة عوائل الشهداء والجرحى وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم.
لتعقبها كلمة الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة ألقاها سماحة الشيخ صلاح الكربلائي, جاء فيها:
جئنا اليوم لنتشرف ونتبارك بلقاء عوائل الشهداء الكريمة, ونشكر المرجعية الدينية العليا التي أتاحت لنا الفرصة لنعبر عن انتمائنا لمدرسة ومذهب أهل البيت عليهم السلام .
ولعل الكثير من الأجيال كانت تنتظر هذه الفرصة بأن تتوسم بذلك الشعار العظيم (الجهاد والاستشهاد) بأن يحفل بحياتهم وتاريخهم الجهادي في هذه المرحلة, ولعل الملاحظ في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي كيف كانت تعج الأمة بالإحباط تلو الاحباط إلى أن جاءت هذه المرحلة لتعبر عن آلامنا وآمالنا في وقت واحد.
مبيناً: إن أهالي بلد عانوا من الارهاب كثيراً، وكان الطريق حافلاً بالجرائم وآثارها في كل موضع، وكل محافظة دخلت تلك العصابات الارهابية إليها استباحت الدماء فيها، ولكن الآن بحمد الله والثناء عليه انكشفت هذه الغُمة، اليوم نعيش في هذه الأيام أحلى أيام تاريخ فترة الانتماء إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام حيث حدثنا المرجع الكبير سماحة الشيخ وحيد الخراساني (دام ظله) عندما تشرفنا بزيارته قبل عدة أسابيع قال: لقد نصرتم يا أهل العراق أبا عبد الله الحسين عليه السلام مثلما نصره حبيب بن مظاهر الأسدي رضوان الله تعالى عليه ، ولو عاد الحسين عليه السلام ثانية ستنصرونه كما نصره سيد الأنصار حبيب بن مظاهر رضوان الله تعالى عليه .
مضيفاً: فبعد فتوى الجهاد المباركة أيقنت الأمة بما فيهم الشيعة والسنة والمسيحيون والايزيديون وكل الطوائف بأن لا ملاذ لهم سوى الالتجاء إلى المرجعية العليا، وأن لا غناء عن المرجعية في قيادة هذا الركب إلى ضفاف الأمن والأمان ما دامت الأمة مطمئنة إلى الركن الشديد إلى من يمثل الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف ) من مراجعنا العظام.
ولله الحمد والشكر أن هناك ايجابية أخرى وهي أنه لم تجد هكذا أجواء نقية في كافة الحوزات العلمية في النجف الاشرف وقم المقدسة ولبنان والهند وباكستان وأين ما يتواجد طلاب العلم لم تجد مثل هذا التوحد والتفاهم بين مراجعنا الكرام، فالكلمة واحدة، والمشاعر واحدة، والتوجيه واحد، والاستجابة واحدة.
مختتماً: سننتظر نصر الله تعالى، وما علينا إلا أن ننتظر أن يمدنا الله بالنصر العاجل القريب، ونشكر الله تعالى على كل ما قدمناه من الشهداء والجرحى والآلام والتهجير وفقدان الأراضي، ولكن العاقبة ستكون خيراً إن شاء الله.أعقبها مجلس تأبيني لخادم المنبر الحسيني فضيلة الشيخ الخطيب عبد الله الدُجيلي, كما تخلل الحفل إلقاء العديد من أبيات الشعر التي تغنت ببطولات وتضحيات أبناء الحشد الشعبي الأبطال، ليتم في نهاية الحفل تكريم عوائل الشهداء بمبلغ مليون دينار عراقي، ومواد غذائية، وبعض الهدايا العينية.
صدى الروضتين أجرت لقاءات عدة خلال الحفل، وكان أولها مع سماحة الشيخ صلاح الكربلائي, الذي تحدث قائلاً:
باشرت العتبة العباسية المقدسة بمشروع تكريم عوائل شهداء الحشد الشعبي منذ إطلاق فتوى الجهاد الكفائي التي اطلقتها المرجعية الدينية العليا إلى يومنا هذا, ولله الحمد إجمالاً في هذا اليوم تم تغطية جميع محافظات العراق من دون استثناء، وإن شاء الله تعالى توجهنا القادم سيكون لمدينة ناحية العلم في صلاح الدين وتكريم شهدائها الأبرار.
موضحاً: تم تكريم كل عائلة شهيد بمبلغ مليون دينار، بالإضافة إلى المواد العينية والغذائية, ولغاية هذه اللحظة تم إنفاق أكثر من ملياري دينار على هذا المشروع لغاية الآن.
مضيفاً: إن القرآن الكريم والسنة النبوية وأحاديث الأئمة المعصومين عليهم السلام أكدت كثيراً على رعاية الأيتام والاهتمام بهم، فكيف بك إذا كان هذا اليتيم لأب دفع بحياته وضحى بدمه من أجل أمان الآخرين, وهذا يضيف علينا واجباً آخر أن نرعى هذه الشريحة من عوائل الشهداء, وحتى المجاهدون الذين هم على أهبة الاستعداد في الدفاع والاستشهاد، عندما يلاحظون هذه الرعاية الأبوية الكريمة، فلن يقصروا في المدد والنصرة حتى ننعم جميعاً ببركات أئمتنا عليهم السلام وبما يجود به الإخوة المؤمنون إن شاء الله تعالى.
المهندس عامر عبد الهادي قائمقامية مدينة بلد:
باسمي وباسم جميع عشائر بلد وعوائل الشهداء، نقدم الشكر الجزيل إلى العتبة العباسية المقدسة والمرجعية الدينية الشريفة على التفاتته النبيلة ومتابعته الحثيثة لكل هذه العوائل في قضاء بلد، حيث اليوم هنالك مكرمة أخرى من العتبة العباسية المشرفة على رعاية عوائل الشهداء, فنسأل الله (عز وجل) أن يبارك بهم ويوفقهم لكل عمل خير إن شاء الله تعالى.
الخطيب الحسيني الشيخ عبد الله الدجيلي:
هذا ليس التكريم الأول الذي نحضره برعاية العتبة العباسية المقدسة, وإنما كان هناك أكثر من تكريم, وواقعاً هذه مشروع ضخم جداً لرعاية الأيتام وتكريمهم بشكل متواصل، بالرغم أنه مشروع مكلف وباهظ, لكن العتبة العباسية المقدسة أخذت على عاتقها الاهتمام بعوائل الشهداء وأسر ضحايا الارهاب, ولولا دماء الشهداء وتضحياتهم لما بقي من العراق شيء, وإنما نحن نجلس بأمان وطمأنينة بجهود وتضحيات الشهداء، فهذا أقل الوفاء نقدمه لهم, وهو لا يتناسب مع تضحيات الشهيد الذي قدم أعز ما يملك وهي نفسه.
فنشكر كثيراً العتبة العباسية المطهرة التي أخذت على عاتقها تبني هذه المبادرة الطيبة, ونتمنى التوفيق والسداد لكل العاملين عليها، وخاصة سماحة الأمين العام السيد أحمد الصافي (دام عزه).
النائب البرلماني المهندس مفيد البلداوي:
نتقدم بالشكر والامتنان للعتبة العباسية المقدسة على ما يقدمونه من دعم متواصل لقضاء بلد, وهم متواصلون مع القوات الأمنية وفصائل الحشد الشعبي وعوائل الشهداء والجرحى منذ إطلاق الفتوى الجهاد المباركة إلى يومنا هذا, واليوم تم تكريم عوائل الشهداء في هذا القضاء الصامد الذي أعطى الكثير من التضحيات خلال الفترة الماضية, وقدم كوكبة من الشهداء في سبيل الدفاع عن الوطن والمقدسات.
السيد حسن السيد ياسر الحسيني وكيل اية الله العظمى المرجع الديني سماحة السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله):
إن تكريم عوائل الشهداء والاهتمام بهم خطوة مباركة وجليلة جاءت لتجسد السير الصحيح على منهاج مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي كان همه الكبير الاهتمام وقضاء حوائج الأيتام والأرامل وهي خطوة مباركة, نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق العتبة العباسية المقدسة دائماً لفعل الخير, وهم أهل لذلك، فجزاهم خير الجزاء.
مسلم حبيب حسن والد الشهيد أحمد مسلم من أهالي قضاء البلد:
نشكر العتبة العباسية المقدسة على هذه المبادرة الطيبة وليس الغريب عليها، فهي دائماً تسعى أن تكون السباقة بفعل الخير؛ بسبب الأخلاق العالية التي تتصف بها كوادرها الطيبة, وعلى رأسهم سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه) من جانب, والجانب الآخر تنفيذها لأوامر المرجعية الدينية المباركة التي تؤكد من خلال خطب الجمعة المباركة على حسن الاهتمام بعوائل الشهداء وذويهم, لذلك نشكرهم كثيراً على تعنيهم وتجشمهم خطورة الطريق, وإن شاء الله تعالى يسجل في ميزان أعمالهم في الآخرة.
الكاتب والإعلامي أحمد حداد من قضاء بلد:
إن تكريم الشهيد لا يتوقف على الأمور المادية، وإنما هو تكريم معنوي، واعتراف من كل هذه المؤسسات ومن المواطنين بدور الشهادة التي قدمها المجاهدون الأبطال وتضحياتهم وصبر عوائلهم, وما تقوم به العتبة العباسية المقدسة من رعاية هذه العوائل الكريمة ما هو إلا كم إضافي يضاف من هذه الجهة الكريمة لعوائل الشهداء تعطي دعماً معنوياً يدفع بالمواطنين إلى أن يحذو حذو الشهيد للاندفاع نحو دعوة الوجوب الكفائي التي أطلقتها المرجعية الدينية، واستمرار هذا الزخم في محاربة أعداء الإنسانية وأعداء الأخلاق.