الحشد الشعبي والهوية العراقية

30-12-2018
فرات المحسن
الحشد الشعبي والهوية العراقية
الصراع السياسي في العراق وليد انعدام الثقة بين جميع الكتل والقوى السياسية، واليوم يدفع لجعل تشكيلات الحشد الشعبي في وضع المراوحة، ومن ثم المطالبة بحله، ومن خلال محاصرته بالاتهامات والمثالب، رغم ما خرج به من نتائج مبهرة ومعززة للوحدة الوطنية في محافظة صلاح الدين، اعتمادا على قوة وبسالة وجهادية رجاله، وإثر تقديمه للعديد من الشهداء دفاعاً عن أرض عراقية اغتصبتها مجموعة قتلة شواذ، وأيضاً تفنيده لمختلف الأكاذيب والافتراءات التي اختلقها وروج لها المناوئون؛ تأسياً بالعلاقة القائمة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية، والذي واحدة من معالمها مبني على وفق القاعدة التي وضعتها حكومة إقليم كردستان في منع دخول أي قطعة عسكرية عراقية أو فصيل من فصائل الحشد الشعبي إلى مناطق إقليم كردستان، فإن القوى السياسية من المكون السني تريد الأخذ بمثل هذه الممارسة ووضع أسس جديدة للعلاقة مع المكون الشيعي، من خلال الدفع للإقرار، بأن هناك خصوصية للأراضي التي تقطنها أغلبية سنية، ولن تستطيع قطعات الجيش العراقي والحشد الشعبي الدخول إليها دون موافقة المراجع السياسية للسنة..!
ووفق هذه الرؤية يرفضون وجود تشكيلات الحشد الشعبي، ويصرون على احتساب تركيبته وسراياه مليشيا طائفية، وأنها ذراع للجمهورية الإيرانية ليس إلا..!
وبمثل هذه الطعون، تحاول تلك القوى ترسيخ عدم عراقية وشرعية الحشد الشعبي في أّذهان الناس، رغم المناشدات التي ترد للحكومة من قبائل وتجمعات من أبناء مدن الأنبار، تطالبها بإشراك الحشد الشعبي في تحرير مناطقهم.
منذ سقوط سلطة البعث الفاشي، لم تتوقف المعارك داخل مدينة الرمادي ومحيطها، وهي عمليات كر وفر كانت سابقا بين منظمة القاعدة وحواضنها من العشائر وبالضد من السلطات المحلية المساندة للحكومة الاتحادية وبعض العشائر المتحالفة معها وبرعاية الأمريكان وأموالهم.. ثم حلت منظمة داعش بديلاً عن القاعدة لتستقطب بدورها أغلب رؤوس وأبناء عشائر الانبار.
إذا كانت مدينة الرمادي بعيدة جدا عن بغداد، والمعارك فيها لا تشكل خطرا على بغداد، فأن خطر وجود البعث - داعش وحواضنه في الأماكن القريبة من العاصمة وبالذات قضاء الفلوجة وعامرية الفلوجة والكرمة، يفرض على الحكومة المركزية أن تضع لهذه المناطق خصوصية وأولوية في دائرة القرار الذي يتقدم على باقي القرارات، بجعلها خطا احمرا، لا يمتلك قرار السيطرة عليها أو تحريرها سواها، وان تمنع وتقف بوجه جميع التخرصات والمزايدات والضغوط التي تفتعلها بعض القوى السياسية والطائفية داخل السلطة.
إن من يعترض على اندفاع الحشد الشعبي لتحرير تلك المناطق، وتأمين العاصمة بغداد، وإبعاد الشر عنها، فهو يسعى لسقوط بغداد بيد حزب البعث الفاشي وتفرعاته من عصابات داعش، والنقشبندية، وجيش محمد، والمجلس العسكري، والبعض من المؤازرين لهم في داخل العملية السياسية والسلطة..!
وفيما يتعلق بإشراك الحشد الشعبي وباقي فصائل المقاومة في تحرير باقي مدن الانبار، فيفترض أن تسبقه مشاركة للقوى السياسية السنية وفصائلها المسلحة، وكذلك عشائر المنطقة، حيث تكون في مقدمة صولة التحرير ورأس الحربة فيها، على أن يكون الحشد الشعبي مسانداً لها وليس العكس.