المرجعيةُ الدينيةُ العُليا: على الساسة أن يوحّدوا الخطاب، ويتراصّوا، ويتجاوزوا الخلافات
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيةُ الدينيةُ العُليا: على الساسة أن يوحّدوا الخطاب، ويتراصّوا، ويتجاوزوا الخلافات، ويحاولوا أن ينفتحوا فيما بينهم، فهم مسؤولون مسؤوليةً مباشرةً عن خروج العراق من هذه الأزمة
دعت المرجعيةُ الدينيةُ العُليا القادة السياسيّين أن يوحّدوا الخطاب والرؤية، ويتراصّوا في خندق واحد، ويتجاوزوا الخلافات البسيطة، ويحاولوا أن ينفتحوا فيما بينهم، ويتكاشفوا ويتحاوروا معزّزين ذلك بالثقة المتبادلة، بعيداً عن سوء الظنّ والتشكيك بكلّ شيء، فليس من المعقول أن يبقى البلدُ هكذا بين صراعات سياسية، ومشاكل اقتصادية وتنموية، وتأخّر في أغلب العمليات الإصلاحية، فهم مسؤولون مسؤوليةً مباشرةً عن خروج العراق من هذه الأزمة، ولا يُعفى أحدٌ منهم من ذلك...
جاء ذلك في الخطبة الثانية من صلاة يوم الجمعة (5رجب 1436هـ) الموافق لـ(24نيسان 2015م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف، والتي كانت بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه)، حيث جاء فيها:
إنّ المشهد الأمني الذي يمرّ به البلد، والتحدّيات الكبيرة، والجهد الذي بذلته القوّات الأمنية والمتطوّعون والعشائر الغيورة، يستدعي من الإخوة الساسة أن يستفيدوا من ذلك من أجل تجاوز الأزمة، فإنّ الدماء عندما تمتزج من أجل غاية نبيلة ووطنية وأخلاقية ودينية، ويشترك فيها جميع المكوّنات، بل وتتهدّد جميع المكونات، إنّ هذه الدماء لها حقٌّ على كلّ متصدٍّ لخدمة هذا البلد، إذ لا يوجد أثمن ما يُقدَّم له من الدم، لذا على الإخوة الساسة أن يوحّدوا الخطاب والرؤية، ويتراصّوا في خندق واحد، ويتجاوزوا الخلافات البسيطة، ويحاولوا أن ينفتحوا فيما بينهم ويتكاشفوا ويتحاوروا معزّزين ذلك بالثقة المتبادلة بعيداً عن سوء الظنّ والتشكيك بكلّ شيء.
إنّنا نرى ضرورة أن يبدأ الإخوة في إيجاد حلول جذرية ونهائية لأغلب المشاكل التي من شأنها أن تعقّد المشهد الأمني أو السياسيّ أو الاقتصاديّ لو بقيت معلّقة، مع إنّنا في نفس الوقت ندعو الجميع الى التخلّي عن روح الخصومة والعداء والاستفزاز فيما بينهم، والتحلّي بروح التسامح والمحبّة واللين والمرونة.
إنّ مراجعةً دقيقةً لجميع المواقف التي مرّت بنا، وتحليلها ومن أيّ جهةٍ كانت، أمرٌ لابُدّ منه لتمييز الصحيح عن السقيم، بل مراجعة المواقف الخارجية، وهل كانت تدخّلات مضرّةً بالبلد، أو أنّها نصائح نافعة أو لا؟ وهل كانت هذه التدخّلات تدعم جهةً دون أخرى؟ وما الغاية منها؟ وما الذي جناه البلد جرّاء ذلك؟
إنّ السياسيّ الناجح هو الذي يجمع أبناء شعبه على محبّة بلدهم والدفاع عنه. إنّ السياسيّ الناجح هو الذي يبذل كلّ طاقاته من أجل إسعاد شعبه وتحسين المستوى المعيشيّ لهم. إنّ السياسيّ الناجح هو الذي يحافظ على هويّة بلده، ولا يميّز بين أبنائه، ويتعامل مع المشاكل بروح المسؤولية والأبوّة.
أيّها الإخوة الأعزّاء إنّنا نؤمن بقدرة المسؤولين على تجاوز الأزمة؛ لمعرفتنا ببلدنا وطاقاتنا، ونؤمن بشجاعة أبناء هذا البلد الذين لهم تاريخ مشرّف في الحفاظ على حياضه سواءً في الماضي أم الحاضر الذي نعيشه، ونؤمن بكرم أبنائه إزاء المشاكل الإنسانية التي يواجهها البعض.
إنّنا عندما ندعو الناس لمساعدة بعضهم البعض في المشاكل التي تحتاج الى دعمٍ كدعم النازحين مثلاً، فهو من باب التأكيد، إذ إنّ كرم أبناء شعبنا مُحرَزٌ، والاهتمامَ ببعضهم أمرٌ مفروغٌ عنه، وكم لهذا الشعب الكريم من وقفات في الاندفاع العفويّ لمساعدة بعضهم مع غضّ النظر عن خلفيتهم المذهبية أو الدينية أو العرقية أو القومية أمرٌ يستدعي الإكبار والإجلال، وعندما ندعو المسؤولين السياسيّين فإنّ هناك مسؤوليةً تقع على عاتقهم هي أكبر من ذلك، فإنّ أمن البلاد والعباد والنهوض بواقع البلد واستثمار ثرواته وطاقاته وتوفير الحياة الكريمة لأبنائه وتوفير أجواء المودّة والمحبّة وحلّ المشاكل بالحوار البنّاء والسعي للحفاظ على وحدة البلد وتوحيد صفوف أبنائه وعدم الانشغال بالمسائل الجانبية، وإذكاء روح المواطنة بين أبنائه وتشريع القوانين اللازمة ومراقبة تنفيذها وغير ذلك، فإنّ هذا من بعض مهامّ السياسيّين بلا استثناء.