المرجعيةُ الدينيةُ العُليا تؤكّد على الحكومة العراقية بأن تبذل جهداً أكبر في تنظيم أمور المتطوّعين

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيةُ الدينيةُ العُليا تؤكّد على الحكومة العراقية بأن تبذل جهداً أكبر في تنظيم أمور المتطوّعين، فلهم دَيْنٌ كبير ليس فقط على العراق وشعب العراق بل على المنطقة برمّتها

إنّ القراءة الواقعية والمنطقية لأحداث المنطقة، وما يُلاحظ من توسّع عصابات داعش في بعض المناطق واستمرار جرائمها الوحشية المنافية لكلّ القيم الدينيّة والإنسانية، وآخرها ذبح المواطنين المصريّين الأقباط الأبرياء، تدلّنا بكلّ وضوح على ما كان يمكن أن يصل اليه وضع العراق والمنطقة برمّتها لولا الفتوى التاريخية للمرجعية الدينية وما أعقبها من حضورٍ كبير للمتطوّعين في جبهات القتال.

جاء ذلك خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة (30ربيع الثاني 1436هـ) الموافق لـ(20شباط 2015م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف، وكانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) وقد ذكر فيها:
"أيّها الإخوة والأخوات أودّ أن أعرض على حضراتكم الأمور التالية:
الأمر الأوّل: نقرأ فيه بعضاً آخر من التوصيات والتوجيهات التي صدرت من سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه الوارف) للمقاتلين والمجاهدين في جبهات القتال:
أولاً: الله.. الله في النفوس، فلا يستحلنّ التعرّض لها بغير ما أحلّه الله تعالى في حال من الأحوال، فما أعظم الخطيئة في قتل النفوس البريئة، وما أعظم الحسنة بوقايتها وإحيائها كما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه، وإنّ لقتل النفس البريئة آثاراً خطيرة في هذه الحياة وما بعدها، وقد جاء في سيرة أمير المؤمنين عليه السلام شدّة احتياطه في حروبه في هذا الأمر، وقد قال في عهده لمالك الأشتر - وقد عُلِمت مكانتُهُ عنده ومنزلتُهُ لديه -: (إيّاك والدماء وسفكها بغير حلّها فإنّه ليس شيءٌ أدعى لنقمة وأعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدّة من سفك الدماء بغير حقّها، والله سبحانه مبتدئٌ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوينّ سلطانك بسفك دمٍ حرام، فإنّ ذلك ممّا يضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله، ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد؛ لأنّ فيه هود البدن - يعني القصاص -).
ثانياً: الله.. الله في اتّهام الناس - وهذه وصيةٌ مهمة للمقاتلين ولكم - الله.. الله في اتّهام الناس في دينهم نكاية بهم واستباحةً لحرماتهم كما وقع فيه الخوارج في العصر الأوّل، وتبعه في هذا العصر قومٌ من غير أهل الفقه في الدين، تأثّراً لمزاجياتهم وأهوائهم، وبرّروه ببعض النصوص التي تشابهت عليهم، فعظم ابتلاء المسلمين بهم، وما ترونه من الجرائم أعظمُ شاهد على ذلك، واعلموا أنّ من شهد الشهادتين كان مسلماً يُعصم دمُهُ ومالُهُ.
ثالثاً: الله.. الله في أموال الناس، فإنّه لا يحلّ مالُ امرئٍ مسلمٍ لغيره إلّا بطيب نفسه، فمن استولى على مال غيره غصباً فإنّما حاز قطعةً من قطع النيران، وقد قال الله سبحانه: (إِنَّ الذِينَ يَأكُلُونَ أَموَالَ اليَتَامَى ظُلمًا إِنَّمَا يَأكُلُونَ فِي بُطُونِهِم نَارًا وَسَيَصلَونَ سَعِيرًا).
رابعاً: الله.. الله في الحرمات كلّها، فإيّاكم والتعرّض لها أو انتهاك شيءٍ منها بلسانٍ أو يد، واحذروا أخذ امرئٍ بذنب غيره، فإنّ الله سبحانه وتعالى يقول: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزرَ أُخرَى...) ولا تأخذوا بالظنّة وتشبّهوه على أنفسكم بالحزم، فإنّ الحزم احتياطُ المرء في أمره والظنّة اعتداء على الغير بغير حجّة، ولا يحملنّكم بغضُ من تكرهونه على تجاوز حرماته كما قال الله سبحانه: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى...).
خامساً: وكونوا لمن قبلكم من الناس حماةً ناصحين حتى يأمنوا جانبكم ويعينوكم على عدوّكم، بل أعينوا ضعفاءهم ما استطعتم، فإنّهم إخوانكم وأهاليكم، واشفقوا عليهم فيما تشفقون في مثله على ذويكم، واعلموا أنّكم بعين الله سبحانه يُحصي أفعالكم ويعلم نيّاتكم ويختبر أحوالكم.
الأمر الثاني: ما يزال رجالُ القوّات المسلّحة ومن التحق بهم من المتطوّعين يسطّرون صفحاتٍ مشرقة من ملاحم التضحية والفداء والبطولة، حيث يُقدّمون أرواحهم قرابين في سبيل تخليص البلد من شرّ ودنس عصابات داعش الإرهابية، إنّ المسؤولية الوطنية والشرعية والأخلاقية تقتضي من جميع الأطراف العراقية أن تقدّر وتثمّن عالياً تضحيات هؤلاء الأبطال في الدفاع عن شعب العراق ومقدّساته.
ومهما نقدّم لهؤلاء الأبطال لا نوفّي شيئاً يسيراً من تضحياتهم وقتالهم، فلهم علينا دَيْنٌ كبير ليس فقط على العراق وشعب العراق بل على المنطقة برمّتها، لولا هذه التضحيات لكان الحال لا يعلمه إلّا الله تعالى الى أيّ مكان سيصلون اليه، لقد أشدنا كثيراً ولا زلنا نشيد بجهود وتضحيات هؤلاء الأعزّة الأبطال، وفي الوقت نفسه نؤكّد على الحكومة العراقية بأن تبذل جهداً أكبر في تنظيم أمورهم.