كلية العلوم الاسلامية في جامعة كربلاء تقيم أسبوعاً لنصرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
30-12-2018
أحمد الخالدي
بمشاركة العتبة العباسية المقدسة
كلية العلوم الاسلامية في جامعة كربلاء
تقيم أسبوعاً لنصرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم
تتوحد شعوب المسلمين تحت راية الرمز الأكرم نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم )، فهو يمثل نقطة التقاء جميع المسلمين في العالم، مهما تعددت انتماءاتهم الطائفية والمذهبية، والإساءة لهذا الرمز الأوحد لا يعد أمراً عابراً يمكن غض الطرف عنه؛ لأنه يمثل تاريخاً نقياً من العطاء الرسالي الناصع، وبالتالي فمن المؤكد أن الإساءة إليه تمثل مشروعاً يهودياً صهيونياً استعمارياً دأبوا عليه مئات السنين، منذ بواكير الرسالة الإسلامية في مكة والمدينة المنورة... لذلك، ومن باب الحرص الديني والأخلاقي، والوفاء لهذا النبي الخالد بسيرته العطرة، أقامت كلية العلوم الاسلامية في جامعة كربلاء أسبوع نصرة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم ) تحت شعار (لبيك يا رسول الله)، برعاية الأستاذ الدكتور منير حميد السعدي، وبإشراف الدكتور مكي الكلابي على قاعة السنهوري في كلية القانون، ابتداء من يوم الاحد المصادف (25 /1 /2015) وبحضور وفد من العتبة الحسينية المقدسة ووفد من العتبة العباسية المقدسة وعدد من عمداء كليات جامعة كربلاء، وجمع كبير من طلبة الجامعة، فضلاً عن حضور بعض القنوات الفضائية لتغطية فعاليات هذا البرنامج.
بدأ البرنامج بتلاوة آيات من الذكر الحكيم تلاها على مسامع الحاضرين قارئ العتبة الحسينية المقدسة السيد (مصطفى الغالبي) ثم وقف الحاضرون لقراءة سورة الفاتحة الى ارواح شهداء العراق، ثم جاءت كلمة رئيس جامعة كربلاء الأستاذ الدكتور منير السعدي والتي تحدث فيها قائلاً:
اليوم نقف بموقف تحتمه علينا قيمنا وإيماننا ومقدساتنا، حيث نستنكر أشد الاستنكار المساس بشخص الرسول الكريم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم ) سواء كان هذا الكلام وهذا المساس كلاماً أو رسوماً أو أفلاماً مسيئة، ونعلنها صرخة مدوية (ألا مقدساتنا الكريمة) حيث نفديها إن تطلب الأمر بالغالي والنفيس, وما يحصل اليوم ليس بغريب عما حصل في صدر الرسالة، حيث كانت قريش ومكة تسمي رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم ) بالصادق الأمين, وما جاؤوا بجديد فهو الصادق الامين، إلا أنهم حين شعروا بمراكزهم قد اهتزت بفعل الرسالة والقيم العليا التي نادت بها، ونادى بها رسولنا الكريم، رفعوا صوتهم قائلين: ساحر او مجنون، وهذه الحملة بدأت منذ ذلك اليوم.
وأضاف: لقد حاولوا زعزعة الصورة المشرقة للنبي الاكرم(صلى الله عليه وآله وسلم ) في القلوب، ولا أقول قلوب المسلمين فقط، لا بل الانسانية، فهذا رسولنا الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم ) يوضع على رأس قائمة أهم مائة شخصية أثرت في العالم، لا بل افضل شخصية على الاطلاق, وجاءت مؤامراتهم مرة بالكلمة، ومرة من خلال عصابات التكفير من شذاذ القول والفعل امثال: (داعش) ومن لف لفهم، ليمسوا الاسلام ورسوله الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم ) كما فعل أسلافهم... وختم السعدي كلمته بأبيات شعرية جميلة تندد بالذين أساؤوا الى رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم ).
ثم كانت الكلمة للمعاون العلمي لعميد كلية العلوم الاسلامية الأستاذ جاسم عبد الواحد، والتي ذكر فيها بعض فضائل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم ) وشمائله وأخلاقه.
ثم قرأ الشاعر محمد عبد الخالق قصائد من الشعر الشعبي نصرة للنبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم ) ولجيشنا العراقي الباسل.
ثم ارتقى المنصة سماحة السيد تقي الموسوي من قسم الشؤون الدينية، ممثلاً للعتبة العباسية المقدسة، والذي استهل كلمته بقول الله تعالى: (وانك لعلى خلق عظيم) ثم تدرج ليصف بعض فضائل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم بين ان الاساءة التي صدرت بحق النبي(صلى الله عليه وآله وسلم ) مترتبة على اساءات بعض المسلمين البعيدين عن منهج اهل البيت (عليهم السلام ) من خلال دس احاديث مكذوبة لا تليق بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم ) وتصفه بأنه لا يتورع عن الشهوات وعن سفك الدماء.
ثم اكد على ان يكون المسلم مطبقا لتعاليم الاسلام؛ كي يكون قدوة لغيره من المسلمين وغير المسلمين... وختم السيد الموسوي كلمته بالدعاء لكل الحاضرين بالتوفيق لطاعة الله والالتزام بشرعه القويم.
ثم جاءت كلمة الباحث الاسلامي فضيلة الشيخ مازن الكربلائي، والذي أكد على اهمية النظر الى مثل هذه المناسبة نظرة شاملة، وان توضع في سياقها الصحيح حيث قال:
لابد أن ننظر الى هذا الموضوع نظرة شاملة وليس من زاوية ضيقة، والبحث والعمل التجزيئي الذي يفصل الحلقة عن سلسلتها لا يستطيع أن يحيط بالحقيقة، وهنا يبرز اكثر من اطار يمكن أن يؤطر قضية الاساءة المتكررة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ), فالاطار الاول هو ما حصل خلال الاشهر الماضية منذ ازمة الموصل والى اليوم، ومرورا بكل الاحداث التي حصلت خلال هذه الفترة, وهناك ثلاث محطات اساسية في هذا الاطار.
المحطة الاولى: هي هجوم داعش والاحداث التي رافقته, والمحطة الثانية: هي الازمة الاقتصادية التي يريد الاعداء ان يوجهوها الى ساحتنا. والمحطة الثالثة: هي محطة الاساءة الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ), ولا يمكن بحال فصل هذه الحلقات عن بعضها, حيث ان هذه الحلقات يكمّل بعضها بعضا بسياق واحد, وهي كالتالي: هجوم داعش على الموصل, وعندما فشلت هذه المرحلة من خلال الفتوى المباركة للمرجعية الحكيمة، ومن خلال التفاعل الشعبي مع هذه الفتوى, الذي استطاع ان يحول هذا التهديد الوجودي الذي حصل في الموصل وما حولها الى فرصة للنمو والارتقاء، وتعزز ذلك من خلال ما حصل في الزيارة الاربعينية المباركة التي جسدت ارقى درجات النمو والوعي والتسامح والايثار... وبعد ان فشلت هذه المرحلة (تهديد داعش) انتقلوا الى مرحلة ثانية وهي افتعال ازمة اقتصادية من خلال انهيار اسعار النفط.
والمرحلة الثالثة: هي قضية الاساءة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) والاحداث التي ترتبت عليها, لذا لا يمكن ان نفصل حدث الاساءة عن الاحداث التي جرت في هذا السياق خلال هذه الاشهر السبعة الماضية, والفكرة المستخلصة من ذلك ان الواقع الاجتماعي العراقي بشكل خاص والاسلامي بشكل عام استطاع ان يحول التهديد الوجودي الى فرصة للنمو, وهنا يبرز سؤال هو: هل يمكن تحويل التهديدين الاخرين، الازمة الاقتصادية، والاساءة للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم ) الى فرصة نستطيع من خلالها الارتقاء والنمو؛ لكي نؤكد ان الاعداء حمقى حين قاموا بهذه الاعتداءات, وهذا هو السؤال الذي يمكن ان نوجهه للمجتمع، ونحن مدعوون جميعاً الى البحث عن الوسائل المختلفة لتحويل هذا التهديد الى فرصة.
أما بالنسبة للاطار الثاني الذي يمكن ان توضع فيه هذه المناسبة، هو ان الاساءة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) والى الاسلام ليست جديدة، فمنذ بدء الدعوة الى الاسلام كانت توجه اليه الاساءات، ولم تكن هناك نقاط ضعف في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى تتعطل هذه الدعوة, ولكن خلال العقدين الماضيين وخصوصا بعد انهيار (الاتحاد السوفيتي) تكثفت هذه الاساءات وهذا ما يدعو للتساؤل: لماذا؟ وان كانت الاساءات موجودة، لكن في العقدين الاخيرين كان هناك تركيز على الاساءة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) والاسلام.
ومن الطبيعي أن الغرب الذي له مصالح على مستوى العالم اقتصادية وسياسية واجتماعية وغيرها، كان له قطب او معسكر اساسي يواجهه وهو الاتحاد السوفيتي والمنظومة الشرقية, وكان الغرب يعمل جاهدا من اجل اسقاط هذه المنظومة.
وعندما سقط الاتحاد السوفيتي، رأى الغرب انه لا يوجد ندّ له الا الاسلام، بما يمثله من منظومة فكرية ثقافية قيمية قادرة على صناعة حضارة، وقادرة على بناء انسان، والاسلام هو التهديد الوجودي الوحيد للغرب بعد الاتحاد السوفيتي.
وعرج الشيخ مازن الكربلائي على كيفية صناعة الغرب لداعش لغرض ضرب الاسلام من خلال قاعدة سياسية متمثلة بآل سعود، ودينية متمثلة بالوهابية. وكذلك عرج الشيخ الكربلائي على المقارنة بين النظرية الماركسية والرأسمالية، ومدى خوف النظام الرأسمالي على مصالحه من انتشار النظرية الاسلامية؛ لأنها تشكل خطراً كبيراً على مجموعة من الافراد يمتلكون نصف ثروات العالم.
واستشهد الكربلائي على امكانية تحقق ذلك بالزيارة الاربعينية المليونية، مستدلاً على ان المجتمع الاسلامي يمتلك من القيم الاخلاقية من الخير والتسامح والايثار وغيرها على صناعة مجتمع قادر على مواجهة كل التحديات والنظريات.
وأكد الشيخ مازن الكربلائي على أننا نعيش معركة حقيقية، ولا أحد يستطيع أن يدافع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) غير المنتمين الى مدرسته الحقيقية ومدرسة أهل بيته (عليهم السلام ). ودعا الكربلائي الاكاديميين الى تنفيذ هذا المشروع، حيث عبر عنهم انهم على رأس هذه المسؤولية, إذ أننا - حسب رأيه - نحتاج الى مجاهدين من طراز اخر غير مجاهدي العمل العسكري، فالساحة الاقتصادية لها مجاهدوها، وكذا الساحة الفكرية والاسلامية.
وكان مسك ختام هذا الاجتماع قصيدة من الشعر العمودي للشاعر خالد الأسدي، بين فيها مشاعره تجاه الاساءة الموجهة للنبي الاكرم(صلى الله عليه وآله وسلم ).