المرجعيةُ الدينيةُ العُليا: تُطالب المعنيّين بسياسة البلد أن يقفوا وقفةً مسؤولةً
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيةُ الدينيةُ العُليا: تُطالب المعنيّين بسياسة البلد أن يقفوا وقفةً مسؤولةً تتناسب مع حجم المشكلة الاقتصادية
طالبت المرجعيةُ الدينيةُ العُليا المعنيّين بسياسية البلد أن يقفوا وقفةً مسؤولةً تتناسب مع حجم المشكلة الاقتصادية التي يمرّ بها البلد، وأكّدت على ضرورة إعادة النظر في الموازنة، وإعدادها بطريقة تتناسب مع وجود مشكلة حقيقية، مشدّدةً على ضرورة ضغط النفقات على أن لا يمسّ الطبقات المحرومة والفقيرة.
جاء هذا في خطبة الجمعة الثانية (24ربيع الأول 1436هـ) الموافق لـ(16/01/2015م) والتي أقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه) والتي جاء فيها:
"إخوتي الأعزّاء أخواتي المؤمنات أعرض على مسامعكم الكريمة الأمر الآتي:
إنّ الظرف الذي يمرّ به البلد من الناحية الاقتصادية يستدعي أن يقف كلّ الإخوة المعنيّين بسياسية البلد وقفةً مسؤولةً تتناسب مع حجم المشكلة، وأنّ المعطيات الحالية التي لها علاقة بوضع البلد الاقتصادي تُنبئ عن مشكلةٍ قد تحدث -لا سمح الله - إذا لم توضَعْ معالجاتٌ سريعة وواقعية.
إنّ الميزانية التي وضعها المعنيّون بها كانت قد اعتمدت سعراً معيّناً للنفط الذي هو العصب الرئيس لاقتصاد العراق في الوقت الحالي، ولكن سرعان ما هبط هذا السعر إلى أدنى من الحدّ الذي وضعت له، فضلاً عن عدم وجود احتياطيٍّ معتدٍّ به، ولا نعلم مدى دقة الأرقام التي تُذكر في بعض الأحيان عن كميات الصادرات وكمية العائدات، إذ أنّ ذلك له مدخليّة مهمة في حسابات الميزانية، ومع ذلك فلابدّ أن نلاحظ مجموعة أمور:
الأوّل: لابدّ من إعادة النظر في الموازنة وإعدادها بطريقة تتناسب مع وجود مشكلة حقيقية قد لا تنتهي في وقتٍ قريب، ونقصد بها الانخفاض الكبير في أسعار النفط، فإنّ أخذ الحيطة في هذا الظرف أمرٌ مستحسن وجيد، ولابدّ من وضع الدراسة والإعداد على أدنى مستوى يمكن أن يصل إليه الانخفاض.
الثاني: إنّ مسألة ضغط النفقات إلى أدنى حدٍّ ممكن هي مسألةٌ صحيحة، لكن لابدّ أن يُصار إلى مناقشة هذه الفقرة بشكلٍ دقيق، وهو إبقاء الأمور الضرورية فقط وإيقاف الصرف غير الضروري أو الكمالي، على أن لا يمسّ ذلك الطبقات المحرومة والفقيرة، وأن يُكافح الفساد المالي مكافحة حقيقية وجدية، مثلاً هناك بعض الأمور التي تُصرف من أجلها الأموال، لكن لا نجد لها تأثيراً واضحاً من قبيل كثرة الإيفادات إلى خارج العراق، ولعلّ هذا يشمل أغلب مفاصل الدولة فإنّ الإيفادات أصبحت سمة غالبة في وقتنا، وكم من مالٍ يصرف على ذلك، وما هي الفائدة التي انعكست على البلد، نعتقد أنّ هذا الأمر وأمثاله يحتاج إلى معالجة وهو ليس من الأمور المستعصية.
الثالث: إنّ مسألة ضغط النفقات لابدّ أن يرافقها بعض الإجراءات الحقيقة من الدولة، ولعلّ من جملتها الاعتماد على السوق الداخلية بالتبضّع، وقد ذكرنا ذلك مراراً لكن نريد أن نزيده توضيحاً، مثلاً بعض المحاصيل الزراعية التي تكون موسمية سواء في فصل الشتاء أو الصيف لا تحتاج إلّا الى دعمٍ بسيطٍ من الدولة والدولة قادرةٌ عليه، فبأدنى دعمٍ ستتوفّر هذه المحاصيل وتقلّ الحاجة الى الاعتماد على المادّة المستوردة بشرط أن يرافق ذلك حمايةٌ حقيقيةٌ لهذا المنتوج.
الرابع: سبق وذكرنا أيضاً أنّ بعض العقول الاقتصادية والمالية والكفاءات بصورةٍ عامةٍ لابدّ أن يسلّط الضوء عليها والاستفادة منها، ولعلّ في جامعاتنا من يستطيع أن يجد حلولاً كثيرةً ومتنوّعة وفي مجالات مختلفة شريطة أن يُهيّأ لها الظرف الجيّد وتستقطب من جهات الدولة المختلفة، وعليه لابدّ أن تنفتح الدولة على هؤلاء الأساتذة والعلماء باستشارتهم والأخذ بآرائهم في طريقة معالجة الأمور سواءً الأمنية أو الاقتصادية، سواءً في داخل العراق - هذه العقول - أو في خارجه، إذ أَلَيسَ من المُستغرب أن يوجد العشرات بل المئات من الطاقات العراقية المبدعة متفرّقين في دول العالم ومُنتجين فيها ونحن بأمسّ الحاجة إليهم؟.