المرجعية الدينية العليا تدعو الجميع لتجاوز أزمة الموازنة المالية وتعتبرها مسؤولية وطنية تضامنية
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعية الدينية العليا تدعو الجميع لتجاوز أزمة الموازنة المالية وتعتبرها مسؤولية وطنية تضامنية
طالبت المرجعية الدينية العليا من القوات المسلحة ألا تسمح بحصول ثغرة هنا أو هناك، كما حصل في بعض المناطق، فعادت العصابات الإرهابية إليها، بعد أن تم تحريرها ببذل الكثير من الأرواح والدماء، كما دعت الجميع للنهوض بحزم لمواجهة الأزمة المالية التي تشهدها الموازنة المالية لعام (2015م).
جاء هذا خلال خطبة الجمعة الثانية (3 ربيع الأول 1436هـ الموافق 26/12/2014م)، والتي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف، وكانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) والتي جاء فيها:
أيها الأخوة والأخوات أود أن أبين الأمرين التاليين:
الأمر الأول: تستمر منازلات الجيش وقوات البيشمركة والمتطوعين مع عصابات داعش الإرهابية في مختلف المناطق، وقد تحققت لهم انتصارات مهمة في العديد من مواقع القتال، خصوصاً في مطار تلعفر، ومستشفى المدينة، وتم استعادة أغلب قضاء سنجار في الأيام الأخيرة، فجزى الله تعالى الجميع خير الجزاء على بطولاتهم وتضحياتهم، والمأمول من قواتنا المسلحة البطلة ألا تسمح بحصول ثغرة هنا أو هناك، كما حصل في بعض المناطق، فعادت العصابات الإرهابية إليها بعد أن تم تحريرها ببذل الكثير من الأرواح والدماء.
إن المأمول منكم يا أبطال الجيش، ومن التحق بالجيش من المتطوعين عدم اعطاء أي فرصة للعصابات الإرهابية لتعود مرة أخرى للمناطق المحررة من إجرامها وشرورها، فإنكم بشجاعتكم وبسالتكم وتضحياتكم، قادرون إن شاء الله تعالى على الحفاظ على النصر وإدامته، والتقدم نحو بقية المناطق لتحريرها من هذه العصابات الإجرامية.
الأمر الثاني: في خضم الحديث المتداول حول كيفية مواجهة النقص في الموارد المالية المطلوبة لسد العجز في موازنة العام القادم، وما تبعه من تخفيض في الموازنة الاستثمارية التي ستؤثر بلا شك في تغطية المشاريع والخدمات التي يتأملها المواطنون منذ زمن طويل، وتقليلها لفرص العمل لعدد كبير من خريجي الجامعات وعموم المواطنين ممن هم بحاجة ماسة إليها لسد حاجاتهم الأساسية، فإن في مثل هذه الظروف والأحوال التي يمكن أن تكرر مستقبلاً، لا يصح أن يقتصر على إتخاذ إجراءات آنية عاجلة، وإن كانت هي مطلوبة بل وضرورية بكل تأكيد، بل لابد من وضع دراسة مالية واقتصادية شاملة من قبل مجموعة من أصحاب الاختصاص والخبرة تتشكل من جميع الوزارات والدوائر المعنية، ويمكن الاستفادة من تجارب دول أخرى مرت بظروف مشابهة.
إن المسؤولية تجاه هذه الظروف هي مسؤولية وطنية تضامنية أي يتحملها الجميع بدءاً من أعضاء مجلس الوزراء، وكبار المسؤولين في الحكومة، وأعضاء مجلس النواب وسائر موظفي الدولة وحتى عموم المواطنين.
والمطلوب هنا استشعار الجميع بأنهم مسؤولون في المساهمة كل حسب موقعه وقدرته للخروج من الأزمة، والوصول إلى الوضع الأفضل، فبالإضافة إلى ضرورة فتح واعتماد منافذ جديدة للموارد المالية الوطنية: كتطوير قطاع الصناعة والزراعة والسياحة، وتقديم التسهيلات للقطاع الخاص في المجالات المذكورة، لا بد من الاعتماد على الكفاءات الوطنية مهما أمكن، وعدم الاتكال على الخارج في ما يمكن توفيره محلياً من الاحتياجات والموارد.
إننا واثقون تمامنا بأن العراقيين عامة يتحملون المسؤولية، والبرلمان والحكومة بصورة خاصة لو استنهضوا هممهم، وقرروا وصمموا أن يعبروا هذه الظروف الاستثنائية بإرادة صادقة، وفجروا طاقاتهم وامكاناتهم العلمية والوظيفية، وتعاونوا على محاربة الفساد بإرادة جدية، فإن ذلك سيوفر للبلد أموالاً طائلة، ليتمكنوا بعون الله تعالى من تحقيق ما يأملونه من تجاوز هذه المرحلة من دون أن تتوقف عجلة التنمية والخدمات، مثلما حققت القوات المسلحة الكثير من الانتصارات في ميادين القتال والدفاع عن العراق وشعبه ومقدساته أمام هجمة العصابات الإرهابية.
كما أن الموظف في كل دوائر الدولة العراقية، مطلوب منه أن يستفرغ طاقاته وامكاناته مع ترشيد النفقات، وتجنب الاستهلاك غير الضروري، وان يعمل المواطن ايضاً على ترشيد استهلاكه في كل شيء؛ لكي لاتتحمل دوائر الدولة مصاريف باهظة: كالخدمات العامة من الكهرباء والماء والنظافة وغيرها... وان كثيراً من الدول لا تمتلك ثروات كما يمتلكه العراق من النفط وغيره، ولكنها استطاعت بفضل خططها الاقتصادية العلمية، وتحمل موظفيها ومواطنيها بصورة عامة للمسؤولية الوطنية في دعم اقتصاد البلاد باستفراغ طاقاتها العلمية والفنية، وترشيد استهلاكها، واحترامها للوقت والعمل، استطاعت أن تحقق تقدماً ثابتاً ساهم في استقرارها وسعادة مواطنيها.
ان التضحيات العظيمة التي يقدمها مقاتلو القوات المسلحة والمتطوعون بصورة عامة في ميادين القتال والمنازلة مع الارهاب، يجب أن يحاكيها اليوم كبار المسؤولين واصحاب الدرجات الخاصة وغيرهم في التضحية ببعض امتيازاتهم المالية وغيرها، وتقتضي من موظفي الدولة من اطباء ومهندسين وفنيين واساتذة جامعات وغيرهم ومن عموم المواطنين بذل تضحيات وجهود في ميادين العمل والبناء، واستثمار الطاقات والوقت لتوفير المال، وتقديم الخدمات بما يعين البلد على تجاوز الظروف المالية الراهنة.