أطروحة دكتوراه في جامعة بغداد تناقش قطع الكشاكيل الموجودة في متحف الكفيل
03-09-2025
منتظر العكابي
يعد متحف الكفيل في العتبة العباسية المقدسة من المتاحف ذات الإرث التاريخي لما يمتلكه من مقتنيات لها الأثر الكبير والفاعل في العالم الإسلامي والعربي، اذ يحتوي على الاف القطع النفيسة التي يمكن دراستها على حده، اذ أصبح بمثابة مؤسسات علمية وبحثية ومرجع علمي كبير للباحثين، اذ توفر بيانات دقيقة وتفاصيل كاملة وتشكل مادة علمية جاهزة للقطع المتحفية الموجودة.
ومنها (الكشاكيل) التي تعد من أبرز المفردات الأثرية لما لها من انعكاسات على المستويين الديني والفني في الحضارة الإسلامية، إذ كانت الأداة الأساسية التي اعتمدها المتصوفة في ممارسة شعائرهم وطرائقهم، ولم تقتصر على طبقة اجتماعية معينة، بل استخدمت من الفقير المتصوف حتى الأمراء والسلاطين.
وشهدت كلية الآداب بجامعة بغداد مناقشة أطروحة دكتوراه للباحثة ختام مهدي عبد الأمير الموسومة التي اهتمت بدراسة نموذجاً من قطع الكشاكيل الخاصة في متحف الكفيل تحت عنوان (الكشاكيل وعاء الصدقات في متحف الكفيل) وقد أُنجزت تحت إشراف الأستاذ الدكتور حيدر فرحان حسين الصبيحاوي.
وقال الأستاذ الدكتور حيدر فرحان المشرف على الأطروحة: "تعد الكشاكيل من أبرز القطع الاثرية التي لها الأثر الكبير في العالم الفني والديني ويمثل الكشكول جانبًا فنيًا راقيًا، أُبدعت في زخرفته عناصر ذات دلالات طقسية خاصة ومن المفيد أن نشير إلى أن الكشكول بوصفه وعاءً طقسيًا لم يأتِ من فراغ، بل له جذور في حضارات بلاد الرافدين القديمة، حيث استُخدمت الأوعية في الطقوس الدينية وشغلت حيزًا مهمًا من أدوات المعبد".
وأضاف: ان" من الناحية الأكاديمية فإن أطروحة الدكتوراة هذه تُعد الدراسة الأولى من نوعها على مستوى العالم الإسلامي، إذ لم يتناول أحد من الباحثين موضوع كشاكيل المتصوفة بدراسة أكاديمية مستقلة بهذا العمق بينما ما ورد في الكتب والدوريات لم يتعدَّ عرض كشكول أو اثنين ضمن دراسات وصفية أما هذه الأطروحة فقد غطّت بشكل شامل كل ما يتعلق بثقافة الكشكول من تسميات وجذور تاريخية ودلالات رمزية، وأنواع الكشاكيل، وطرائق صناعتها وزخرفتها ومقارنتها بما ظهر في المصورات الإسلامية، معتمدة على أربعين نموذجًا محفوظًا في متحف الكفيل للنفائس والمخطوطات في العتبة العباسية المقدسة) ".
وبين: " أن هذه الدراسة ستمهد الطريق لدراسات أخرى تعتمدها كمصدر أساسي ووحيد وفتح الأفاق امام دراسات جديدة وختامًا لا يسعني إلا أن أتقدّم بالشكر والتقدير والعرفان للعتبة العباسية المقدسة وإدارة متحف الكفيل، لما أبدوه من دعم ومساندة كان لهما الأثر الأكبر في إنجاح هذا العمل".
وفي الجانب ذاته قالت الباحثة ختام مهدي عبد الأمير: ان "الاطروحة تقدم دراسة اكاديمية متكاملة حول " الكشاكيل " وهو موضوع لم يخصص له كتاب مستقل سابقًا، رغم ما يحمله من رمزية وعمق وكان هدفي إيضاح الجذور التاريخية والدلالات الرمزية لهذا الوعاء، وتوثيق النماذج المحفوظة في متحف الكفيل باعتبارها تراثًا فنيًا وروحيًا فريدًا، وما لها من ارث تاريخي كبير في العالم العربي والتاريخ الإسلامي القديم".
وأضافت: أن "الدراسة اشتملت على تحليل تفصيلي للكشاكيل من حيث المواد المستخدمة، والزخارف النباتية والحيوانية، والكتابات التي تزينها، فضلًا عن رمزية شكلها الذي يحاكي هيئة السفينة، كما تطرقت الى الأصول التاريخية للكشاكيل وكل ما يخصها بدراسة تفصيلية".
وأشارت: أن "متحف الكفيل في العتبة العباسية المقدسة استطاعت من توفير كل التسهيلات الخاصة في عملية الدراسة والبحث التي ساعدت بدورها على انجاز العمل بشكل أكثر، التي وفرت لي كل التسهيلات من معلومات وصور ووثائق، وساعدتني بشكل مباشر في الوصول إلى التفاصيل الدقيقة اللازمة لإتمام هذا العمل الأكاديمي".
من جانبه، أوضح معاون رئيس قسم متحف الكفيل الدكتور شوقي الموسوي: أن "المتاحف لم تعد مجرد أماكن لحفظ القطع الأثرية أو صيانتها وخزنها، بل أصبحت بمثابة مؤسسات بحثية علمية، تُعنى بدراسة المقتنيات وصفياً وتاريخياً، بهدف تسليط الضوء على أفكار وطقوس وتقاليد الشعوب، إن استخدامنا لمقتنيات من التراث الإسلامي ومنها الكشاكيل يُسهم في حفظ وإحياء هذا التراث لا بعرضه فقط، بل بدراسته علميًا ونحن في متحف الكفيل نمتلك مقتنيات غنية تحتوي على بيانات دقيقة وتفاصيل كاملة يمكن أن تشكّل مادة علمية جاهزة للباحثين الجادين ممن يرغبون بدراستها وتقديم إضافات علمية رصينة من خلالها".
ويُشار إلى أن هذه الدراسة لا تعد الأولى التي تتناول مقتنيات متحف الكفيل بوصفها مادة للبحث الأكاديمي، إذ تأتي امتدادًا لأكثر من عشرين دراسة علمية سابقة توزعت بين أطروحات دكتوراه، ورسائل ماجستير، وبحوث علمية تناولت جوانب متعددة من موجودات المتحف وفنونه ومخطوطاته وتحفه، وهو ما يعكس المكانة الكبيرة لمتحف العتبة العباسية المقدسة كمركز تراثي ومعرفي يغني الدراسات الآثارية والفنية في العراق والعالم العربي.
والجدير بالذكر أن متحف الكفيل في العتبة العباسية المقدسة استطاع من توفير كل الاحتياجات الخاصة بعملية البحث التي تساعد الباحثين والمختصين بالشأن العلمي من انجاز بحوثهم من خلال اظهار كل المعلومات والتفاصيل الخاصة بالقطع المراد دراستها وتقديمها للباحث للخروج بعمل أكاديمي متميز.