معهد القرآن الكريم في النجف الأشرف يواصل بناء ملاكات قرآنية تربوية واعية

02-09-2025
خاص صدى الروضتين
أحمد العرداوي
حين تتلاقى أنفاس العلم بنبض الرسالة، يولد مسارٌ من النور تمضي فيه العقول نحو ارتقاء الفكر، والقلوب نحو عمق الفهم، وفي النجف الاشرف، مدينة الحرف والفقه، لا تزال منابر التهذيب تضاء بكلمات القرآن الكريم، وتروى بماء الفكرة النقية، المجمع العلمي للقرآن الكريم التابع للعتبة العباسية المقدسة في النجف الاشرف يواصل مشروعه الرائد، لتوسيع القاعدة القرآنية في المجتمع، وتعزيز البنية التربوية والتعليمية لدى الملاكات التدريسية، وتنمية مهارتهم القرآنية والتربوية، لذلك اطلق المجمع دوراته التطويرية الخامسة لمعلمي التربية الإسلامية ومدرسيها في النجف الاشرف، لإعدادهم معرفيًا ومهنياً بما يواكب تحديات العملية التعليمية الحديثة، وتسهم أيضا في ترسيخ الثقافة القرآنية في نفوس الطلبة ومجتمعاتهم.
وشهدت الدورة مشاركة 40 معلمًا ومدرسًا، واستمرت لمدة ثمانية أيام، بمعدل ثلاث محاضرات يوميًّا، تناولت موضوعات متعددة، منها: أحكام التجويد، وتنمية شخصية الطالب، الهدف منها هو تطوير مهارات معلمي ومدرسي التربية الإسلامية، والارتقاء بمستوى هذه الشريحة المهمة بما ينعكس إيجاباً على طلبة المدارس، ويسهم في نشر الثقافة القرآنية في اوساطهم التعليمية والاجتماعية.
وقال مدير المعهد الدكتور مهند الميالي: إنّ "الدورة التي قدّمها السيد حيدر الكعبي والقارئ همام الطفيلي؛ تهدف إلى تعزيز مهارات المعلمين في مجال التربية الإسلامية والقرآن الكريم؛ لنشر الثقافة القرآنية في المجتمع".
وأضاف: أنّ "الارتقاء بالمستوى العلمي والتربوي لهذه الفئة سينعكس بشكل إيجابي على الطلبة، ويسهم في ترسيخ ثقافة القرآن الكريم في البيئة التعليمية والاجتماعية".
وبيّن الميالي: أنّ "المحاضرات يُشرف عليها نخبة من الأساتذة المتخصصين من الحوزة العلمية والجامعات العراقية" مشيرًا إلى أنّ "محاور الدورة تنوّعت لتشمل علوم القرآن الكريم، والتفسير، وأحكام التجويد، وبناء شخصية الطالب، ودراسة تحليلية للعملية التربوية، فضلًا عن دور القصص القرآنية في تربية الفرد والتأثير فيه".
من جهته قال أحد ملاكات المعهد السيد محمد علي رشيد: إنّ "عددًا من معلمي التربية الإسلامية ومدرسيها شاركوا في هذه الدورة التطويريّة؛ لتنمية مهاراتهم عَبرَ تلقي دروس متنوعة ومتخصصة لإثراء معرفتهم وتعزيز القدرات التدريسية لديهم" لافتًا إلى أنّ "الدروس يلقيها عدد من فضلاء الحوزة العلمية وخبراء في الإرشاد التربوي وطرائق التعليم الفعّالة".
وأضاف: أنّ "الدروس شملت محاضرات في طرائق التدريس، وأحكام التجويد، وإضاءات في العقائد الإسلامية، ودور المعلم في إعداد جيل رشيد، والبعد الروحي في العبادات، والتربية في ضوء القرآن والسنة المطهرة، والتعلم النشط".
من جانبه ذكر أحد ملاكات وحدة التلاوة في المعهد السيد علي الزبيدي: أنَّ "أربعين أستاذًا شاركوا في الدورة التي استمرت لأيَّام عدّة؛ بهدف نشر الثقافة القرآنية في المجتمع عَبرَ إعداد ملاكات تعليمية مؤهلة ومتمكنة وقادرة على نقل المعرفة والقيم الإسلامية إلى الأجيال القادمة".
كما بيّن أحد المشاركين في الدورة السيد حسن عبد علي: أنّ "الدورة تناولت شرحًا مفصلًا لأبرز أساليب التدريس وطرائقه الحديثة في مساعي إلى إثراء المشاركين والارتقاء بمهاراتهم الخاصّة في ترتيب موضوع الدروس وشرح المادة العلمية للطلبة، فضلًا عن اتباع الوسائل التعليمية المناسبة لكل موضوع".
وقد حظيت محاضرة الشيخ عليّ الغزّي -في اليوم الأخير للدورة- عن (القصص القرآنيّ في التربية والتأثير) باهتمام واسع من المشاركين؛ لِما قدّمته من رؤى تربويّة تبيّن أثر القصص القرآنيّ في غرس القيم والأخلاق لدى الطلبة، بما يواكب متطلّبات الواقع التعليمي والاجتماعي.
واختتم المجمع العلمي للقرآن الكريم فعاليات دورته التطويرية الخامسة، في حفل أقيم تكريما للجهود التعليمية والمضامين المعرفية التي قدمتها الدورة على مدى ثمانية أيام ضمن برنامج تدريبي مكثف، في بيئة علمية هادفة ومثمرة، وتم تكريم المشاركين في الدورة، وسط اشادة من إدارة المعهد بحرصهم وتفاعلهم، مع التأكيد على أهمية استمرار مثل هذا البرامج النوعي، التي تمثل رافدا حيويا لمسيرة التعليم الديني القرآني في المجتمع، وتسهم أيضا في تنمية قدرات المعلمين والمدرسين في نشر الثقافة القرآنية في البيئة المدرسية والتربوية.
بهذا المسار المتواصل من التأهيل والعطاء، يثبت المجمع العلمي للقرآن الكريم في العتبة العباسية المقدسة أن الاستثمار الحقيقي يبدأ من بناء الإنسان، وتحديدا من المعلم، بوصفه حجر الزاوية في صناعة وعي الأجيال، فالدورات التطويرية الخامسة المخصصة لمعلمي ومدرسي التربية الإسلامية في محافظة النجف، ليست مجرد نشاطات وقتية، بل هي خطوات مدروسة لترسيخ حضور القرآن في العملية التربوية والتعليمية، وتأصيله في واقع المدرسة والمجتمع معا، ليبقى النور ممتداً، والعطاء مستمراً.